هل حقا يشهد الشرق الأوسط حربا باردة بين الدول الإسلامية؟ وهل بالفعل قضية الحوثيين الشيعة فى اليمن هى أحد أطراف الحرب الباردة بين إيران والمملكة العربية السعودية؟ فلقد ذكرت صحيفة لوس أنجلوس تايمز أن 100 متمرد شيعى باليمن لقوا حتفهم، وأن 100 ألف آخرين بدأوا فى الفرار من منطقة صعدة شمال غرب البلاد بعد أن هاجمت الحكومة التى يهيمن عليها السنة مواقع المتمردين بالدبابات والمدفعية والضربات الجوية، وذكرت تقارير صحفية أخرى أن المتمردين ردوا بوابل من صواريخ الكاتيوشا. وقد أشارت صحيفة فورين يوليسى إلى أن الجولة الحالية من القتال والتى دخلت فى أسبوعها الثانى هى الانتفاضة السادسة فى هذا المجال منذ عام 2004.
ولكن ما يثير هذا الملف المتطور هو الاتهامات بوجود تدخل أجنبى فى النزاع، وقد اتهمت الحكومة اليمنية إيران بتمويل وتسليح المتمردين الشيعة "الحوثيين"، وفى المقابل ذكرت وسائل الإعلام الإيرانية أن قوات عسكرية تابعة للمملكة العربية السعودية قد انضمت إلى القتال، وقد أقرت الحكومة السعودية بإجراء مشاورات مع اليمن لكنها نفت أى مشاركة مباشرة من جانب قواتها.
وهناك نقص فى الأدلة على التدخل الأجنبى، لكن وزير الخارجية اليمنى يشعر بالقلق الكافى مما دفعه لاستدعاء السفير الإيرانى فى مكتبه وأبلغه احتجاجه، وبينما كثف وزيرا الدفاع السعودى واليمنى مشاورتهما، تذكر الخدمة الإخبارية الإيرانية التى تصدر بالعربية أن الجولة الأخيرة من القتال تتضمن دعم السعودية للحكومة اليمنية.
وترى الـ "فورين بوليسى" أنه حتى لو كان الدعم المادى الفعلى من الجهات الأجنبية فى تلك الحرب الأهلية هو فى أدنى مستوى له فإنه الصراع على الأرجح هو أحدث جبهة فى توسيع نطاق حرب الوكالة بين إيران والمملكة العربية السعودية، فالمحاولات الإيرانية لربح نفوذ الشيعة فى شرق السعودية والعراق والخليج الفارسى شىء يختلف عن دعمها للتمرد فى اليمن، ففى الحالة الثانية يرى بعض المسئولين الغاضبين فى السعودية أنها خطة إيرانية للسيطرة على حركة الشحن بالبحر الأحمر.
والآن هناك بعد آخر للتنافس السعودى الإيرانى، فعلى الرغم من امتلاكها أكبر احتياطى للنفط الخام فى العالم، فإن الحكومة السعودية قد أعلنت مؤخرا عن خطط لبناء محطة للطاقة النووية رغم أن الأمر سيستغرق سنوات عديدة لبناء الكفاءة اللازمة فى مجال الهندسة النووية، وعلى صناع القرار السعوديين أن يهتموا بتأسيس الخبرة النووية كاستراتيجية تحوط ضرورية.
فسباق التسلح النووى والحروب بالوكالة هما اثنان من السمات البارزة فى تنافس الحرب الباردة بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتى، ولا يجب أن نندهش حينما نرى تكرار هذا السلوك بين السعودية وإيران، ولكن إيران تمتلك عددا كبيرا من الرؤوس النووية لذا ستضطر السعودية إلى الاعتماد على أصدقائها من أجل الحماية مع محاولة اللحاق بالركب.
فورين بوليسى: "معركة الحوثيين" بداية لحرب بين السعودية وإيران
الثلاثاء، 01 سبتمبر 2009 11:54 م