يحكى فيلم المسافر قصة 3 أيام فى 3 مراحل عمرية لشخص واحد، تختلف ملامحه من يوم إلى آخر وأثناء التحضير للفيلم حاولت الماكييرة الأمريكية «مونا» إيجاد صيغة شكلية مشتركة بين الاثنين، ولكنها فوجئت بما هو أعمق من الشكل الذى يربط بين عمر الشريف وخالد النبوى فى روح الشخصية المصرية التى تحمل داخلها آثار رحلة طويلة مليئة بالأحداث ما بين الألم والنشوة فى محطات الحياة المختلفة، وبين خالد النبوى وعمر الشريف هوامش عديدة ليس فقط فى الروح، وإنما نظرة العين الثاقبة المليئة بالأسرار.
عمر وخالد رفيقان فى رحلة فنية واحدة معا خطوة بخطوة، ولكن كلا منهما عاش حياته فى مرحلة مختلفة فى الزمن ومتشابهة فى الأجواء الفنية، ففى مدرسة يوسف شاهين أستاذ السينما المصرية كان اللقاء الأول بين خالد وعمر فى مرحلتين مختلفتين تماما فى حياة جو الأولى، مرحلة المراهقة السينمائية التى قدم فيها عمر الشريف بطلا لفيلم «صراع فى الوادى» رغم الاعتراضات الكبيرة عليه وقتها، أن يكون وجه غير معروف بطلا أمام فاتن حمامة نجمة مصر الأولى وقتها.
وفى إعادة لنفس المشهد، ولكن فى مرحلة أكثر نضجا يتحدى جو الجميع، ويراهن على اختياره لخالد النبوى بطلا لفيلم المهاجر، الميلاد الحقيقى لخالد والذى أكد للجميع أنه مشروع ممثل عالمى لما استطاع أن يبرزه من أداء تمثيلى عال خطف به اهتمامات الجمهور والنقاد وقتها رغم مشاركته لاثنين من عمالقة التمثيل هما يسرا ومحمود حميدة، وهو ما رشحه فى مرحلة تالية إلى فيلم «المصير» الذى شارك على هامش المسابقة الرسمية فى «كان»، وكان الوصول إلى العالمية فى بداية الطريق قاسما جديدا فى حياة النجمين عمر الشريف وخالد النبوى.
نجاح خالد فى تجربتين حمله مسئولية اختيار أعماله، تزامن هذا فى مرحلة انتقالية مرت بها السينما فى نهاية التسعينيات من القرن الماضى، حيث فرض المنتجون عليها نوعية معينة من الأفلام فقد تحدى رغبات المنتجين وقدم فيلمه «عمر 2000» وهو تجربة مختلفة تحمل الكثير من العمق فى مرحلة سينمائية خالية من أى مضمون، ونفس الأمر واجه عمر الشريف الذى حاصره المنتجون فى مرحلة السينما الخفيفة نهاية الخمسينيات بالأفلام التجارية، إلا أنه قدمها بأداء تمثيلى عبر عن شخصيته السينمائية، جعلت من هذه الأفلام علامة فى تاريخ السينما نذكر منها «إحنا التلامذة» و«صراع فى النيل»، ليخوض النجمان أيضا معركة كبيرة مليئة بالتحدى ضد معايير السينما التجارية القائمة على التكرار.
الاحترافية من سمات النجم العالمى، ولا يخفى علينا رواية عمر الشريف فى ترشيحه لفيلم «لورانس العرب» عندما ذهب إلى المخرج «ديفيد لين» عام 1962 ليجرى اختبار كاميرا كأى ممثل جديد رغم أنه كان من نجوم الشباك فى مصر وقتها، وبعد أكثر من أربعين عاما وتحديدا فى عام 2005 قام خالد النبوى بنفس الأمر مع العالمى «ريدلى سكوت» مخرج فيلم «المصارع» الذى أرسل فى طلب خالد النبوى بعد أن شاهده فى فيلم «المصير».
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة