مهما اختلفت الانتماءات.. مهما تباعدت الأماكن ومهما بعدت الأزمنة.. هناك
ذلك الحبل السحرى الذى يربط العباقرة جميعا بنفس الرباط... إنها الروح القلقة والنفس الطموحة التواقة التى توحد لهم المصائر وتقرب لهم الخواطر...
ما أشبه لوركا بـ(أبوتمام)... وفكر جوته ببلزاك.. ما أشبه علاقة بودلير بالمرأة بالعقاد.
إنه هو الميلاد من رحم الأرض والانسلاخ من شرنقة العبقرية... إنها نفس المبدع التى طالما تهيم فى ملكوت بعيد كل البعد عن أرضنا... يروننا ولا نراهم... فهم أنقياء النفوس الذين يرون ما فى قلوبنا وعقولنا كرؤية أحدنا للآخر ولا ندرك إلى أين وصل فكرهم.
فى كل عصر وكل أوان جوبِه التجديد بعتاولة الفكر القديم وحاولوا أن يهدموه قبل أن يشيد... بعضهم اعترض بزعم الأصالة والبعض الآخر لأنه تكاسل حتى أن يرى ماذا يحمل هذا الجديد فى طياته زاعما أن هذا ما وجدنا عليه آباءنا.
هذا الفكر التليد وتلك العقول المتحجرة أجبرت الكثيرين من ذوى الألباب على أن يحوروا الحقائق لعلهم يقتنعون بالتجديد أو يفكرون فيه وهذا أضعف الإيمان.
وكانت نتيجة لذلك مجموعة من أنصاف الحقائق التى نحن محاطون بها... فالفكرة الكاملة لدى ذوى العقول المستنيرة وأنصاف وأرباع الحقائق لدى العامة.
ولأن العلم إرث ثقيل جدا يحتاج وصيا وناصحا أمينا، ولأن الحقائق أكبر من أن يتحملها حتى الصفوة من العامة؛ ضاع هذا الإرث وأصبحنا جميعا نحيى فى عالم ملىء بأرباع الحقائق وأنصافها ونعجز عن إيجاد الحقيقة الكاملة فنختلقها أو ندعنا من الحقيقة لنعيش فى وهم كبير.
هكذا نحن الجيل المنكوب نشأنا.. أنصاف حقائق، أرباع أرواح، لا أمل ولا طموح، انعدام موارد،غياب قيم، تضارب أفكار.
لست من الحزب المتشائم ولم أكن، ولن أكون بإذن الله..
إنها الحقيقة التى على الجميع إدراكها لنلمس المشكلة ..دعونا نعترف: نحن جيل غير مؤهل لأن نقود هذا البلد.. لأن القيادة يلزمها تسلح بالعلم الذى لم يتلقاه أحدنا جيدا.
بالمعرفة التى ربطنا بينها وبين العلم فأضعنا كليهما.
الإدراك الذى يأتى بالشفافية فى التعاملات ونحن محرومون منها كلية.
بالمشاركة فى تقرير المصير وفى هذا حدث ولا حرج.
بالحلم والطموح العام الذى يسبق الطموح الشخصى.. وقد غاب هذا فى عصر أنا ومن بعدى الطوفان ...
منذ زمن كنت مؤمنة بنظرية المؤامرة التى تحاك أو حيكت ضدنا.. لكن الآن أنا مؤمنة أننا أقل من أن تحاك من أجلنا مؤامرة لقد دمر ذلك الجيل تدميرا منظما وبقاياه ستدفن تحت الأقدام إذا لم ينصحوا جميعا.
الموسيقار بيتهوفن
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة