كرة القدم لعبة شعبية تشغل عقول وقلوب من يتابعها فى العالم، ومحبو الكرة لا حصر لهم، وفى مصر كرة القدم لعبة سياسية أكثر من أنها لعبة رياصية شعبية، فقد أصبحت مخططاً سياسياً وحلاً نفسياً واجتماعياً لكل المشاكل التى عجزت الدولة عن حلها، والدولة تهتم بالكرة جيداً، وجعلتها من أولويات القضايا القومية.
ومنذ فترة انشغل الرأى العام فى مصر بفوز مصر على إيطاليا فى كرة القدم، من صحافة إلى قنوات فضائية حتى السياسيين قبل الرياضيين، الكل فرح مسرور بالنصر الكبير، وكلهم بلسان واحد يصيح فرحاً مسروراً لقد قهرنا الطليان فى معركة جوهانسبرج، وكأنه نصر للأمة على اليهود الغاصبين وتحرير للقدس (ثم انتكسوا أمام منتخب أمريكا فكان الاهتمام بها يشابه نكسة 67).
الشاهد أن ما يحدث فى مصر من اهتمام بالكرة وإهمال كل الأولويات القومية للوطن هو تغييب للوعى مقصود.
ولا يفوتنى الإشارة أننى أهتم بمشاهدة الكرة، ولكن للترفيه فهى رياضة جميلة، وفيها تنافس رياضى، لكن أن يتحول اهتمامى إلى تغييب لوعى وعقلى فهو غير مقبول مطلقاً، وهو ما يرفضه كل حر عاقل فى مصر.
فعند كل مصرى قضايا أهم وأخطر، فمنذ أيام كانت قضية القمح الفاسد، وهى قضية أمن قومى حقيقى للمصريين لأنهم شعب يأكل الخبز كثيراً، والكثير الكثير من قضايا الفساد والإفساد لم يهتم بها المصريون قدر اهتمامهم بكرة القدم بسبب تغييب الوعى. فالمصريون عندهم قضايا كثيرة مهمة لا تنتهى من الإسكان إلى المواصلات والزحام إلى التنمية إلى انتشار الفساد والرشوة وانتشار البطالة، تلك القنبلة الموقوتة.
ثم المصريون قادمون على مواقع سياسية مهمة أشبه بالحربية فى انتخابات البرلمان وانتخابات الرئاسة، ومع ذلك كله لا يهتمون، وذلك له أسباب متعددة منها التعود على مناخ القهر والاستبداد، والأخطر مخططات تغييب العقل المصرى التى منها تركيز الاهتمام على كرة القدم.
مثال ذلك أنه من الملاحظ أنه فى الوقت الذى انشغل فيه الكثيرون من الشعب المصرى المسلم بقضية جائزة سيد القمنى وشهادة الدكتوراه المزورة وافترائه على دين الإسلام دين غالبية الشعب 95% من الشعب مسلم، وبدلاً من تدخل الدولة لحسم الموضوع وسحب الجائزة التى لا يستحقها القمنى، نجد الحكومة كأنها تعيش مع شعب آخر، ونجدها تهتم بتنظيم بداية الدورى العام للكرة، ويتزامن ذلك مع اعتقالات وسجون للإخوان والشباب المسلم المتدين ظلماً وكبتاً لأصحاب الرأى ووأداً للحرية.
المخطط واضح فهو تغييب للوعى كى ينشغل الناس فى الدورى وتصفيات كأس العالم الهامة التى ستضعنا فى مقام الدول الكبرى، وتعطينا حق الفيتو فى مجلس الأمن!! وتمكنّا من تحريك أسطولنا الكروى فى المحيط كى يردع كل من تسول له نفسه التفكير فى مهاجمة مصرالتى بفريقها القومى ستتمكن من بناء أكبر مفاعل نووى فى العالم للردع!
الواضح أن كرة القدم أصبحت بفضل مخطط تغييب الوعى فى المرتبة الأولى للاهتمام الشعبى المصرى قبل العدل والحرية، مما جعل كل الحكام يهتمون بها كوسيلة تقرب من الشعب فيحرصون على حضور مبارة للكرة والشعب يموت من الفقر والقهر والظلم.
ويبقى أن المستبدين نجحوا بخبثهم أن يحولوا أولويات اهتمام الكثيرين من الشعب المصرى المسلم، فبدلاً من أن يهتموا بدينهم والدفاع عنه ضد كل عدو حاقد جعلوا الكثيرين من الشعب يهتمون بميدو وزكى وهل سيلعبان مع المنتخب أم لا.
وبدلاً من الاهتمام بتحقيق العدل والحرية والدفاع عن المظلومين أمثال أبو الفتوح ومجدى حسين وغيرهم من المظلومين، اهتم الكثيرون بمن سيفوز بالدورى الأهلى أم الزمالك.
الأمثلة كثيرة لا حصر لها فى نجاح المستبدين باستخدام الكرة فى تغييب الوعى عند الشعب المصرى. وفى ظل ذلك الضياع يمضى البعض من متطرفى النصارى ونفايات الليبراليين والماركسيين وشراذم العلمانيين بمخططاتهم محاولين تسريبها داخل حالة التيه التى يعيشها الشعب المصرى ظناً منهم أنهم يستطيعون تمرير أفكارهم المخالفة لهوية الشعب.
ولكن فات كل أولئك الخبثاء الذين يخططون لتغيير هوية واهتمام الشعب المصرى أنه مازالت توجد طائفة كبيرة قوية من الشعب المصرى المسلم صامدة واعية لكل المخططات تقاوم كل زيف وكل مؤامرة، ولن تترك مكانها للدفاع عن هوية مصر المسلمة والمطالبة بتحقيق العدل والحرية مهما كانت المؤامرات ومخططات القهر وتغييب الوعى.
وأخيراً ينبغى أن يدرك الجميع أن الكرة المصنوعة من بالونة منفوخة وجلد سميك هى وسيلة للعبة جميلة نلعب بها ونشاهدها ترفيها، وما ينبغى أبداً أن تكون أهم من اهتمامنا بإسلامنا والمحافظة على هويتنا وحرصنا على العدل.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة