من منا لم يغنه كل صباح، بينما رأسه مرفوع إلى أعلى، إلى السماء، وعيناه معلقتان بعلم مصر، بينما الشفاه، والقلب يرددان «مصر يا أم البلاد، لكى حبى وفؤادى»، لكن من منا يتذكر أن أحلى وأصدق أغنية وطنية مصرية، التى تحولت إلى نشيد يحرك القلب هى من تأليف وألحان الفنان المبدع الشيخ سيد درويش، وفى مطلع القرن العشرين، أى منذ أكثر من مائة عام، حيث اقتبس درويش مطلعها من عبارة للزعيم الوطنى مصطفى كامل.
وليس النشيد الوطنى الحالى هو التحفة الفنية الوحيدة لدرويش التى تنتمى للأغنية الوطنية، فللشيخ عشرات الأغنيات التى ألهبت مشاعر المصريين، وإن كان لأحد أن يشارك سعد زغلول الزعيم الوفدى ثورة 19 فلن يكون هذا الشخص سوى سيد درويش نفسه، الذى لم يكن ملحنا ومطربا فقط، وإنما وطنيا من الدرجة الأولى، يشارك فى المظاهرات، ويحث الناس بأغانيه وألحانه لمناهضة الاحتلال، والأهم للاعتزاز بأنهم مصريون، فهو الذى غنى «أنا المصرى كريم العنصرين، بنيت المجد بين الأهرامين» «دقت طبول الحرب يا خيالة وآدى الساعة دى ساعة الرجالة» التى أنشدها خلال مظاهرة تندد بالاحتلال الانجليزى.
كما لم يكن درويش فقط فنانا وطنيا مرموقا، وإنما كان واحدا من الناس، يحس بما يحسون به، فكان أول من تغنى بهموم البسطاء، وآلامهم، فغنى لهم «استعجبوا يا أفندية ليتر الكاز بروبية»، و«شد الحزام على وسطك غيره ما يفيدك».
سيد درويش
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة