بعد شهور من التردد، قررت بلدية روتردام أن تواجه الحقائق: التوجه الأيديولوجى لطارق رمضان لا يتفق ومنصبه كمستشار لشئون الاندماج والتعددية الثقافية، والذى أُثير جدل كبير حوله منذ توليه إياه. هكذا قدمت كارولين فورست فى مقال نشرته صحيفة "لوموند" الفرنسية تعليقا على قرار روتردام وقف التعامل مع المفكر الإسلامى طارق رمضان، حفيد الشيخ حسن البنا، مؤسس جماعة الإخوان المسلمين .
تشير الكاتبة فى بداية المقال إلى الأزمة التى سبقت هذا القرار والخاصة بتصريحات رمضان عن المثلية فى إحدى الصحف التى تهتم بشئون المثليين جنسيا، واعتبار الإسلام لها بأنها "تكشف عن اضطراب وخلل وعدم توازن"، الأمر الذى أثار قلق بعض جمعيات المثليين إزاء مواقف رمضان المنتقدة لهم.
وقد تمكن طارق رمضان آنذاك من الخروج من هذا الموقف، عن طريق استغلاله لتعبير آخر كان قد استخدمه وأُخرج من سياقه، لينفى كل ما قاله جملة، على الرغم من أن ما الجملة التى أثارت ضده اللوم قد وردت بالنص فى كتابه "هل يمكن العيش مع الإسلام؟".
وتنتقد الكاتبة مواقف طارق رمضان من أمور أخرى تظهر فى كتاباته مثل مناهضته فكرة الزواج المختلط بين مسلمة وغير مسلم، وقيامه بنهى أتباعه عن الذهاب لحمامات السباحة المختلطة، واعتباره الإسلام الحداثى "إسلاما .. دون إسلام" وكذلك اعتزازه بحسن البنا، مؤسس حركة جماعة الإخوان المسلمين، واعتباره نموذجا يُحتذى به.
تستمر الكاتبة فى انتقاد أيديلوجية طارق رمضان قائلة إنها، على الرغم من صعوبة "فك رموزها"، إلا أنها بسيطة جدا. فهى تقوم على تمرير التشدد السياسى كموقف وسط بين الإسلام السلفى والإسلام الحديث، مما يؤدى بالتالى إلى اعتبار الإسلام التقدمى متطرف، ومن ثم يمكن مطالبة الحكومة بدعم الإسلام الرجعى المتعصب باعتباره أهون الأمرين.
وتعود الكاتبة إلى الماضى عدة سنوات قائلة إن الصحافة السويسرية قد أطرت فى التسعينيات على طارق رمضان باعتباره نموذجا للاندماج داخل المجتمع.. ولكن كان ذلك قبل أن تغير من لهجتها، خاصة عندما أدركت التعاطف الذى تتمتع به جبهة الخلاص بين مؤيدى رمضان.
ومن ثم وضع بعدها رمضان تركيزه على فرنسا. واستمر فى ذلك حتى انكشف "خطابه المزدوج". ومنذ ذلك الوقت صب رمضان انتقامه على انكلترا وبلجيكا وكندا، وأينما ازدهرت الأصولية فى ظل مبدأ "الحق فى الاختلاف". حتى ولو أدى موقفه هذا إلى عودة نيران فكرة معادية الأجانب.
وهو بفعل ما حدث فى روتردام، عندما أصمت هذه الأخيرة أذنيها عن الاتهامات العنصرية التى وُجهت ضد جيرت فيلدرز، لتفيق وتكتشف أن طارق رمضان يقدم برنامجا أسبوعيا فى Press TV، وهى قناة باللغة الإنجليزية ممولة من قبل الحكومة الإيرانية.
وتشير الكاتبة إلى عدم وجود ولو ذرة من الانتقادات لنظام الحكم فى برنامجه قبل وأثناء وبعد تزوير الانتخابات. ففى الوقت الذى كان يتحدى فيه أكثر من مليون من الإيرانيين الحظر للمطالبة بانتخابات حرة ونزيهة، كان طارق رمضان يعرب عن قلقه إزاء نتائج قوائم الانتخابات الأوروبية..
وتضيف أن برنامجه يبدأ بمقطع يعلن عن عودة النازية فى أوروبا، كما كان الحال فى الثلاثينيات، ولكنها تتحول ضد المسلمين. تتناسب هذه الرسالة تماما و"بارانويا مناهضة الغرب" فى Press TV، التى تسعى إلى تمرير الدعاية الإيرانية فى الغرب، بما فى ذلك التقليل من حقيقة الهولوكوست.. ومن الواضح، كما تقول الكاتبة، أن القناة كانت تدرك رسالة طارق رمضان أفضل من رئيس بلدية روتردام، الذى قرر للتو سحب منصبه منه.
وتخلص الكاتبة إلى أنه وكما هى عادته، أرجع طارق رمضان أزمته الأخيرة إلى بروز مناخ "معادية الإسلام". وهو الأمر الذى تنفى صحته تماما مشيرة إلى أن فكرة "الخوف من العنصرية" ما هى إلا وسيلة تجعله يكسب وقتا، وأنه إذا كان طارق رمضان مسيحيا، لكان قناعه قد سقط أسرع بكثير من ذلك، مؤكدة أن ما من بلدية تنتمى إلى اليسار قد فكرت يوما من قبل فى تعيين داعية تلفزيونى رجعى كمستشار "للتعددية الثقافية".
لوموند تعلق على قرار بلدية روتردام وقف التعامل مع طارق رمضان
حفيد حسن البنا يستخدم الدعاية الإيرانية فى أوروبا
الثلاثاء، 01 سبتمبر 2009 12:32 ص
ردود فعل واسعة لقرار بلدية روتردام وقف التعامل مع طارق رمضان
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة