تواصل الصحف العالمية اهتمامها بمسألة ترشيح وزير الثقافة فاروق حسنى لمنصب مدير منظمة اليونسكو التابعة للأمم المتحدة، والذى سيتحدد مصيره بنهاية الشهر الجارى. ونشرت صحيفة الجارديان البريطانية اليوم مقالاً للكاتب من أصل مصرى خالد دياب يتحدث فيه عن الخلفيات السياسية والثقافية لحسنى والموقف داخل مصر وعلى مستوى العالم منه.
ويستهل الكاتب مقاله بالقول إن مصر باعتبارها موطناً لمعظم مواقع التراث العالمى الشهيرة ومركز الثقل الثقافى فى الوطن العربى، فإنه ينبغى أن يكون منصب مدير عام منظمة اليونسكو القادم منها. لكن محاولات وزير الثقافة فاروق حسنى للحصول على هذا المنصب أثارت جدلاً كبيراً داخل مصر وخارجها.
فنظراً لأنه لا يحظى بشعبية كبيرة داخل مصر، شارك حسنى فى العام الماضى فى الهجوم على إسرائيل عندما أدلى بتصريح صادم بالنسبة لرجل يفترض أنه مسئول عن الثقافة بأنه إذا كان بإمكانه إحراق كل الكتب الإسرائيلية فى مصر لفعل، مما أثار غضب إسرائيل واليهود فى العالم كله، ورغم ذلك فإن إسرائيل سحبت معارضتها لترشيحه.
وفى الداخل، فإن المصريين منقسمون حول ترشيحه. فيشعر الكثيرون بالغضب من احتمال أن واحداً من أكثر الرجال الذين يثق بهم الرئيس مبارك ومن المخلصين له، ناهيك عن أنه أقدم وزير والمفضل للسيدة الأولى، قد يصبح الممثل العالمى للثقافة والعلوم والتعليم.
لكن حسنى ليس سوى وزيراً للثقافة، وبالتأكيد هو ليس مسئول عن تجاوزات النظام، كما يتحجج البعض. لكن إذا لم يكن حسنى متورط بشكل مباشر فى الانتهاكات التى ترتكبها الحكومة إلا أنه يستخدم مواهبه كفنان تشكيلى لطمس وتغطية الوجه القبيح للنظام بقناع من الهيبة التى تحتاجه المكانة. وتشير بعض التقارير الإعلامية إلى أن مبارك يعتبر قضية اليونسكو برمتها مسألة فخر لحكومته.
وبشكل أكثر غموضاً، فإن حسنى قام بدوره فى الحد من حرية الصحافة وحرية التعبير لأسباب سياسية وشخصية، وقد وصفه أحد المدونيين فى مصر بـ"ديفا" بسبب القائمة السوداء من الفنانيين الذين رفضوا استلام جوائز من وزارته.
ولا تقتصر معارضة حسنى على الليبراليين والتقدميين فقط، فالرجعيون والمحافظون يعارضونه أيضا ولكن لأسباب مختلفة. فهم يرون أن الثقافة والفن انحلالاً وفساداً، إضافة إلى ذلك، فإن الأراء الثقافية لحسنى والتى تعد تقدمية قد أطلقت العنان لعواصف الرأى العام ضده على مر السنين.
وبعيداً عن الخلفيات الشخصية والثقافية لحسنى، تساءل الكاتب عما إذا وزير الثقافة يمتلك المؤهلات اللازمة لمنصب اليونسكو. ويجيب قائلاً: إنه على الرغم من سجله المثير للتساؤلات فى حرية التعبير، إلا أن حسنى لديه خبرة تفوق العقدين، وحقق نجاحات كبيرة بما فيها إنشاء متاحف جديدة ومراكز للفنون ومسارح حكومية ومشروع إعادة كتابة تاريخ القاهرة ومؤسسة تمويل التنمية الثقافية.
لكن تظل حقيقة أنه يمثل نظام قليلاً ما يستثمر فى التعليم والعلوم والثقافة، وهى أسس منظمة اليونسكو، وكذلك يحد من الحريات الخاصة بمواطنيه. وينهى دياب مقاله متسائلا: إذا لم يكن هناك رئيس عربى لليونسكو، فهل هناك مرشحين آخرين أفضل منه؟.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة