جبران خليل جبران مصورا

الإثنين، 14 سبتمبر 2009 11:28 م
جبران خليل جبران مصورا الشاعر والفنان جبران خليل جبران

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

السفير يسرى القويضى

عرف المثقفون فى العالم العربى خلال أواخر القرن 19 وأوائل القرن 20, جبران خليل جبران (1883 – 1931) شاعرا وكاتبا فيلسوفا فى الأساس, وعرفوا أيضا أنه مارس الرسم والتصوير, لكنهم لم ينتبهوا كثيرا لإنتاجه الفنى من رسوم ولوحات, ويرجع ذلك إلى أن استقبالهم للكلمة المطبوعة والكتب فى ذلك الوقت كان متاحا بسهولة عبر البريد, بينما لم يكن ممكنا رؤية الرسوم واللوحات لتواجدها بعيدة عنهم, فى الولايات المتحدة الأمريكية, ولم تكن الطباعة وقتها قادرة على إعطاء صورة حقيقية لهذا الإنتاج, وبشكل يمكنهم من تقدير إنتاجه التشكيلى.

هذا بالإضافة إلى أن الأوساط الثقافية العربية فى ذك الزمان لم تكن قد انفتحت بتوسع على الأنماط والأساليب الغربية فى التصوير الحديث.
وأعترف بأنى, مثل آخرين, وقعت فى هذا الفهم الخاطئ, وكلما تردد اسم جبران خليل جبران أتذكر كتابه الأشهر" النبى", ويترائى فى مخيلتى رسم لوجه بالقلم الرصاص, وهو كل ما عرفته من إنتاج جبران التشكيلى, إلى أن أتيحت لى مؤخرا فرصة زيارة متحفه فى بلدة بشرى (تنطق بشرّا) فى جبال شمال لبنان, فوجدت فنانا تشكيليا عملاقا, متمكنا من خطوطه ورسومه بالفحم والرصاص, وكذلك فى اللوحات الملونة بالألوان المائية والزيتية على السواء.

يزخر تاريخ حركة الفن التشكيلى فى لبنان بالعديد من الفنانين اللذين تلقوا تدريباتهم الفنية بفرنسا ( فى توقيت يتقارب كثيرا مع بدايات التصوير الحديث فى مصر, والبعثات الفنية المصرية إلى أوروبا للدراسة) وحمل هؤلاء العائدون إلى لبنان لواء الفن التشكيلى فى بلادهم, فتفاعلوا مع مجتمعهم, ودربوا أجيالا جديدة بعدهم, ولكن قلما يرد ذكر جبران خليل جبران ضمن هؤلاء, لأنه عاش جل حياته فى المهجر, لم يكن له تلاميذ ومريدون فى لبنان, وبقى إنتاجه الفنى فى الولايات المتحدة طيلة حياته, ولم تصل لوحاته إلى لبنان إلا فى فترة لاحقة بعد وفاته, عندما شرع فى بناء متحفه فى البلدة التى ولد فيها.
كان جبران مولعا بالرسم والتصوير منذ طفولته وشبابه, وخلال وجوده بالولايات المتحدة الأمريكية تعرف على السيدة مارى هاسكل, التى أبدت إعجابها بإبداعاته الأدبية والتشكيلية, فساعدته على السفر إلى باريس عام 1908 ومكث بها حتى عام 1910, وخلال مكوثه بعاصمة النور التحق بعدة أكاديميات للتدرب على التصوير, وتعرف على العديد من الفنانين واكتسب مهارة فنية تتجلى فى اللوحات التى يضمها متحفه فى بلدة بشري, وتعكس تلك اللوحات شاعريته ونظرته الفلسفية للحياة والموت, وللوجود الإنسانى بصفة عامة, فيستخدم الرموز ويستعين بالأساطير القديمة لإبراز الأفكار, والأحاسيس التى تعتمل فى داخله.

لقد امتلك جبران قدرة فائقة فى اختيار ألوان تتلاءم مع الروح الفلسفية التى تبثها لوحاته, ألوانا مغلفة بغموض, مظلمة أحيانا ومضيئة أحيانا أخرى, تؤكد على الصراع الدرامى للموضوعات التى يتناولها, كل ذلك بأسلوب المدرسة الأكاديمية الفرنسية التى تلقى تدريبه فيها, لهذا فأعماله الفنية تذكرنا, مع بعض التحفظ, بالالتزام الأكاديمى لبعض الرواد لدينا أمثال أحمد صبرى ومحمد حسن.

بعد زيارتى لمتحف جبران تبدلت صورته عندى, فبعد أن كنت أراه أديبا يرسم, رأيته فنانا تشكيليا يهوى الأدب ويقرض الشعر. إن رسومه ولوحاته جديرة بالمشاهدة، لأنها تثير من الأفكار والأحاسيس ما لا يقل عن تأثير كلماته وشعره. وقد زاد من سرورى أن عددا من المهتمين بالثقافة لدينا انتبهوا إلى أعمال جبران التشكيلية, كما فعل اليوم السابع عندما نشر يوم 5 أغسطس 2009 تقريرا عنوانه "جبران خليل جبران فنان تشكيلى".





مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة