لم يكن طارق نور دقيقا فى نفيه لفضيحة النصب باسم الصحافة المصرية لترويج صكوك جمال مبارك الشعبية والتى شاركت فيها وكالته من خلال العقد المحرر بينه والصحفى جمال أبو الفتوح.
لقد استراح طارق نور لفكرة أن ما نشر ليس إلا مؤامرة عليه وعلى قناته الجديدة "القاهرة والناس" التى يستعد لإطلاقها فى رمضان القادم، رغم أننى لم أشر من قريب أو بعيد إلى هذه القناة، لكنها ألاعيب طارق التى يجيدها، فالخبير الإعلانى يجيد استثمار كل أوراقه حتى لو كان فى أزمة تصل إلى درجة الفضيحة.
نور أكد فى نفيه لما نشرته عن فضيحة "إعلانات الصكوك" أنه فسخ العقد مع جمال أبو الفتوح بعد أن علم أنه يسيىء إلى شركته، ولم يلتفت إلى أن العقد الذى حرره من البداية كان معيبا وبه شبهات كثيرة، فقد استسلم لمن قال له وهو الخبير الكبير فى عالم الإعلان أنه سوف ينشر له 60 موضوعا فى صحف معروفة ومؤثرة ولطارق نفسه علاقات بها ويلجأ لها فى حل مشاكله الكثيرة، ولم يكلف طارق نور نفسه عناء أن يتصل بهذه الصحف من خلال مساعديه ليعرف هل هناك علاقة بينها وبين جمال أبو الفتوح أم لا.
ما لم يذكره طارق نور- وهذا الجديد فى الموضوع- أن فكرة النشر فى هذه الصحف تحديدا لم تكن فكرة جمال أبو الفتوح، ولكنها كانت فكرته هو منذ البداية، وقد عرض هذه الفكرة على صحفى كبير فى جريدة معارضة وطلب أن يتعاقد معه، لكن الصحفى رفض المشروع لأنه شعر أن هناك أمرا مريبا فى الموضوع.
الغريب أن طارق نور لم يكتف بالنفى الذى نشره له اليوم السابع بل سارع إلى إصدار بيان يحكى فيه ما جرى، فى استجابة سريعة لما طلبته منه بأن يتحدث، فقد كان من الضرورى أن يتكلم.
لكنه عندما تكلم أثبت على نفسه ما سبق ونفاه، وبدلا من أن يركز على فضيحة وكالته راح يتقمص دور أستاذ الصحافة الذى يقول لها ما يجب وما لا يجب أن تفعله، كان طارق محقا عندما قال إننا كتبنا عنوانا رئيسيا للتقرير الذى تناول القضية"طارق نور جيت"، لأننا لو كتبنا "جمال أبو الفتوح جيت" ما كان أحد التفت إلى الموضوع، وهو كلام صحيح، لكن الأصح منه أن الفضيحة لم تكن فضيحة جمال أبو الفتوح وحده، ولكنها كانت فضيحة طارق نور أيضا، وربما كان الأخير هو صاحب نصيب الأسد فيها.
حاول طارق نور أن يبدو فى بيانه مغلوبا على أمره ومضحوكا عليه، فجمال أبو الفتوح لم يلتزم بشىء سواء فى التزاماته فى تقديم الإعلانات التحريرية أو تنظيم الندوة البحثية المتفق عليها فى العقد، ولأنه مظلوم ومغبون ومضحوك عليه فقد سارع إلىاتخاذ الإجراءات القانونية ضد أبو الفتوح.
من حق طارق نور أن يدافع عن نفسه بالطبع، لكن ليس من حقه أن يقول مثلا إنه هو الذى أرسل العقود والمستندات بنفسه إلى الصحف حتى يشير إلى من يتلاعب باسمها، لسبب بسيط أن ذلك لم يحدث مطلقا، وقد حصلنا على المستندات من مصادرنا ولم يرسلها لنا نور حتى يبرئ ساحته.
كل ما فعله طارق نور أنه أرسل بالأوراق إلى جريدة الوفد فقط التى يعمل فيها جمال أبو الفتوح، وأغلب الظن أنه فعل ذلك حتى يحصل على حقوقه، أو على الأقل ليرد الضربة لمن يعتقد أنه نصب عليه، وهى قضية أخرى من الضرورى أن نعود إليها فيما بعد.
إن القضية الأساسية التى يحاول طارق نور أن يهيل التراب عليها باتهامه لجمال أبو الفتوح بأنه وحده المسئول، هى أن الخبير الإعلامى استهان بالصحف ولم يراع أصول العمل الإعلانى الذى هو خبير به، دون أن يشكك أحد فى ذلك ولو للحظة واحدة.
لقد وضع طارق نور بنفسه الخطوط العريضة للحملة وحدد بنفسه الـ60 موضوعا التى ستنشر فى الصحف، واتفق مع جمال أبو الفتوح على النشر فى الصحف المحددة مقابل 100 ألف جنيه يحصل عليها جمال شهريا هذا غير الحقوق الإعلانية التى ستحصل عليها الصحف.
حدث هذا دون أن تكون هناك أية اتصالات مع هذه الصحف ولا مع المسئولين عنها، خاصة أن هناك صحفا منها كانت قد أعلنت موقفها المعارض بشكل أساسى لمشروع الصكوك، وعليه فإنها لن تقدم على نشر أى موضوعات للترويج للمشروع، حتى لو كانت هذه الإعلانات تحريرية.
قد يكون طارق نور اختار هذه الصحف تحديدا لأنها الأكثر تأثيرا ومصداقية من الصحف الحكومية، والنشر فيها قد يؤتى أثره، لكنه فعل ما فعله دون أن يكون لدى هذه الصحف خبر، رغم أنه تعامل معها قبل ذلك.
والسؤال الذى لابد أن يجيب عليه طارق نور الآن هو: إذا كان جمال أبو الفتوح حصل منه على المائة ألف جنيه الأولى، أو حتى لم يحصل عليها لأنه لم ينفذ ما عليه فى العقد، فعلى كم حصل طارق نور لوكالته من الجهة الحكومية التى أرادت ترويج الصكوك؟، وهل رد هذه المبالغ بعد أن انفض مولده مع جمال أبو الفتوح؟
قد يكون جمال أبو الفتوح تلاعب بطارق نور وشركته على حد تعبير واتهام طارق نور فى بيانه، لكن الأهم من ذلك أننا لا نزال نعلق الجرس فى رقبة طارق نور، فقد كان الراعى الأول والرسمى والأساسى لعملية التلاعب من الأساس.
قد يرى طارق نور أنه تعرض لعملية نصب وقد رفع دعوى قضائية ضد من خدعه، لكن هذا لا يعفيه مطلقا من المسئولية عن التلاعب باسم صحف كبيرة ومهمة، خاصة أن ما نشر فى الفجر ليس إلا الحلقة الأولى من الفضيحة، وسنوالى النشر العدد القادم، وأعتقد أن كثيرا مما سينشر لن يعجب الخبير الإعلانى الكبير.
بيان لطارق نور حول "مقالات الصكوك": "الفجر" استغلت المستندات التى أرسلناها للجريدة كدليل ضدنا
محمد الباز يرد فى مقال خاص على بيان "نور": طارق نور.. .والبراءة الكاذبة
الأحد، 09 أغسطس 2009 05:59 م
محمد الباز