تسببت مواقع المحطات النووية "البديل" لموقع الضبعة، والتى بدأت وزارة الكهرباء دراساتها مؤخرا، فى أزمة بين الدكتور حسن يونس، وزير الكهرباء، وأعضاء لجنة الإنتاج الصناعى والطاقة بمجلس الشورى، بعد أن أصروا على أن يكشف الوزير عن المواقع التى تم ترشيحها كبدائل للضبعة، وهو ما تهرب منه الوزير طيلة الاجتماع، قبل أن يعتذر عن اجتماع اللجنة الذى كان مقررا عقده غدا الأربعاء، بالإسكندرية، لاستكمال مناقشة مشروع القانون، خوفا من تكرار هذا الموقف.
ونقل اليوم السابع تصريحات مصادر برلمانية، أكدت أن محمد فريد خميس بذل جهودا موسعة لعقد الاجتماع الذى تم تأجيله لمرتين متتاليتين، فى محاولة لقبول وزير الكهرباء الدعوة لحضور الاجتماع، وأكدت المصادر أن هذه المحاولات باءت بالفشل.. وقالت المصادر "إن وزير الكهرباء كلف عددا من المختصين ببحث جميع المشاكل الخاصة بالمشروع والتى تنحصر فى تملك عدد من رجال الأعمال لمساحات من الأراضى المجاورة لموقع الضبعة، قبل الإعلان النهائى عن موقع إنشاء المحطة النووية الأولى فى مصر".
اليوم السابع ينشر بيان المواقع المرشحة لإقامة المحطات النووية، التى تسببت فى الأزمة الأخيرة، وهى التفاصيل التى انفردت بها "اليوم السابع" فى إصدارها الأسبوعى فى عدد 17 نوفمبر 2008، قبل أن يتم بثها على موقع الجريدة الإلكترونى بتاريخ 21 نوفمبر 2008، تحت عنوان "البيان الكامل للمواقع المرشحة لإقامة المحطة النووية"، ويعيد الموقع نشر الموضوع مؤكدا على صحة جميع التفاصيل الواردة به، مع الإشارة إلى محاولات وزارة الكهرباء الآن لتسوية الأمر، والاستقرار على أحد المواقع البديلة، مع تسريب ما يشير إلى مفاوضات مع رجال الأعمال المستشمرين بالساحل الشمالى ليتكفلوا بتكلفة الدراسات الجديدة التى ستجرى على الموقع البديلة لـ"الضبعة".
البيان الكامل للمواقع المرشحة لـ"المحطات النووية"
استقرت الحكومة على تحديد 5 مواقع جديدة على البحرين الأحمر والمتوسط، إضافة لموقع الضبعة الذى تم التمهيد لكيفية التعامل معه فى تصريحات مختلفة لمسئولين حكوميين بأنه "أحد المواقع المطروحة للدراسات".
المواقع الجديدة تم تحديدها بواسطة "الجهاز المركزى الوطنى لتخطيط استخدامات أراضى الدولة"، بعد أن أرسلت له وزارة الكهرباء وهيئة المواد النووية خطابا يتضمن الاعتبارات التى يجب توافرها فى المواقع المختارة لإنشاء المحطات النووية، بحسب المصادر ذاتها.
وبالفعل تشكلت لجنة لتحديد أكثر من موقع يراعى فيها الاعتبارات التى وضعتها هيئة المواد النووية، والتى كان على رأسها خلو المنطقة من السكان، بحيث يمكن السيطرة على كل الأنشطة داخلها، وتوافر المياه اللازمة للتبريد بالمواقع بكميات مناسبة، وأن تكون المواقع على البحار، وخارج وادى النيل شريطة أن تكون المسافة كافية على الساحل لدخول وخروج مياه التبريد للمحطة، بالإضافة لبعد هذه المواقع عن التراكيب والظواهر الجيولوجية الخطرة، مثل: "الزلازل، الفوالق، الكهوف، الانزلاقات الأرضية"، ووجود مساحة مناسبة لإقامة مرافق تهيئة وحفظ النفايات الصلبة منخفضة ومتوسطة المستوى الإشعاعى، تتراوح أبعادها بين 500 متر إلى 1 كيلو متر.
المفارقة أن الاعتبارات السابقة تنطبق تقريبا على مواصفات موقع الضبعة الحالى، بل إن أحد أهم الاعتبارات التى طلبتها وزارة الكهرباء فى المواقع الجديدة أن تكون مساحتها مكافئة لمساحة موقع الضبعة على الأقل، حتى تستكمل الدراسات التفصيلية التى تحدد الاحتياجات الفعلية للمساحة المطلوبة، وهى 15 كيلومترا بمحازاة شاطئ البحر وبعمق يتراوح بين 4 إلى 5 كيلو مترات. وهو أمر مثير للتعجب، فإذا كان موقع الضبعة نموذجيا إلى درجة تفضيل المواقع الجديدة عليه، فلماذا إذن تجاهله من البداية؟ .. ولمصلحة من تعطيل المشروع لسنوات طويلة فى دراسات أجريت بالفعل على الضبعة وثبتت صلاحيته بموجبها؟!
وتقع 4 مواقع بين المواقع الخمسة المرشحة على سواحل البحر الأحمر، الذى استبعدت كل مواقعه فى الدراسات القديمة التى أجريت مطلع الثمانينيات على مواقع عدة بمصر، لعدم استقرار البحر الأحمر جيولوجيا، ولنشاطه الزلزالى الزائد بشكل يصعب من فرص إنشاء المحطات النووية بالقرب منه، إلا فى حالة اتخاذ احتياطات خاصة جدا أثناء إنشاء المحطة لتتواءم مع طبيعة الموقع، وهى الاحتياطات التى ستزيد تكاليف إنشاء المحطات فى هذه المواقع إلى الضعف تقريبا بحسب تأكيد الدكتور أحمد حسنين حشاد، الرئيس الأسبق لهيئة المواد النووية، الذى أضاف أن إقامة المحطات النووية بهذا الشكل فكرة غير اقتصادية بالمرة، خاصة مع دولة تتلمس خطواتها الأولى فى برنامجها النووى.
أول المواقع المرشحة يمتد بطول 8 كيلومترات وبعمق 7 كيلومترات على ساحل البحر الأحمر، جنوبى مدينة "مرسى علم"، وتبلغ مساحته الكلية 19,70 كيلو متر مربع، الموقع الثانى يقع أيضا بمحافظة البحر الأحمر، ويمتد لـ10 كيلومترات على ساحل البحر، بعمق 8 كيلومترات. وتبلغ مساحته الكلية 91 كيلو مترا مربعا. ويبعد عن مدينة سفاجا بـ7 كيلو مترات، وعن ميناء سفاجا بـ7 كيلومترات أيضا.
منطقة حمام فرعون التى تقع بمحافظة جنوب سيناء هى ثالث المواقع المرشحة لدراسات المحطات النووية، وتبلغ مساحة الموقع 35 كيلومترا مربعا، ويمتد بطول 7 كيلو مترات على خليج السويس، بعمق 4 كيلو مترات. بينما احتل موقع عيون موسى المركز الرابع بين المواقع المرشحة للدراسات، ويقع فى محافظة السويس خارج خريطة الاستثمار، ويبعد هذا الموقع عن التجمعات السكانية بمدينة السويس بنحو 3.6 كيلو متر، وتقع كل أراضى هذا الموقع فى ولاية وزارة الإسكان.
المواقع السابقة جميعا تقع على ساحل البحر الأحمر، واستثنى منها موقع النجيلة، الذى يقع غربى مدينة مرسى مطروح بنحو 80 كيلومترا، وتبلغ مساحته77 كيلو مترا مربعا، ويتمد منه 25 كيلومترا على ساحل البحر المتوسط مباشرة، وأقرب مدينة سكنية له هى مركز النجيلة أحد مراكز مطروح الثمانية، على بعد 6 كيلومترات جنوبى الموقع.. ويتبقى موقع الضبعة المدرج بين المواقع المختارة، على أن يتم تحديث الدراسات التى أجراها عليه المكتب الفرنسى "سوفراتوم" فى أوائل ثمانينيات القرن الماضى.
السرية البالغة التى فرضتها وزارة الكهرباء، وهيئة المحطات النووية حتى الآن، مبعثها القلق من مواجهة الرأى العام بالمواقع البديلة، التى استبعد بعضها بالفعل عند إجراء دراسات الضبعة الأولى. ويبدو أن الجهات المسئولة عن المشروع كانت تفضل الإعلان عن تلك المواقع بعد الاستقرار على المكتب الاستشارى المعنى بالدراسات، كى تضيع موجة الاستنكار التى سيفجرها الإعلان عن هذه المواقع.
وهو الاستنكار الذى تدرك جيدا قيادات المشروع أنه لن يكون شعبيا فحسب، بل سيمتد إلى دوائر أقرب للرسمية من علماء الطاقة الذرية وخبرائها الكبار، والذين سيعلنون استياءهم من اختيار مواقع أقل كثيرا من موقع الضبعة من نواح مختلفة.. من هؤلاء الدكتور أحمد حسنين حشاد، رئيس هيئة المواد النووية الأسبق، وأحد أوائل كوادر برنامج مصر النووى منذ بدء التفكير فيه، وكثيرون غيره من شيوخ وأساتذة الهيئات النووية الثلاث، هيئة الطاقة الذرية، وهيئة المحطات النووية، وهيئة المواد النووية.
د.حشاد استنكر بشدة وجود 4 مواقع بين المواقع المختارة على البحر الأحمر، الذى قال إنه يعانى من مشاكل جيولوجية كبيرة، تتمثل فى نشاطه الزلزالى الكبير، والصدوع الجيولوجية المنتشرة بقاعه، يشاركه الرأى د.على الصعيدى وزير الكهرباء السابق، ورئيس هيئة المحطات النووية فى الفترة التى اختير فيها موقع الضبعة للمشروع، الذى أضاف أن البحر الأحمر عبارة عن فالق جيولوجى طبيعى، يمتد إلى البحر الميت، ووادى البقاع. وبذلك فإن معدلات الزلازل به عالية جدا، مؤكدا أن بناء محطات نووية على سواحله ليس مستحيلا، لكنه مكلف اقتصاديا بشكل كبير.
سؤالنا لـ "الصعيدى" عن توقعاته للمشروع بهذه الصورة قابله بقوله: "اسألوا وزارة الكهرباء هى اللى اختارت الموقع، وعند مسئوليها الإجابات".. لكن مسئولى الوزارة يعتمدون سياسة تعتيم كامل على كل ما يخص المشروع، ومحاولة الاتصال بالدكتور يس إبراهيم رئيس هيئة المحطات النووية استمرت لأكثر من أسبوعين دون إجابة.
موقعان من مواقع البحر الأحمر استبعدهما الدكتور حسنين حشاد دون نقاش، مؤكدا عدم صلاحيتهما، هما "حمام فرعون" و"عيون موسى"، مؤكدا أنه من المستحيل إقامة محطات نووية بهما؛ كون قشرتهما الأرضية "تكتونية" شديدة الحساسية والقابلية لوقوع الزلازل. تنضم إليهما بصورة أقل، منطقة "مرسى علم"، ووصف حشاد منطقة "حمام فرعون" بالمنطقة الساخنة، التى تقع على صدع مقابل "العين السخنة" التى لا تختلف عنها كثيرا من حيث عدم الاستقرار الجيولوجى.
تبقى موقع النجيلة الذى قال حشاد: إنه الموقع الأنسب كبديل للضبعة بين المواقع الخمسة الجديدة، لهدوء تربة البحر المتوسط الجيولوجية، ولكونه الأقرب شبها بالضبعة، لكنه عاد واستدرك "ليه بيروحوا بعيد، لما موقع الضبعة موجود ومناسب، وأقرب من موقع النجيلة؟".. وفسر كلامه بالجدوى الاقتصادية التى ترفع من أسهم الضبعة، لقربها نسبيا من شبكة الربط الكهربائى، على عكس النجيلة التى ستتطلب إقامة شبكة جديدة تتكلف ملايين الجنيهات. وفى نفس الوقت سيتكلف نقل الطاقة المنتجة من المحطة حال إقامتها فى "النجيلة" لتقل جدواها الاقتصادية فى هذه الحالة كثيرا.. وليبقى سؤال حشاد "لمصلحة من كل هذا؟".. معلقا بلا جواب فى الوقت الحالى.. على الأقل!
اليوم السابع ينشر تفاصيل المواقع المرشحة لـ"المشروع النووى".. الحكومة تحدد 5 مواقع جديدة على البحرين الأحمر والمتوسط.. ووزير الكهرباء يعتذر عن اجتماع مناقشة قانون الأمان النووى
الثلاثاء، 04 أغسطس 2009 03:58 م