تأجيل انتخاب المرشد العام الجديد اقتراح توصل إليه مكتب الإرشاد بسبب الصراع الدائر ما بين جناحى المحافظين د.محمود عزت ود.محمد حبيب لتولى المنصب الذى يخطط له أن يتم بالتمرير والتسمية وليس بالانتخاب المباشر.
والسبب ما تتعرض له الجماعة من ضغط وصل إلى اتهام عضوى مكتب الإرشاد د.عبدالمنعم أبوالفتوح ود.أسامة نصر فى قضية التنظيم الدولى، واعتقال ما بين 135 و150 من القيادات العليا والوسيطة، منهم أعضاء مجلس شورى الجماعة، ولذلك لم يعد بمقدور التنظيم إجراء انتخابات وجمع أعضاء مجلس شورى الجماعة فى مكان واحد، كما بات من الصعب مع وجود حوالى 15 عضوا من مجلس الشورى فى السجون منهم خمسة أعضاء مكتب الإرشاد أن يتم ذلك بالتمرير. ليس لأنه مخالف للائحة، بل لأنه لم يتم حسم الصراع بعد، ولم تنته التربيطات بين أعضاء مجلس شورى الجماعة والذى يسيطر عليه أتباع عزت (أمين عام الجماعة) والذين يصفهم د.عبدالستار المليجى عضو مجلس شورى سابق، بأنهم التنظيم السرى الذى يدير الجماعة من خلف هيكلها الإدارى.
فمن يسمون «بالنظام الخاص»، يريدون عزت حتى إن كان هذا ضد رغبته الشخصية، حيث أنه أبدى فى أكثر من مرة عدم تطلعه لمنصب المرشد وأن أمين عام الجماعة يكفيه، لكنهم باتوا فى ظل ما حدث خلال الشهور الأخيرة من المواجهات الأمنية، والملاحقات وما وجدوه من تصريحات مختلف قيادات الجماعة، ومنهم النائب الأول محمد حبيب، لديهم إصرار قوى على مواصلة جهدهم فى الحفاظ على التنظيم حتى لو كان ذلك سيتبعه تخلى الجماعة عن كثير من المكاسب ومنها الواجهة والقبول لدى الرأى العام.
الكتلة التابعة للنظام الخاص «المحافظين التقليديين» اصطدموا منذ أبريل الماضى تحديدا ومع البدء فى ترتيبات لما أسماه حبيب، الحوار الوطنى بين الإخوان والقوى السياسية استعدادا للانتخابات، بالمحافظين البرجماتيين الذين يمثلهم د. حبيب، وبات حبيب يواجه الأسلوب ذاته الذى تعرض له من قبل أبو الفتوح، ومختار نوح، وعبدالستار المليجى، من تهميش وإبعاد عن بعض الملفات، فتم وأد ترتيبات الحوار مع القوى الوطنية.
وظهرت نتائج هذا لاحقا فى تأييد أغلب القوى السياسية والشخصيات العامة لأبو الفتوح فى محنته، وتوقيع الكثير منهم على بيانات أو خطابات تضامن مع شخص أبو الفتوح ليس مع جماعة الإخوان، مما أدى بعدد من القيادات لدراسة الأسباب، وتخوف من أن فتح باب للتغيير فى رأس الجماعة فى هذه الظروف، قد يفتح بابا للمواجهة فى غير موعدها.
وتوصل عدد كبير من أعضاء مجلس شورى الجماعة بناء على استطلاع ورسائل خطية، أنه لا توجد ضرورة إلى إجراء انتخابات المرشد، غير أن مهدى عاكف المرشد العام يصر على موقفه، وهو ألا يتقدم للترشيح أو طلب التجديد لدورة جديدة بينما القرار الذى يحاول أعضاء النظام الخاص فى الأمانة العامة وفى المحافظات اتخاذه، يعود إلى عدم وثوقهم فى المخاطرة بترك الأمر للانتخاب، رغم أنهم يسيطرون على أغلب أعضاء مجلس شورى الجماعة، وهو ما ظهر من حالة التمرد التى شهدها بعض القطاعات ضد أسلوب إدارة الجماعة لملف «قضية التنظيم الدولى»، واعتقال أبوالفتوح. كما أن مجلس شورى الجماعة كما نقل أحد أعضاء المجلس، لا يريدون فى ظل هذا الخلاف أن ينتهى بهم المقام كما حدث فى الجزائر، وانقسام حركة مجتمع السلم، ولا ما حدث لإخوان الأردن، واستقالة زكى بنى أرشد أمين عام حزب جبهة العمل الإسلامى «ممثل الإخوان بالأردن».
لكن وضع الأمانة العامة وغياب أكثر من 30 من قيادات المحافظات من رؤساء ومديرين ونواب مكاتب، يدفع بفريق حبيب لتنفيذ رغبة المرشد فى عدم الاستمرار ما بعد منتصف يناير المقبل، وهو ما يجعل الأمر على أنه أقرب «للبيعة» منها للانتخاب، وذلك بتمرير أسماء محددة للاختيار فيما بينها.
هذه الطريقة يراها د.السيد عبدالستار عضو مجلس شورى الجماعة السابق، ستكون فرض الأمر الواقع من أعضاء التنظيم السرى واستمرار مخالفة اللائحة، رغم أنهم لو أرادوا إجراء انتخابات لأتموها، لكن من سيختارون المرشد الجديد من أعضاء مجلس الشورى، مطعون على صحة عضويتهم، فمجلس الشورى الصحيح هو مجلس 1995 وما بعده باطل، بعد أن أطاحوا بمن هم لهم قبول لدى الرأى العام أو بين القوى السياسية.
فالمنافسة الظاهرة حاليا تنحصر بين عزت وحبيب، رغم أنهما من جناح واحد، لكن الكيان المؤيد لعزت «القطبيين» داخل الجماعة أقوى، ولديهم الآن مبررهم من تغليب العمل الدعوى على العمل السياسى. فكما يقول فتحى عبدالستار الكاتب المهتم بشئون الحركات الإسلامية، فالجماعة خلال السنوات الخمس الأخيرة، تعانى من ضعف العمل التربوى لخسارتها قيادات تنظيمية وتربوية هامة، كأمثال خيرت الشاطر، ومحمد على بشر وغيرهما، وأن القضية الأخيرة وضعت الجماعة على المحك، وأثرت سلبا على البناء التنظيمى.
خلافا لكل هذا، يواجه المتصارعون على منصب المرشد أزمة مع التنظيم الدولى الذى لابد من تصديقه وبيعته للمرشد الجديد، فكل من حبيب وعزت ليس لديه العلاقات القوية أو حتى المعرفة بكيانات وقيادات الإخوان الخارجية، إلا أن حبيب فى الفترة الأخيرة وتحديدا منذ ما يزيد على عام، بدأ يحتك بالتنظيم الدولى ومن خلال إبراهيم منير أمين عام التنظيم فى أوروبا الذى تربطه به علاقة قوية، وهذا ما أقلق فريق عزت الذى يدفع ضمن مبرراته للتأجيل، بأن التنظيم مهدد وتحت ضغط ومراقبة أمنية قوية ترجح عدم المغامرة.
هذه الخلافات دفعت كثيرا من أعضاء مجلس شورى الجماعة وقيادات مكتب الإرشاد، لتؤيد فكرة التأجيل لانتخاب المرشد الجديد، ولو لمدة عام واحد، خاصة أن عاكف لا يتحكم فعليا فى ملفات مصيرية أو هامة بالفعل، ولكنه واجهة فقط.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة