عبر "معبر الكرامة" الذى يفصل بين الأراضى الفلسطينية والأردن، وصلت وفود حركة فتح فى الشتات إلى الضفة الغربية للمشاركة فى المؤتمر السادس لحركة فتح الذى يعقد اليوم، والذى يدرس كل المتغيرات السياسية ويأخذ القرارات المناسبة وينتخب قيادات جديدة توائم بين تجربة الشيوخ "الحرس القديم" وحماسه الشباب "الفتحاويين الجدد"، بالرغم من أن مصير المؤتمر مازال معلقاً على حل عقدة التمثيل الفتحاوى فى غزة، حيث بدأ العشرات من كوادر فتح فى سوريا ولبنان الوصل إلى الضفة كل بطريقته الخاصة..
ويعتبر وصول الغالبية العظمى من هؤلاء إلى الضفة الغربية، بطريقة رسمية، أمراً يحصل للمرة الأولى منذ العام 1967، ومن بين القياديين الذين توجهوا إلى الضفة الصديق سلطان أبو العينين أمين سر حركة فتح فى لبنان، ويشارك فى أعمال مؤتمر فتح أكثر من مائة عضو من كوادر الحركة فى سوريا ولبنان من أصل 1550 عضواً، وهو العدد الإجمالى لأعضاء المؤتمر، فيما يتوقع أن تصدق اللجنة المركزية للحركة برئاسة الرئيس الفلسطينى "محمود عباس" على زيادة عدد أعضاء المؤتمر إلى حوالى 1750 عضواً، وقال مصدر أمنى فلسطينى إن "غالية أبو ستة" غادرت قطاع غزة بالتنسيق مع سلطات الاحتلال الإسرائيلى بعدما وصلت إلى ذلك المكان متنكرة بزى بدوية، وبذلك تكون حالة العبور هذه الأولى التى يستطيع أن ينفذها أحد أعضاء فتح للعبور من قطاع غزة إلى الضفة، وقالت "الغالية" فى اتصال هاتفى مع وكالة أخبار فلسطينية مستقلة: "أنا لم أهــرب من القطاع وخرجت من أمام أفراد الأجهزة الأمنية التابــعة للحكومة المقالة وكنـت جالسة على عربة كارو، ولم يتحدث أحد معى ولم يساعدنى أحد على مغادرة القطاع"، فيما نقلت وكالة «أسوشيتدبرس» عن مصادر فى حركة فتح أن 57 من ناشطى الحركة المقيمين فى غزة تمكنوا من التسلل إلى الضفة وقد قدم 39 عضوا من المجلس الثورى فى فتح اقتراحات وتوصيات تتعلق بالمؤتمر السادس، رفضوا فيها عقده من دون حضور أعضاء فتح فى غزة والخارج.
كما تم تقديم مقترح بضرورة معاملة حركة حماس على أنها "تنظيم محظور فى الضفة على غرار ما تفعله مع حركة فتح فى غزة"، وقد نفى اللواء جبريل الرجوب عضو المجلس الثورى فى فتح صحة ما تردد بشأن نية الحركة اعتقال كوادر من حركة حماس فى الضفة الغربية كرد فعل على منع قيادات فتح من مغادرة قطاع غزة للمشاركة فى المؤتمر السادس.
وقال الرجوب، فى تصريح لقــناة الجزيرة، إن "حركة فتـح ترفــض أن تتـــعرض كوادر حــماس فى الضفة للتهديد أو الاعتقال كرد فعل على ســلوكها غير المقـبول بمــنع أعضاء فتح من المشاركة فى المؤتــمر السادس"، معــتبراً أن "انعقاد المؤتمر السادس لحركة فــتح سيصــب فى مصلحة الحركتين، وسـيساهم فى إعادة ترتيــب البيت الفلسطيني".
على الطرف الآخر، هدد رئيس الحكومة الفلسطينية المقالة "إسماعيل هنية" بمقاطعة محادثات المصالحة مع حركة فتح ما لم يطلق سراح أنصار حماس فى الضفة الغربية. وقال هنية، فى خطبة بمسجد فى رفح جنوبى قطاع غزة، إن هناك شكاً فى أن تحضر حماس والأطراف الأخرى جولة الحوار المقبلة فى القاهرة ما لم يغلق ملف الاعتقالات السياسية، مشدداً على أن حماس لن تقبل الحوار بينما تستمر الاعتقالات.
وقد وصلنى نص رسالة من الفتحاوية فى الشتات التى وجهوها للرئيس الفلسطينى يقولون فيها "نرجو من القيادة العليا وعلى رأسهم السيد الرئيس اتخاذ الإجراءات الوقائية والعقابية لكل من يحاول وضع العقبات أمام انعقاد المؤتمر السادس للحركة وعدم التهاون معهم كائنا من كان، لأن وضعنا فى قطاع غزة لا يحتمل المزيد من التأخير والمماطلة باتخاذ الإجراءات الصارمة والصريحة لتحديد منهجية ومسار الحركة"، فيما دخلت الخلافات والاتهامات بين حركتى "فتح" و"حماس" منحى تصعيدياً جديداً، وينذر بأوخم العواقب، ويحدد فعلياً مصير حوار المصالحة بين الحركتين، هذا إذا بقى بعد ذلك أى حوار، وفى حين كررت حركة "حماس" إصرارها على منع خروج مندوبى "فتح" من قطاع غزة للمشاركة فى المؤتمر السادس المقرر عقده فى الرابع من أغسطس المقبل ما لم يفرج عن جميع معتقليها فى الضفة الغربية، هددت حركة "فتح" بتوسيع دائرة استهداف قادة وكوادر "حماس" بالاعتقال فى الضفة، خاصة بعد أن نكثت حماس بتعهداتها لسوريا ومصر وتركيا بالسماح لأعضاء مؤتمر "فتح" بمغادرة القطاع، وأكد رئيس وزراء سوريا "أن سوريا بعثت برسالة للقيادة الفلسطينية أكدت فيها أن حماس ستفرج عن أعضاء المؤتمر السادس المعتقلين فى سجونها، وستسمح لهم بمغادرة قطاع غزة، وأن سوريا بعثت بالفعل بمثل هذه الرسالة، ولكن حركة فتح فوجئت بعدم تقيد حماس بهذا التعهد مما أثار أيضا انزعاج القيادة السورية"..
وقد وصلنى فى بريدى الإليكترونى من صديق فلسطينى كشفا ببعض الأسماء التى اختطفتهم "حماس" فى غزة من الفتحاوية وهم تسعة عشر من أعضاء المؤتمر وقيادة إقليم "فتح" بعد استدعائهم. وفى المنطقة الوسطى، استدعت أجهزة "حماس"، الوزير "عبد الله أبو سمهدانة" المحافظ وعضو اللجنة الحركية العليا لـ"فتح" فى قطاع غزة، والذى من المقرر أن يشارك فى أعمال المؤتمر الحركى، وفى محافظة خان يونس، اختطفت "حماس" عضوتين فى المؤتمر السادس هما "سناء شعت" و"زينب الدغمة" كما اختطفت "حماس" هزاع عابد" مدير عام مجمع الشفاء الطبي، بعد استدعائه و"فتحى أبو وردة" الطبيب الأخصائى فى مجمع الشفاء الطبى من منزله، ونقلته إلى جهة مجهولة ولا يعرف مصيره حتى الآن، واختطفت "حماس" عضوين من قيادة الإقليم، هما "حسام أبو عجوة" و"سليمان الرواغ" وعضوى مؤتمر "فتح السادس" عن شمال غزة، "أسامة سعد" و"محمد ناجي".
ويقول "خالد مسمار" عضو المجلس الثورى إن صعوبة الوصول للمؤتمر السادس لحركة "فتح" لم تكن بسبب حماس فقط بل كانت نتاجاً للأحداث المتراكمة الداخلية فى بنية حركة "فتح" منذ مؤتمرها العام الخامس الذى عقد قبل عشرين عاماً فى العاصمة التونسية، ومحصلة للأوضاع السلبية التى تعيشها فى حياتها التنظيمية الداخلية التى بدأت تغلى وترتفع فى مختلف المفاصل التنظيمية فى الداخل والشتات فى ظل حالة الترهل المؤسساتى، وانفلات الأوضاع وفق ما يعرف باسم "تعدد المرجعيات والمنابر" وسيطرة تيارات وأجنحة معينة على موقع القرار التنفيذى على الأرض، فضلاً عن استمرار التباينات الداخلية داخل حركة "فتح" فى جانبها السياسى المتعلق بتقييم المرحلة الطويلة الممتدة من اتفاق "أوسلو" الأول مروراً بمؤتمر "أنابوليس" وما بعده، حيث يتمحور الخلاف السياسى داخل حركة "فتح" بين اتجاه يرى أن المفاوضات مع الإسرائيليين هى الحل والخيار الوحيد رافعاً شعار المفاوضات ثم المفاوضات ثم المفاوضات، وبين اتجاه يرى أن كل الخيارات يجب أن تبقى مطروحة، بما فى ذلك العودة للبدائل المتمثلة باستمرار النضال بكافة أشكاله ومنه الكفاح المسلح لإنهاء الاحتلال، هذا إذا ما أضفنا للأزمات السابقة ما يجرى حالياً من صراعات داخل أجنحة حركة فتح والسلطة الفلسطينية مع تعالى الأصوات الفتحاوية المنادية باستعادة موقع رئاسة "وزارة رام الله" من يد سلام فياض الذى تعتبره غالبية الكوادر الوسطى وقواعد حركة "فتح" رجلاً قادماً من خارج عباءة الحركة الوطنية الفلسطينية وما أدراك ما "حركة فتح" التى هى صاحبة الطلقة الأولى فى ثوره الشعب الفلسطيني.حيث بدأ شباب فتح يقولون علنا فى فضاء الإنترنت بأن "فتح" تحتاج إلى بعض التغير وأول هذه التغيرات إقالة عدد كبير عن منصبهم مثل دحلان ورجوب وعباس وقريع، وأن يتم ضخ دماء شابة وجديدة للعمل السياسى.. فهل يتحقق لهم ذلك أم أن "الحرس القديم" لحركة فتح سوف يحكم يده على كل مقاليد الأمور؟
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة