لم يكن عيدا فتأتى
كان وجه الأرض محرورا وكان الصيف
مزموما على ناصية الأرض
يلم الخوخ والتفاح.. يطوى لافتات البحر
كى يمضى فترتاح الينابيع
ويأوى الحقل للأمطار، والأشجار للريح
ولم يأت الخريف
لم يكن عرسا فتأتى
يهرب الصيف من الأزهار والنسمة
لا يخبر صيادا، ولا يترك عنوانا لملاح
ولا يستأذن العشاق، أو يلقى على الأرض تحية
كيف لم يعتذر الصيف من الأكواخ؟
لم يسأل عن أسرار الغابات؟
ما ألقى إلى جارتنا السمراء فى الخيمة قنديلا
ولا شالا، ولم ينذر قرانا
نحن لا نمتهن الصيف ولا نبكى عليه
حين يمضى حاملا وزر يديه
لم يكن عشقا ولا خوفا إذا جعنا إليه
أيّهذا الفصل هل تأتى إذا سرنا إليك
حين سموك فدائيا تسابقنا وقدمنا القرابين
تطهرنا وألقينا خطايانا عليك
كان وجه الأرض محرورا
ولم يلتجئ الحقل إلى الأمطار
والأشجار للريح، ولا هاجرت الشطآن
من أين مضينا؟ وإلى أين أتينا؟
نحمل الأوزار والتفاحة الأولى
ولم نسمع صدى أصواتنا العرجاء، ولم نعثر على نار
وما آنست النار إلى وقع خطانا
أيهذى الأرض، يا أرض الجهات الضائعة
أنت يا وجه خطايانا، ويا قدوسة الأحزان
يا قنديل هذا الوجع الكونى.. دورى مرتين
مرة من أجل عينيكِ، ودورى مرة يكتمل التدوير
أو يأتى الخريف أنت يا أرض ترحنا عن الصيف
وضيعنا ختانا، فتواثبنا على سرتك السمراء
قاتلنا وحوش البحر، كى نظفر بالرقص لديك
ربما ضيعنا دهليزك السرى
فى دوامة المعراج، أو فى زادك الشهرى
-لا فرق– إذا فزنا بتفاح يديك
لم يكن عيدا، ولا عرسا فيأتى الفرح الطاغى
ويأتى فصلنا المسكون بالتخريب والبشرى
يزف القمر الأرضى للأطفال، والأمطار للنبع
وضوء الريح للأشجار، والحقل يغنى فى القلوب اليابسة
حين سموها بلادا صادرتنا.. سجن الحراس عينيها
فتاهت فى برارى الأشقياء
هرب الصيف، وبغداد، وبيروت، وعمان
وما جاءت فلسطين، ولا عاد فتانا
نحن أرسلناه فى الليل، وسمينا بقاياه البطل
وتقفيناه فى السر، وشيعناه فى الجهر شهيدا عربيا
أين وهران؟ تساءلنا، ولم نسمع صدى للصوت يا تونس
من أين خرجنا؟ وإلى أين دخلنا؟
أيها الحلم الذى صفق فى الأفق وطارا
نحن ضيعناك؟ أم ضعت على قارعة الموت انتظارا
فلماذا لا تدور الأرض كى يأتى شتاء وثنى دموى
يحرث الأشياء كى يرحل ما لا ينفع الناس غثاء
والذى ينفع يبقى أخضر من شفة التأريخ والأرض
ويأتى الحلم الباهر طفلا عربيا
فانهضى يا أمة الجرح
ودورى يا فصول الزمن الوحشى
طوفى لهبا يغسل هذا الليل من وجهى
ويلقى الضوء فى دربى فأرتد سويا
عبد الناصر عبد الرحيم أحمد يكتب: وسمينا بقاياه البطل
السبت، 12 سبتمبر 2009 12:27 م