على سليم يكتب: أبو العربى وأنفلونزا الخنازير

الخميس، 06 أغسطس 2009 12:14 م
على سليم يكتب: أبو العربى وأنفلونزا الخنازير

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
عُرف أبو العربى فى القاموس المحيط .. أنه أول فشار عرفته البشرية.. وكم تعجبت عندما سمعت الخواجة بيجو وصديقه أبو لمعة يطلقون هذه القنبلة باعترافهم إنهما تعلماً فن الفشر على يد أبو الفشارين أبو العربى المصرى الذى لم يعرف عنه أنه كان يضحك الناس وقلبه كله آلام.

عندما سألت أبو العربى لماذا اخترت أن تكون فشارا؟
قال: إننى أفرح عندما أرى البسمة والضحك فى قلوب الناس!!
هذا هو هدفى أو ما تقول عنه فلسفتى.. هل هناك اليوم من يستطيع أن يقوم بهذا الدور العظيم بعد رحيل الخواجة بيجو وأبو لمعة .. أن يدخل الضحك إلى قلوب البسطاء من الشعب؟!
أنظر إلى الناس فى الشارع.. فى العمل .. فى الأسواق.. فى المدرسة بعد غياب هذا الفن الراقى واختفاء هذه المدرسة الفنية الراقية لا تجد فى الناس المسرة.. لا ترى إلا وجوهاً مكفرة.. وعيون باهتات قد كساها الهم صفرة.. بعد اختفاء البسمة واستبدالها بالتوتر والضيق والحزب والخوف والكبت والقلق.

عندما تقدم العمر بأبو العربى قرر ترك الشقاوة والبعد عن الله .. خصوصاً بعد أن أصبحت الأيام والسنين تنساب من بين أصابعنا بسرعة رهيبة لا نقدر على ملاحقتها.. لأن هناك فترات فى عمر الإنسان عندما يصل إليها المرء يسرع فيها الزمن الذى لا نستطيع ملاحقته !! لذلك فكر أبو العربى القيام بعمرة إلى الأراضى الحجازية وزيارة الكعبة.. يغسل ما مضى ويعيش فى ثوب جديد يليق بسنه.. شجعه الأهل والأصدقاء على هذه الفكرة.
ركب أبو العربى الطائرة لأول مرة فى حياته متوجهاً إلى السعودية مع أصدقائه وأحبائه فى الطائرة بدأت تظهر على ملامحه ملامح الضيق والقلق سأله أحد الأصدقاء عن سر هذا القلق.

قال أبو العربى: هذه الطائرة بطيئة جداً.. مع إن الجو جميل والشوارع خالية من المطبات الصناعية أو السيارات أو زحمة الناس.. ده طيار خايب.. ففى حرب 1956 كنت أقود سيارة نقل عسكرية كبيرة محملة بالذخائر لتوصيلها إلى قواتنا المسلحة البواسل فى الجميل.. رصدتنى طائرة العدو وظلت تطاردنى بالرشاشات والصواريخ لمدة (ستة ساعات) متواصلة !!!!! بينما اخترق أنا بسيارتى النقل الضخمة شوراع وحوارى بورسعيد.. واستطعت أخيراً أن أسبق طائرة العدو التى اختفت أمام إصرارى وتصميمى!!
صرخ الصديق: أبو العربى.. أبو العربى كفاية.. انسى الكلام ده.. إحنا فى طريقنا إلى الله.. مش الكلام ده انسى بقى يا أبو العربى واستغفر الله.

وصلنا إلى مطار جدة وجلسنا بأحد الكافيهات.. قدموا لنا الطعام الذى لم يعجب أبو العربى.. وأصروا أن يقدموا له الكابوريا والجمبرى السويسى!! بدلا من هذا الخليط واللخبطة قالوا: لا يوجد هنا إلا هذا.. هاج كالثور وصرخ حتى نال من الجميع فى صراخه من كبير المملكة وصغيرها.. ولسوء الحظ كان يجلس بجوارنا رجل من رجال الأمن السعودى الذى أمسك بأبو العربى.. تجمع الأحباب والأصدقاء من المصريين وغيرهم لتخليص أبو العربى من يد رجل الشرطة السعودى.. دون جدوى ومن الغريب أن سلطة العسكرى فى السعودية تساوى لواء مصرى!! لأنه على ما يبدو أن الجميع هنا ينعمون ويشعرون بالعدالة الاجتماعية جلس صديق أبو العربى وجاره المصرى فى الوطن يفكر كيف الخروج من هذه الورطة خصوصاً هناك مواعيد ومواقيت يجب الالتزام بها.. فى المقابل إصرار ورفض من العسكرى السعودى للرضوخ لبكاء وعويل النساء أو حتى مجرد الشفقة على المرضى والشيوخ وبالعفو والصفح عن أبو العربى وظل صديق أبو العربى يفكر ويفكر حتى هداه عقله وتفتق ذهنه عندما طلب من العسكرى السعودى العنيد أن يسمح لأبو العربى لأن كبرياءه يخشى أن يطلب منك فترفض أيضاً.. فسمح العسكرى لأبو العربى بقضاء حاجته.

جلس الجميع ينتظرون أبو العربى الذى طال انتظاره ولم يشعروا به وهو يخرج من دورة المياه بعد استبدال ملابسه بملابس امرأة منقبة.. فى هذه اللحظة بالضبط وحسب الإخراج الدقيق.. فجأة صرخ أحد أفراد الفوج المصرى قائلاً: ملعون أبو العربى.. اتركوه إحنا تأخرنا وبيننا المرضى.. هو إحنا حضرنا إلى السعودية للطعام اتركوه واركبوا الأتوبيس.. ثم قال للعسكرى السعودى عندكم الزفت جوه لما يخلص خذوه فى ستين داهية.. أنتم هنا قوانينكم متزمتة مفيش عندكم تفاهم أبداً.. على الجميع أن يركب الأتوبيس لقد تأخرنا ما فيه الكفاية يا جماعة.

وعاد الجميع من العمرة إلى أرض الوطن تغمرهم الفرحة والسعادة وهم لا يعملون أو يعرفون إن السماء لا تحابى أحداً.. عندما شاهدوا أبو العربى يعطس باستمرار وقد ارتفعت حرارة الجسد ارتفاعاً شديداً ليسقط أبو العربى صريعاً بأنفلونزا الخنازير.. عندما استهترنا بها وأرسلنا أهلنا إلى أكبر تجمع عالمى عرفته البشرية!!





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة