ظلمها الغرب والشرق، ظلمها القديم والحديث، ظلمها المنحلون ومن ظنوا أنهم متدينون, تارة يريدونها مسخاً وأضحوكة وأداة للغرائز وتارة يريدونها هملاً وصفراً وجاهلة وشىء لا قيمة له.
إنها الأم والأخت والزوجة وبدونها لا تصلح الدنيا، ومع ذلك كثرت السهام الموجهة إليها من كل اتجاه, جاء الغرب وأرادها حرة على حد زعمه, قالوا حرروها من قيود الحجاب واجعلوها حرة مثل الرجل, "وهل الرجل حر؟" الحرية المطلقة ليس لها وجود, خرجت وعملت فى شتى المجالات وفقدت أنوثتها وبقى الرجل هو الرجل والمرأة هى المرأة ولم يتغير شىء, إن المشكلة ليست فى خروجها عن القيود المشكلة فى الرجل المتسلط دائما, هو لم يردها حرة بالعكس أرادها عبدة وأمة له ولشهواته, أرادها متعة للجميع, أرادها مثلها مثل أى شىء ليس له قيمة أو كرامة.
وجاء بعض شيوخ المسلمين وقالوا لها عودى إلى البيت، فليس لك مكان فى وسط هذا العالم إنما أنت خلقت لتبقين فى البيت تعلمى الأطفال وتربيهم وتعملى أعمال البيت فهذا دورك فى الحياة ولك الأجر على ذلك.
فى أى اتجاه نسير؟
خرج علينا أحد المحسوبين على الشيوخ والعلماء وظل يصرخ لماذا؟ لأن امرأة منتقبة ظهرت فى قناة فضائية إسلامية.. ظهرت وهى لا تظهر منها شيئاً، ومع ذلك يعترض الشيخ! لماذا؟.. قال إن النساء جاهلات, وادعى العلم بعد ذلك لماذا؟.. لست أدرى.
السيدة عائشة المحدثة الفاضلة عالمة الشعر واللغة والتى هى أصلاً نشأت فى بيت النبوة فلو كان دورها فقط كما قالوا لما تركها سيد الخلق تفعل ذلك، وهى أعلم الناس بالحق.
والكثير والكثير من النساء الفاضلات اللائى لا يحصين, لماذا يشوهون الإسلام ولحساب من؟ لحساب الشيطان الذى يريد الأم والمربية ليس لها عقل أو قيمة.
يا إخوتى أجيب على السؤال الذى طرحته وهو فى أى اتجاه نسير وأقول الموضوع بسيط وواضح.
الرجل بدلا من أن يغض بصره ويبذل الجهد للطاعة ويجاهد نفسه فى البعد عن المعصية, ولأن بعض من هم يدعون العلم هم أصلاً مرضى القلوب ونحن نعلم الحديث الذى يخبرنا عن أول ثلاثة تسعر بهم النار, أقول الرجل لذلك يريدها بعيدة حتى لا يكلف نفسه عناء جهاد النفس.
يا إخوتى المرأة على عهد النبى كانت تخرج لأداء الصلوات الخمس مثلها مثل الرجل, وكانت تشارك فى الحروب وتطبب الرجال فى المعارك, لأنه كان مجتمع نظيف وكانت قلوب طاهرة, أما الرجال والشيوخ الآن والذين منهم من هو متزوج بأكثر من واحدة لأنه رجل شهوانى فى الأساس يريد المرأة وفقط, مثله مثل الذى يريدها عارية, كلاهما أرادها فقط لشهواته.
المرأة المسلمة فرض الله عليها الحجاب لماذا؟ لتجلس فى البيت؟ لو كان مكانها البيت إذن لماذا ترتدى الحجاب؟ فهى فى البيت إذن.
يا عقلاء يا فضلاء المرأة فى المجتمع المسلم, المجتمع السليم الصحى, ترتدى الحجاب الصحيح سواء كان خماراً أو نقاباً بشرط أن لا يكون فتنه فى نفسه, ثم تخرج بعد ذلك وتشارك فى المجتمع طالما هى تحترم المجتمع ونفسها والناس والأخلاق والدين.
أتذكر كلمة قالتها أخت فاضلة عندما كنا نعمل معا فى فريق عمل فى إحدى الدورات وقدمت كلمتها على المسرح وكانت امرأة منتقبة ولكنها كانت على وعى, قالت نحن نرتدى النقاب على وجوهنا وليس على عقولنا.
هؤلاء الشيوخ أرادوا النقاب على عقولنا فشوهوا صورة الحجاب وصورة الإسلام وأعطوا المبرر لدعاة الانحلال لرفع أصواتهم واتهام الإسلام بظلمه للمرأة.
وجاءت القضية الأخرى التى لا ينتهى الحديث فيها حتى يبدأ من جديد, إلا وهى قضية التعدد, فريق يقول لا للتعدد وفريق يقول التعدد هو الأصل, ومرة أخرى ترتفع أصوات هؤلاء الشيوخ, أن التعدد هو الأصل.
أقول لهم ألم تسألوا أنفسكم لماذا لم يتزوج الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ على السيدة خديجة رضى الله عنها؟.
لو كان التعدد هو الأصل يا دعاة الدين وأنتم فى الواقع تظلمون الدين, لو كان هو الأصل لعدد النبى فى كل زمان ومكان.
الإجابة هى أنه علم قدر السيدة خديجة وفضلها عليه وكان حافظاً للجميل وللحب والود ولم يتزوج على من نصرته ووقفت بجواره حين ظلمه الناس.
سيقولون هذه هى السيدة خديجة من مثلها الآن, أقول من كمثل النبى! وأقول أيضاً, كم من رجل تزوج على المرأة التى وقفت بجواره حينما كان فقيراً وتحملت معه سنيين الفقر وجئتم أنتم يا دعاة الدين وقلتم هذا حقه, أى حق هذا الذى يجعل الرجل يدوس على قلب امرأة ضعيفة ليس لها أحد لمجرد أنه له السلطة, والله أنه ليس حق أبدأً وسيأخذ وزره كل من أعانه على ذلك.
يأتى أحد الشيوخ ويتحدث فى التعدد حتى أنه يجعله مسألة طبيعية وأن غيرة المرأة إنما هى كغيرة الطفل الأول عندما يولد الطفل الثانى فى الأسرة.
كلام غريب والله وعقول مغلقة ورجال مائلون، وسيحاسبهم الله تعالى جل وعلا، الذى لا يمكن أن يظلم مخلوقاته أبداً.
ونفس هذا الشيخ قال أنا لن أتزوج على زوجتى ورفيقة عمرى كيف هذا التناقض وكيف تقول إن التعدد هو الأصل وتقول أنا لا أعدل أنت أعدل من الله ورسوله أم أن هذا هو الحق الذى لا يفهمه الكثير!!
ويقولون إن نسبة العنوسة زادت وإننا ننقذ النساء من شبح العنوسة, أقول لهم إن آخر إحصائية أثبتت أن عدد الذكور أكبر من عدد الإناث، فماذا تقولون.بدلاً من ذلك ساهموا فى زواج شاب وفتاة فأنقذوا اثنين وأعفوهما.
ثم هل تقبل أن يتزوج أبوك على أمك؟
إن المرأة التى تقبل أحياناً أن يتزوج عليها زوجها إنما هى امرأة مغلوبة على أمرها وليس لها حيلة.
ثم إن الله قال "وإن خفتم ألا تعدلوا", فهل من العدل إن تتزوج على رفيقة دربك وطريق كفاحك التى تحملت معك هموم السنين لمجرد إن ربنا أعطاك المال أو حتى إن المرض أصابها, أتقبل أن تتركك هى وتتزوج بآخر إذا أصابك مكروه؟
بدلاً من أن يذهب الرجل المسلم ويبحث عن الزوجة الثانية والثالثة والرابعة، فلينصحه شيوخه بالانشغال بأمر الأمة والإبداع والاختراع والعمل لترقى الأمة بدلاً من أن نصل إلى ما وصلنا إليه الآن، لما فسرنا كل شىء فى الإسلام تبعاً لهوى الرجل وشهواته.
للأسف الفهم المغلوط للدين هو الذى أعطى الفرصة لدعاة الحرية لرفع أصواتهم, وللأسف فإن أغلب الرجال الذين يدعون أن المرأة لا تفهم وجاهلة هم جاهلون ولم يفهموا الإسلام ويعتبرون المرأة مثلها مثل الحيوانات ليس لها مشاعر ويجوز لهم ذبحها وسلخها بسكين بارد.
والله إن الإسلام برئ من كل ما يدعى هؤلاء وهؤلاء, والمرأة إنما أمرها الله بالحجاب ليطهرها ويحفظها ويجعلها تشارك فى المجتمع بأمان واحترام لذاتها, وهى تقول لكل من حولها أنا عقل وليس جسد.
للأسف دعاة الحرية جعلوها جسداً يباع ويشترى ودعاة الدين أيضا جعلوها جسداً يباع ويشترى لا من رحم الله.
يجب أن نعيد القراءة فى ديننا العظيم ونفهمه ونفهم معانى أحكامه ومتى تطبق, ولا نكون مجرد ببغاوات نردد بلا فهم فنجلب على الإسلام تهماً باطلة هو برئ منها.
أعلم أن كلامى هذا سيقابل حرباً شرسة، ولكن أقول لمن سيرمينى بالتهم الباطلة اتقى الله واعلم أنك لو كنت امرأة لما تجبرت هكذا وظلمت دينك. إن ربك قال فى كتابه العزيز "اعدلوا هو أقرب للتقوى"، فهل من العدل أن تكسر قلب من أحبتك وأعطتك نفسها ومالها ولم تبخل عليك بأى شىء وتركت كل شىء من أجلك؟
إن المرأة المسلمة تقية ورعة طاهرة ملتزمة بحجابها الشرعى بغير تفريط أو إفراط, هى الأم والمعلمة والطبيبة الماهرة التى تحفظ عورات المسلمات, هى الكاتبة والعالمة والمفكرة, هى شريكتك يا أيها الرجل فى كل شىء.
استشار النبى عليه الصلاة والسلام أم سلمة ونفذ كلامها لما وجده صواباً، ولم يقل إنك امرأة جاهلة، كما قالها هذا الجاهل الذى يدعى العلم.
ونعود لموضوع التعدد ونقول متى يجوز التعدد؟، وأعتقد أن الإجابة واضحة ولكن أقولها, المرأة التى لا تحب زوجها والتى لا تتقى الله هى التى من الممكن أن يتزوج عليها زوجها ولكن بعد أن يخيرها أن تبقى معه أو يطلقها, وذلك بعد أن يكون قد فعل ما بوسعه معها.
أيضا هناك من النساء من لا ترى ضيراً فى أن يتزوج زوجها عليها فهى حرية مطلقه لكل زوج وزوجة.
والتعدد إنما أقره وأباحه الإسلام لمصلحة وعلة وهى إعفاف الأرامل والمطلقات واللاتى تأخر بهن سن الزواج, ولكن غالباً ما يحدث أن يعدد الزوج بغرض الشهوة من فتاة صغيرة جميلة وينصرف إليها ويترك زوجته وأبناءه.
إذن اتخذ كلام العلماء والشيوخ بأن التعدد هو الأصل وأسىء استخدامه ولم يحقق الهدف منه, وكان الأول أن يشدد العلماء على هذا الحكم ويبينوا أنه ليس مباحاً على الإطلاق ويحددوا له شروطاً حتى لا يكونون سبباً فى هدم أسر وبيوت عامرة.
ولكن لماذا إذن عدد النبى؟ يا إخوتى النبى ـ صلى الله عليه وسلم ـ عندما يعدد فهو ليس بشراً عادياً، فهو تزوج تسعة فى وقت واحد فهل يجوز لنا ذلك؟ بالطبع لا إذن نحن لسنا كالأنبياء، فالأنبياء أعطاهم الله طاقات وقدرات ليست للبشر ولقد تزوج النبى بعد السيدة عائشة بنساء ثيبات ولم يكن أبداً بغرض الشهوة, ثم أن النبى العظيم كثير على امرأة واحدة فهو أمة وحده.
بالله عليكم قولوا كلمة الحق يا علماء الإسلام, وكفى ظلماً للإسلام ومجافاة للحق وأنتم تحسبون أنكم تحسنون صنعاً. ولا تكونوا عوناً للشيطان على المرأة فتجعلونها تكره دين الله لأنكم قلتم فيه غير الحق ولا تكونوا مقنتين لها من رحمة الله فتجعلونها أماً مغلوبة على أمرها وأماً متمردة على كل شىء. سددوا وقاربوا واتقوا الله.
وفى ختام كلامى أقول إنما أردت أن أسلط الضوء على قليل مما تعانيه الأمة، خاصة فى قضية المرأة التى لا ينتهى الكلام فيها ليس لأنها موجة أو تيار نجرى وراءه، وإنما لأن القضية ما زالت تتأرجح بين اليمين واليسار، فلم يحدث فيها التوازن بعد، لذلك لم تستقر على الحق حتى ينتهى الكلام فيها, ولو استقرت واتضحت, واتضح الحق فيها لأغلق الكلام فيها وحدث التوازن الذى ننشده.
اللهم قد بلغت اللهم فاشهد.
- صوؤة ارشيفية -
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة