على سيد على

بحبك يا أدول

الأربعاء، 05 أغسطس 2009 07:20 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لم أقتنع بما صرح به الأديب حجاج أدول، واتهامه للدولة بأنها تتعامل مع النوبيين بعنصرية.
بداية، لم أفهم ماذا يقصد أدول بالدولة، هل يقصد بالدولة الحكومة والنظام، أم يقصد بها الأرض والشعب، إذا كان أدول يقصد بالدولة الناس الذين يعيشون على أرض مصر من أسوان إلى الإسكندرية ومن سيناء إلى السلوم، فأود هنا أن أطمئن الأستاذ أدول بأن الشعب المصرى يحب النوبيين أكثر من أى سكان منطقة أخرى فى المحروسة.
يا أستاذ أدول.. طوال حياتى القصيرة، التى لم تتعد اثنين وثلاثين عاما، لم أقابل نوبيا إلا وتمنيت أن تستمر العلاقة بيننا مدى الحياة، وأكاد أجزم بأن ذلك ليس شعورا فرديا خاصا بى، بل شعورا جمعيا يشترك فيه الشعب كله بجميع طوائفه.
يا أستاذ أدول.. عندما نطلق كلمة "نوبى"، فهى مثلها مثل "دمياطى" أو "بورسعيدى".. كلمة تدل على مصريين يعيشون فى منطقة ما من أرض مصر، وليس لها أى مدلول عنصرى، ثم إن الشعب المصرى المعروف بخفة دمه وإطلاق النكات بمناسبة وبدون، لم يطلق نكتة واحدة على النوبى، "على كده بقى كتر خيرهم الصعايدة والدمايطة".
يا أستاذ أدول.. لست فى حاجة لأن أذكرك بأن من النوبة، خرج الكثير من نجوم الرياضة والفن، والذين لا يختلف على حبهم اثنان، ومنهم – على سبيل المثال – أسامة عرابى ومحمد منير، هل تعلم يا أستاذ أدول أن منير لقبه فى مصر الكينج، يعنى الملك يا أستاذ أدول، وبمناسبة الملك، ألا تتذكر معى مسلسل الكرتون الشهير الذى تابعه الكبير قبل الصغير، وكانت الشخصية الرئيسية فيه لطفل من النوبة اسمه بكار، طيب.. ذكى.. متفوق.. مغامر، باختصار طفل "سوبر مان" يجمع كل الصفات الحميدة.
يا أستاذ أدول.. أنت تقول إن "هناك شريحة من الشعب المصرى تمارس العنصرية تجاه النوبيين دون أن يشعروا بذلك، عن طريق السخرية من لونهم والتهكم عليهم". وأنا بدورى أسألك: من هى هذه الشريحة بالضبط، ومنذ متى والشعب المصرى يسخر من اللون الأسمر، الذى ارتبط فى ذاكرته بصفات حميدة، تدور حول الأصالة والمروءة والطيبة فى الرجال، والجمال والحسن والدلال فى النساء. يعنى عندك - مثلا - يا أستاذ أدول.. عبد الحليم حافظ لما حب يغنى للون البشرة قالك إيه.. "أسمر يا اسمرانى"، مقالش "أبيض يا ابيضانى".
أتمنى ألا يغضب منى الأستاذ أدول إذا ما أخبرته أننى ضحكت (بجد) عندما قرأت فى تصريحاته قوله: "إن تغاضى الدولة عن عدم السماح لمذيع أو مذيعة سمراء اللون بالظهور على شاشة التليفزيون يعكس الاعتقاد السائد بأن اللون الأسمر غير جميل". الفكرة بمنتهى البساطة يا أستاذ أدول أن المسئولين عن اختيار المذيعين "شايفين" إن اللون الأسمر لا يليق بمذيع، (وهى بالطبع نظرة قاصرة) ولذلك يستبعدون القاهرى الأسمر، والبورسعيدى الأسمر، والمنوفى الأسمر، "وأى حد أسمر من جميع محافظات مصر اللى أنا بتلخبط فى عددها بعد التقسيم الجديد.. وبالمناسبة كانوا هيستبعدوا برضو أى حد أسمر من محافظة حلوان أو محافظة 6 أكتوبر.. يعنى الموضوع مش استقصاد للنوبيين بس يا أستاذ أدول".
يا أستاذ أدول ألم يخبرك أحد أو يصل إلى مسامعك أن الرجل الأول فى الجيش المصرى وهو المشير حسين طنطاوى القائد العام للقوات المسلحة، هذا الرجل المسئول الأول عن حماية مصر والحفاظ على أرضها، أصله نوبى.. يا أستاذ أدول.. أين هى هذه العنصرية التى تتحدث عنها؟ ولماذا تتحدث عنها؟ هل تتحدث عنها بسبب موظف فى مديرية الشباب قال لرئيس مركز شباب نوبى طلب منه الموافقة على تنظيم ندوة: "خلينا نشوف البرابرة هيعملوا إيه؟".
يا أستاذ أدول.. ممكن جدا يكون الموظف بطبعه "قليل الذوق" ويتعامل بقلة الذوق تلك مع زملائه فى العمل، وجيرانه فى الشارع وحتى مع أهله فى البيت، وأنا أرجح أنه – من الأساس – لا يفهم معنى كلمة "العنصرية" التى اتهمت الشعب المصرى بممارستها ضد النوبيين.

يا أستاذ أدول.. عندما أردت أن تدلل على الظلم الواقع على الأدباء النوبيين، ذكرت أن جوائز الدولة لم يحصل عليها إلا ثلاثة أدباء نوبيين – فقط –، وأنا أرى أن هذا العدد الذى ذكرته، مقارنة بعدد النوبيين، يعد دليلا على حسن نوايا الدولة تجاه النوبيين، بمعنى أنها "مش حطاهم فى دماغها وزيهم زى أى مصرى عايش على أرض مصر".
يا أستاذ أدول أتفق معك ومع كل النوبيين فى مطالبكم العادلة بعودتكم إلى أراضيكم الأصلية، ولكن ليس معنى رفض الحكومة لمطالبكم أنها تمارس العنصرية ضدكم، لماذا لا نصف رفض الحكومة وتعنتها فى تحقيق مطالبكم بالقسوة، تلك القسوة التى تمارسها الحكومة على جميع الشعب بلا استثناء.

يا أستاذ أدول.. الحكومة كانت تعلم أن صخرة الدويقة ستنهار، ولم تتحرك حتى سقطت على رؤوس مواطنين أبرياء، منهم بحاروة وصعايدة وبدو، ولا يُستبعد أن يكون من ضمن الضحايا أسرة نوبية. هل يجوز فى هذه الحالة أن نتهم الحكومة بالعنصرية؟
على فكرة يا أستاذ أدول، أنا لم أَشرف بمعرفتك بشكل شخصى، وعلى الرغم من أننى لا أجاهر بحب شخص إلا إذا تعاملت معه وعاشرته، ولكن لأنك من النوبة، أستطيع أن أصرح لك مطمئنًا: "بحبك يا أدول".





مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة