كميل حليم

إضراب الأقباط

المسمار الأخير فى نعش قمع حق الاعتراض

الإثنين، 14 سبتمبر 2009 01:50 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
وعدنا عسكر يوليو بإرجاع السيادة للشعب المصرى ، وتحقيق الإصلاح والعدالة وتحرير الشعب من أيدى الظالمين والأغنياء الفاسدين الذين أسموهم بالإقطاعيين، وطلب عسكر يوليو من الشعب التحمل والتنازل مؤقتا عن حق الإعتراض والمعارضة لحين فترة إنجاز الإصلاح. وأبتلع الشعب الطعم وطالت مدة القمع وأصبحت جزء من حياتنا ، وسلب العسكر الشعب المصرى أهم حقوقه الدستورية وأنزل العسكر أقسى وأقصى العقوبات على كل من أنتقدهم أو أبدى رأى مخالف لهم، فألغوا الأحزاب وحولوا الصحف إلى صحافة سوداء لا هم لها غير امتداح الحاكم الإله الذى لا يخطئ فى كل ما يفعله وملأوا السجون بصفوة المفكرين من أبناء مصر .

وبعد انتهاء فترة حكم عبد الناصر والسادات بدأنا مرحلة جديدة استخدم النظام فيها سبل كثيرة من خداع الشعب مدعياً فك بعض قيود حق التعبير والإعتراض كالسماح بإصدار بعض الصحف المستقلة وتكوين بعض الأحزاب الورقية وأصبح كل شئ على ما هو عليه بل من سئ إلى أسوء واستمرت نظرية العسكر فى سلب الشعب المصرى حق المعارضة أو الاعتراض.

وخلال الستين عاما الماضية اشتركت مصر لكونها مركز الثقل الثقافى فى الشرق الأوسط بتلك الأفكار مع باقى بلاد المنطقة ذات الحكم الديكتاتورى كسوريا وإيران والمغرب وتونس وغيرها فى تدعيم فكرة السلب القمئ لحقوق الشعوب فى المعارضة والاعتراض.

وفى مقابل سحر السلطة اللا متناهى استباحوا كل شئ وكانت غايتهم الخبيثة مبررا لكل شئ فدفع الكثيرون ممن حاولوا الدفاع عن حقوق الشعوب ثمناً باهظاً فامتلأت بهم السجون، وتيتمت الأطفال وترملت الزوجات وتشرد الكثيرون خارج بلادهم ولا يستطيعون العودة لأن مصيرهم معروف أما عن من قتلوا أو اختفوا فى ظروف غامضة فتعجز الإحصائيات عن إحصائهم .

فترة سوداء محزنة من تاريخ مر بطعم العلقم ونفق طويل مظلم مشيناه لكنه يظهر بصيص من النور واضحا، مؤكدا أننا على مشارف الخروج من تلك الظلمة الحالكة والنفق البغيض.

وما حدث فى انتخابات إيران الأخيرة وما حدث بمصر بإضراب 6 أبريل فى العامين الماضيين، وما نراه اليوم من إضراب الأقباط السلمى، ما هو إلا بداية جديدة للشعوب المقهورة فى الشرق الأوسط لاسترداد حق مهم جدا من حقوقهم المسلوبة من هؤلاء الحكام المستبدين.

ومن المؤكد أن النظام الديكتاتورى الحاكم يعلم جيداً أن القادم ما هو إلا بداية الزلزال الحقيقى وبداية مرحلة جديدة من حكم الشعب لنفسه وأستراد حقوقه المسروقة أو المسلوبة.

والتالى هو ما حدث فى الشهرين الماضيين بخصوص حقوق ملايين الأقباط فى التظاهر والإضراب:

قبيل زيارة الرئيس مبارك الأخيرة للولايات المتحدة الأمريكية بدأ الحزب الحاكم فى ترتيبات كثيرة لمحاولة تهدئة الأقباط فى الولايات المتحدة حتى لا يتظاهروا خلال زيارة مبارك وأرسل الحزب الحاكم بمعظم شخصياته المهمة "من وجهة نظره " أمثال الدكتور مصطفى الفقى والدكتور ثروت باسيلى لإقناع الأقباط أن فكرة التظاهر هى فكرة غير وطنية ويجب أن يتنازل الآقباط عن حقهم الدستورى من أجل مصلحة مصر، بل إن الطلبات وصلت إلى حد التهديدات، حيث هدد الدكتور الفقى المحامية دينا جرجس داخل كنيسة السيدة العذراء بواشنطن حتى أنه وصل إلى توعدها على الملأ برفع قضية ضدها شخصيا لأنها حاولت فقط أن تناقشه أو تختلف معه فى الرأى، كما هددنى أنا شخصيا الدكتور ثروت باسيلى بأنه سيقوم بإبلاغ السلطات عنى، بالرغم أننى حاولت أن أشرح له مرارا وتكرارا أننى ليس لى دور فى المظاهرة ولكنى أشجع فقط على حق التظاهر وهو حق دستورى، ولكنه كان مصمماً على توصيل الرسالة لى لإرهابى وإثنائى عن المشاركة بالمظاهرة، حتى أوصلنى أن أعلنها له صراحة وعلى بلاطة أننى لن أسكت على نظام ديكتاتورى بدون اعتراض.

ما حدث معى أنا ودينا جرجس هنا على بعد ألاف الأميال يتكرر اليوم مع الأقباط فى مصر لإرهابهم ومنعهم من إستخدام حقهم الدستورى فى مجرد التعبير السلمى عن اعتراضهم ولو كان بمجرد عدم الخروج من منازلهم أو ارتداء الملابس السوداء إذا أضطروا للخروج، وسلط النظام كل أسلحته ضدهم لإجهاضهم ومارس عليهم كل الضغوط من الكنيسة لإعلان اعتراضها على فكرة الإضراب ، وأطلق عليهم صحفه الحكومية السوداء، وزبانيته من أمن الدولة لمنعهم بكافة الوسائل عن مجرد التعبير عن مطالبهم أو أعتراضهم على ما وصلوا إليه، وكل ذلك ليس حبا فى الوطن أو حفاظا على سلامته، ولكن لإلقاء كرة نار مشتعلة بين قطبى الدولة المصرية.

إن إضراب 11 سبتمبر ما هو إلا بشرى للشعب المصرى بإجماعه وإنذار للحكام المستبدين بأن الوقت قد حان لإستعادة الحكم للشعب من أيدى الديكتاتورية، وسيكون بداية حقيقية للمشاركة السياسية للملايين من الشعب المصرى الذى عودته الثورة أن يظل ساكناً خانعاُ للظلم والقهر والفساد .

حق الاعتراض بالإضراب والتظاهر السلمى هو بداية المشاركة فى انتخابات نزيهة وحرة تأتى بمن يستحق أن يتولى ويحافظ على الثقة الممنوحة له من جموع الشعب والذى يستطيع الشعب الذى أتى به أن يحاسبه ويعترض على تصرفاته، أنه بداية أن يعرف الأقباط مدى أهميتهم وثقلهم كجزء لا يتجزأ من الشعب المصرى الذى لن يستطيع النظام وصحافته وأمن دولته أن يشق ما بينهم من تلاحم مصيرى يصعب عليه أن يفهم مدى قوته وجذوره، ولعلى أود أن أؤكد أن الذى اشترك فى الانتخابات الماضية 20% ممن لهم حق التصويت، ولو شارك الشباب المسلم الذين يئسوا من نزاهة الانتخابات ونجح معهم الشباب القبطى برفع تلك النسبة بإشراك الأقباط فى الانتخابات القادمة فسترتفع النسبة إلى 50% وسيصعب على نظام مستبد أو أى نظام أن يزور أصوات 40 مليونا مهما أوتى من أمن الدولة وأمن مركزى. ووقتها أؤكد للجميع أن القادم سيحسب ألف حساب للشعب بمسلميه وأقباطه.

فإلى الأمام يا مصر فقد بدأت حركة إرجاع الحكم والحق للشعب المصرى الذى تحمل كثيراً، وبشرى لباقى شعوب شرقنا الأوسط المقهور فالشرارة لن تنطفئ وستكوى باقى المستبدين الظلمة وتنير الطريق نحو العدل والحرية.





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة