محمد حمدى

إفطار فى عز النهار!

الخميس، 06 أغسطس 2009 04:27 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
فى منتصف التسعينيات سافرنا فى نهار أحد أيام رمضان على متن طائرة خاصة إلى تونس، فى رحلة كان مقصدها النهائى ليبيا، لكن اتهامها بالمسئولية عن سقوط طائرة با
ن أمريكان فوق مدينة لوكيربى الاسكتلندية عام 1988، أدى إلى فرض حظر جوى عليها ضمن جملة عقوبات دولية أخرى رفعت بعد ذلك.

تأخر إقلاع الطائرة من مطار القاهرة إلى العصر، وبدأت الطائرة التحليق متجهة غربا، وحل موعد الإفطار حسب توقيت القاهرة ونحن فى الجو، ونشاهد قرص الشمس مشرقا ومتوهجا أمام عينينا، وتعرضنا لأغرب موقف يمكن أن يمر به صائم، حيث أفتى البعض بأنه يجب الإفطار حسب توقيت البلد الذى نوينا فيه الصيام وهو القاهرة.. بينما رأى آخرون أنه لا يجوز الإفطار ونحن نشاهد قرص الشمس ساطعا أمامنا.

كان على متن الطائرة 39 صحفيا من مختلف الصحف المصرية ووكالات الأنباء بعضهم أفطر والآخر ظل على صيامه حتى وصلنا إلى تونس، وحان وقت المغرب فأفطرنا بعد صيام امتد طوال اليوم تقريبا.. وحين عدت إلى القاهرة سألت أكثر من رجل دين فاختلفوا أيضا ما بين الإفطار حسب توقيت بلد الصيام أو بلد الإطار أو البلد الذى تم قضاء الجزء الأكبر من النهار فيه.

أمس أفتى الدكتور على جمعة مفتى مصر بأن ما يقوله بعض قائدى الطائرات من أن الإفطار على ميقات البلد الحالى غير صحيح، وأن العبرة فى الإفطار بتحقق الصائم من الظلمة إما حسب رؤيته أو خبر موثوق منه.. وأن إفطار المسافرين بالطائرات يكون برؤيتهم غروب الشمس فى النقطة التى هم فيها، ولا يفطرون بتوقيت البلد التى يحلقون عليها، ولا التى سافروا منها، ولا حتى التى يتجهون إليها، بل عند رؤيتهم غروب الشمس كاملا.

أعتقد أن كلام المفتى حسم هذه القضية التى تتعلق بركن من أركان الإسلام، لكن ماذا نفعل لو لم يحسم المفتى هذه القضية؟.. وإلى متى سنظل نعانى من تضارب الفتوى بين رجال الدين.. ولماذا لا تنعقد مجامع فقهية تضم علماء المسلمين من كافة الدول من المشهود لهم للاتفاق على الفتوى وتوحيدها خاصة فى الأمور التى تتعلق بأركان الدين الأساسية؟

نحن مثلا مختلفون حول كيفية تحديد أهلة الشهور العربية.. وهل نأخذ بالعلم أما بالرؤية البشرية.. ولم نتفق حتى الآن على توحيد الأهلة حتى نصوم معا ونفطر معا.. وأصبح من حق كل دولة إعلان هلال شهر رمضان بمفردها عن سائر الدول الإسلامية الأخرى.. لدرجة أن البعض يتعامل مع هذه القضية باعتبارها تخص السيادة الوطنية!

نحن أيضا لم نتفق حتى الآن حول موضوع الحج والعمرة فى زمن الأوبئة.. هل يتم تأجيلها.. أم يكتفى العلماء بالتحذير وعلى كل مسلم اتخاذ القرار بنفسه.. أم أن هذا الموضوع من مسئوليات أولى الأمر؟!

فى كثير من أمورنا الشرعية نحتاج إلى فتوى واحدة من أولى الأمر.. لأن تضارب الفتوى يضعف من مصداقية رجال الدين لدى الناس، وأعتقد أنه لو وحدنا الفتوى سنحد كثيرا من ظاهرة الفتاوى الفضائية التى أدت إلى حالة من البلبلة لدى الناس.. لكننا فى الأساس نحتاج إلى تعريف محدد حول من له حق الفتوى.. خاصة فى ظل وجود أكثر من جهة رسمية تمارس هذا الحق داخل البلد الواحد.. ففى مصر على سبيل المثال يوجد المفتى ولجنة الفتوى بالأزهر ومجلس البحوث الإسلامية التابع للأزهر أيضا.. وكل منهما يتصدى للفتوى.. فأى من هؤلاء نأخذ فتواه إذا تضاربت الفتاوى؟!!





مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة