محمد حمدى

من باب الحسرة!

الثلاثاء، 04 أغسطس 2009 06:58 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
قال لى صديقى العائد من لندن لقضاء إجازة الصيف فى مصر، إن المستشفى الذى يعالج فيه من فيروس سى أعطاه حقن الإنترفيرون التى يأخذها كل أسبوع ليحقن نفسه بها فى الإجازة.. وهذا طبيعى، لكن غير الطبيعى أن المستشفى أعطاه حقيبتين، الأولى عبارة عن ثلاجة صغيرة يضع بها الحقن، والثانية حقيبة خاصة بها عدد من الأكياس محكمة الغلق، ليضع بها الحقن الفارغة بعد أن يحقن نفسه بها.

ظننت للوهلة الأولى أن المستشفى يتخذ إجراءات تحوطية للتأكد من أنه سيحقن نفسه بالحقن، لذلك يريد الفارغة منها للتأكد أو لتسليم الحقن الفارغة باعتبارها عهدة يجب توريدها إلى المستشفى كما يحدث عندنا، لكن الصديق فاجأنى بإجابة مختلفة: حقيبة الحقن الفارغة الغرض منها الحفاظ عليها لمنع التلوث، ثم تسليمها للمستشفى للتخلص منها بطريقة آمنة باعتبارها نفايات طبية خطرة.

قارنت بين ما يحدث فى المستشفيات العامة البريطانية وبين ذهابى للنادى الأهلى الجمعة الماضية والجلوس فى حديقة الأطفال، حيث فوجئت برائحة لا يمكن تصورها، وعلمت أنها بسبب المخلفات الطبية التى يلقيها مستشفى الأنجلو أمريكان فى الجزيرة فى مكان مجاور لحديقة الأطفال بالنادى الأهلى.

ورجعت بذاكرتى لعدة أسابيع حينما أعلنت وزارة البيئة عن ضبط عدة مصانع غير مرخصة تصنع لعب الأطفال من مخلفات المستشفيات، فى إشارة على أن بعض المخلفات الطبية للمستشفيات العامة والخاصة لا يتم حرقها فى محارق خاصة وإنما يتم بيعها أو إلقاؤها فى القمامة ليعاد تدويرها وتصنعيها خاصة فى صناعات بلاستيكية للمنازل والأطفال.

لذلك لم أستغرب أيضا إصابة المئات بالتيفود بقرى القليوبية بسبب اختلاط مياه الصرف الصحى بمياه الشرب، بسبب مخالفات المقاول الذى ينفذ مشروع مياه الشرب فى تلك القرى مما دعا محافظ القليوبية إحالة الموضوع برمته للنيابة العامة للتحقيق فيها.

وهناك الكثير.. والكثير مما يمكن ذكره فى هذا المجال، لكن الأكيد أن صحة المواطنين هى آخر ما نفكر فيه، فالقاهرة على سبيل المثال من أكثر عواصم العالم تلوثا بكل الملوثات، أما مستشفيات وزارة الصحة فحدث ولا حرج، ورغم كل الحديث عن تطويرها فلا يوجد مستشفى حكومى أو حتى خاص يمكنك الدخول فيه وأنت آمن على صحتك.

قبل عشرين عاما أصبت فى حادث سيارة ونقلت إلى مستشفى السنبلاوين العام حيث وضعت قدمى بالجبس، وفى اليوم التالى شعرت بآلام غير مبرحة فذهبت لطبيب عظام فقام بتكسير الجبس، وإخراج كميات كبيرة من الدم الفاسد من قدمى، وأخبرنى أنه كان يمكن أن تصاب قدمى بالغرغرينا بعد ساعات لأن الطبيب الذى وضعها فى الجبس فى المستشفى العام لم يخرج الدم النازف بداخلها.

ومنذ هذه الواقعة وحتى الآن أشاهد عشرات الحالات يوميا تكشف عن تعاظم الإهمال الطبى فى المستشفيات.. ورغم كل أحاديث وزير الصحة لم تتطور مستشفياتنا العامة أو تتزحزح إلى الأمام قيد أنملة.

دعوت لصديقى بالشفاء، وتركته يجمع حقنه الفارغة ليتخلص منها مستشفاه فى لندن بطريقة آمنة.. وتحسرت على حالنا .. وعلى ما يجرى لنا.. وعلى ما يفعلوه بنا.






مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة