"ابتسامتها" قصة لنجاتى عبد القادر

الجمعة، 07 أغسطس 2009 04:34 م
"ابتسامتها" قصة لنجاتى عبد القادر القاص نجاتى عبد القادر أحد أدباء الدقهلية

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
القاص نجاتى عبد القادر هو أحد أدباء الدقهلية، صدر له عدد من الروايات والمجموعات القصصية منها "نشوة الفرح"، وهو أحد مؤسسى جماعة المنتدى الثقافية التى انطلقت مؤخرا بالدقهلية، واليوم السابع ينشر له قصة "ابتسامتها".

ألم يكن بوسع ذلك الطبيب المتأنق أن يخبره، أم أن وجه زبيدة، بالأحرى عيناها القويتان ووجهها الذى لم يترك عليه الزمن سوى مسحة من تجاعيد، هى التى اعتادت أن لا تنزل دموعها إلا حين تصير وحيدة أو عندما تبلل دموعها صدر النائم منتظرا التحاليل.
- لابد من متبرع.. الكبد ينهار...

كلمات كثيرة بعد ذلك قالها، لم تصل لأذنيها سوى قدم الطبيب ترن فوق بلاط رخامى
- ابتسامتك مثل ابتسامة موناليزا.. تحتاج من يفك شفرتها
يقول لها ذلك كل يوم تقريبا بينما تضبط معه هندامه، تساعده فى ضبط "كرافتة" يصر يوميا أن يرتديها، فمن فى مثل عمله، يجب أن يبلس هكذا، يخرج بعد أن يطبع على جبهتها قبلة صباحية مصحوبة بضحكة الطفلة، تتحول إلى قبلة على إحدى خديها حين تغيب الطفلة أو تنام.
ليست زبيدة أجمل بنات الحى الذى نزله ذلك المهندس المعين حديثا فى المركز الصغير، بيوت قليلة فى الحى، والبنات فى سنها لم يلفتن نظره، بيت أبيها لم يكن فاخرا لكنه يليق بمدرس اللغة العربية الذى يحمد الله دائما على الستر، ولأنها بنت وحيدة بين ثلاثة صبية فهى قرة عين أبيها وهو لن يعطيها إلا لمن يستحقها.

البنيان القوى الذى يوحى بصحة لم تعتل من قبل، الشعر المجعد والبشرة التى تميل للسمرة تصنع رونقا مع بياض بشرة زبيدة، قال أبوها ذلك ثم أطلق ضحكة قوية، وأخبرها بطلبه.
تزوجا بسرعة، صارا حبيبين بسرعة، والبنت الصغيرة بملامحها الأرستقراطية –كما يصفها- جاءت بسرعة.. ولادة قيصرية.. انتظر الصبى بعدها لكن الرحم لم يحمل، حتى طفل الأنابيب لم يأت، والبيت الواسع لم يملؤه سوى الصغيرة.. ويوم عاد من المطار بعد أن سلمها لزوجها، ابتأس، ابتأس، الجسد القوى يشحب والبشرة تزيد سمارا، والشعر المجعد يطول وتزداد التجاعيد بينما تلح زبيدة أن يجرى التحاليل التى طلبها الطبيب.

فى البيت تساعده على خلع ملابسه، ترسم ابتسامة على وجهها، قال
- ابتسامتك مثل ابتسامة موناليزا.. وأنا أعرف شفرتها.
رمقته، ابتسم باتساع شفتيه، قالت
- ابتسامتك مثل ابتسامة موناليزا.. تحتاج من يفك شفرتها
فضحك، يظل يضحك، يضحك حتى سعل صدره، تحشرج، ثم بانت على وجهه علامات جدة
- انتى نسيتى إنى بأعرف إنجليزى كويس؟ التحاليل واضحة.. مش هأزرع
تخرج منه الكلمات صارمة، عينها على الأرض وبعينها الأخرى تحبس دمعة، وهو يؤكد أنه اطمأن على البنت، وأن معاشه الكبير والبيت الملك يكفيان ليطمئن عليها.
الصمت فى البيت دائم، وفى العيون دموع محبوسة، أيام، تتوسل، تعلو بطنه، يشحب وجهه.. تقنعه بحيويتها، باتسامتها أنه تحسّن
- التحاليل الجديدة لنطمئن
ذراعها مسلمة للطبيب، يسحب الدم، تستسلم لأجهزة الأشعة، أخبرها الطبيب بالتوافق بينهما، وحين فتحت باب البيت – بيدها مظروف الأشعة والتحاليل- كانت ابتسامتها باتساع وجهها المستدير، وهو نائم، تهزه، نائم، تخفت ابتسامتها، نائم، صورة البنت جواره، تهزه ثانية، تتسلل الدمعات لتبلل صدره الساكن.






مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة