تستفزك روائحهم الفرنسية ..
تضحكك معاطفهن والفرو التى يزحف خلفهن..
تبكيك مساحيقهن المستوردة وشعرهن المستعار وعمليات التجميل التى شدت رقابهن فظهرن كأنهن طبول الحرب..
المشهد الليلى.. سهرة من ألف ليلة
قاعة بأحد الفنادق المشهورة ذات الأسعار الفلكية.. صفوة المجتمع من ذوى "الفشخرة" والزفة الكذابة.. "هوانم" مشهورات.. منفوخات.. ذوات ريش نعام. .شار إليهن بالبنان.. زوجات وزراء ورجال أعمال وسفراء يحملون ألقاب " الله يرحم زمان" أو "السابقين".. برنامج فنى وديفيليه ومعرض ألماظ وياقوت .. ريعه وحصيلته ومحصوله مخصص لتأهيل وتثقيف وتوعية المرأة الفقيرة فى الأماكن العشوائية بحقوقها المهضومة ..
الحفل من تنظيم بعض رئيسات الجمعيات والمثقفات والناشطات ممن يعملن بمبدأ "تعالى فى الهيافة وتصدر".. صورهن تتصدر الجرائد وشاشات الفضائيات وقاعات النوادى الفاخرة.. مهمتهن النهوض بالمرأة المصرية ومناهضة العقليات الذكورية المتخلفة .
تنوعت ثقافة الموجودين.. هوانم يتخذن أحد الأركان، فى دلع تنساب منهن الفرنسية باللهجة الصعيدية.. وفى مقابلهن مجموعة باردة الوجوه تتدحرج منهن اللغة الإنجليزية بلكنة فلاحى الدلتا.. أما مدعيات الثقافة فلا تفهم لهن لغة.. وانتهى الحفل وتجمعت ملايين الجنيهات ودخلت خزائن الجمعيات .
المشهد الصباحى.. حى شعبى فقير
بالاستعانة بالشئون الاجتماعية حصلن على قائمة طويلة بأسماء بعض النساء الفقيرات المبعثرات فى الأماكن الشعبية.. وأقسمن وحلفن ليجعلن منهن قادة انقلاب فى مناطقهن لمؤازرة حقوق المرأة ضد تعنت الرجل.. ومن باب الرحمة والشفقة والتواضع ومساندة كفاح المرأة، تبرعت بعض الهوانم بالذهاب بأنفسهن إلى تلك الأماكن "اللوكل".. دلفن فى الشوارع الضيقة والشقوق التى يطفح منها الجوع والمجارى.. لبسن على وجوههن كمامات وفى أيدهن " قفازات طبية ".. فتحت أفواه أهل المنطقة، وهم يتفرجون ويتابعونهم وكأنهن كائنات فضائية أو "البعيد عنا " من الجان..
بعد سؤال واستفسار وصلن لبيت أولى الحالات فى القائمة.. بيت قديم تهدمت جوانبه الخارجية.. عند المدخل وجدن رجلا متكورا كأنه هيكل عظمى محنط من زمن الفراعنة.. ومن قبو البيت جاء صراخ حاد لسيدة، مزين ومزركش بالعديد من الألفاظ النابية التى تخدش الحياء والأحياء.. خرجت مدججة بالشعر المنكوش، وقطعة حديد فى يدها اليمنى، ترتدى ملابس رثة فقدت لونها الحقيقى منذ قرون وأقدام حافية مشققة مات جلدها من زمن.. لم تعرهن أدنى اهتمام ولكزت الرجل بحافة الحديدة، متهمه إياه بأنه سرق "وأبور الجاز" وباعة من ورائها.. فانفجرت الدماء من رأسه ملطخة ملابسهن المستوردة ..
مشهد الظهيرة.. هرش وإغماء
انتابت الهوانم حالة من القىء الشديد، وبعضهن غاب فى إغمائه مؤقتة.. تعرضن لسرقة حقائبهن الجلد المستوردة أثناء عودتهن مسرعات مهرولات.. وعند مدخل الحى انتابهن حالة من الهرش وتقطيع الأجساد بالأظافر.. وبسرعة البرق مزقن قائمة الأسماء التى جاءوا للبحث عنها.. ومعها مزقوا أوراق التحاق النسوة بالمدارس الأجنبية المتخصصة فى تهذيب الأخلاق والتأهيل.. ومعها " بونات" الشراء المجانية من كارفور، ودخول مارينا فى الصيف... بعد أن شعرن بأن تلك السيدة تعانى من عجز فى رغيف الخبز وشراء حذاء فى قدميها، هى وأسرتها المنتشرة فى أحياء مصر الشعبية ..