محمد حمدى

حكمة بظاظو!

الأربعاء، 05 أغسطس 2009 04:16 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لو كنت مكان رئيس الوزراء الدكتور أحمد نظيف لتوقفت كثيرا وطويلا أمام مداخلة الطالب عبدالله أحمد بظاظو فى معسكر إعداد القادة ببورسعيد قبل يومين.. بظاظو لخص فى كلمات بسيطة ما يشعر به أغلب الشباب فى مصر، حين قال: "أشعر بالفساد فى كل مكان.. ومش حاسس بمقاومة من جانب الحكومة.. كل يوم بحس بالغربة أكثر.. وإن البلد مش بلدى".
بظاظو عبر بكلمات بسيطة وواضحة عما يعتمل فى صدور معظم المصريين، وتنقل ببساطة شديدة بين أخطر مرض تعيشه مصر، وهو الفساد، وأخطر عرض ناجم عنه، وهو فقدان الانتماء.

فى عمر عبدالله بظاظو كنت أسافر إلى أوروبا للعمل فى الإجازة الصيفية، تقتلنى الغربة، ويدفعنى الحنين للوطن للعودة سريعا لاستكمال دراستى الجامعية لتنفيذ أحلامى فى بلدى، ولم أفكر أبدا فى البقاء خارجها، والعيش بعيدا عن أهلى وناسى وأرضى وكل الذكريات الجميلة التى تربط المصريين بوطنهم.

وطوال سنوات عديدة قاومت إغراءات العمل فى الخليج، باستثناء عدة أشهر شعرت فيها أنه تم اقتلاعى من جذورى، وأننى مثل السمك لا يمكنه الحياة خارج المياه.. لكننى الآن أفكر كثيرا لماذا كنت أعود سريعا كلما سافرت للخارج؟.. ولا أبالغ إذا قلت إن موضوع الهجرة والعيش خارج مصر لم يعد غائبا عن تفكيرى، وقد يحدث فى أى لحظة.. وأعتقد أن ملايين المصريين يشاركونى هذه الأفكار ويشعرون مثل عبدالله بظاظو بأن البلد لم يعد بلدهم!
لو كنت مكان رئيس الوزراء لتوقفت كثيرا أمام ما قاله عبد الله بظاظو، فالفساد فى كل مكان، فساد الحكم.. وفساد الأفراد، فشراء عائلات الوزراء لبنوك وشركات مملوكة للدولة فساد ما بعده فساد، وعمل بعض الوزراء رجال الأعمال فى نفس نشاطهم التجارى فساد ما بعده فساد، واستمرار نواب البرلمان فى أعمالهم فى السلطة التنفيذية فساد ما بعده فساد.. والفساد ليس كما يقول رئيس الوزراء فى رده منتشر فى "حتت صغيرة" وإنما ينتشر ويتوسع ويتوحش بين الكبير والصغير على السواء.

ولو كان رئيس الوزراء يقرأ الصحف لعرف أن الفساد منتشر فى كل مكان، وتكشف عنه الصحافة كل يوم، لكن المشكلة الكبرى أننا لا نريد الاعتراف بهذا الفساد، ولا نبذل أى جهد للقضاء عليه، لدرجة أنه لم يعد لدى المواطنين ثقة بنية الحكومة مواجهة الفساد، لأنها لا تمتلك لا الإرادة.. ولا القدرة على هذه المواجهة.

لو كنت مكان الدكتور نظيف لاعترفت بانتشار الفساد فى مصر على كافة المستويات، وبدأت مواجهته، لكن نفيه لا يؤدى إلا لزيادته، ومن ثم انتشار حالة عدم الانتماء لدى الناس، فبعد أن يسمع عبدالله بظاظو رئيس الوزراء وهو يقول إن الفساد ينتشر فى "حتت صغيرة" لن يثق مرة أخرى فى الحكومة ورئيسها، وسيزداد شعوره بالغربة داخل بلده، ويفقد الانتماء ويصبح أمام خيارين: إما انتهاز أى فرصة للهروب من المركب قبل غرقه بالهجرة خارج مصر.. أو البقاء والدوران فى عجلة الفساد التى تلتهم الشعب المصرى كل يوم، وتفسده أكثر من ذى قبل.








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة