الإعلامى السياسى مكرم صاحب الوجه الملىء بحمرة الغضب من ثورته على الأوضاع، تحيط وجهه لحية محددة بينها عيناه تنظران بحدة من خلف نظارته، وعلى رأسه شعر مشدود إلى الوراء، تلك هى ملامح الشخصية التى يقدمها الفنان نور الشريف من خلال مسلسله "ماتخافوش" والذى يجسد فيه شخصية محاور سياسى يقدم برنامجا يحمل نفس الاسم، وعلى ما يبدو أن الحالة التى يقدمها نور الشريف والتى تجاوزت حيز الشكل ومفردات الشخصية، غالبا ما تكون المعادل الدرامى لشخصية الإعلامى أحمد منصور مذيع قناة الجزيرة الشهير، صاحب العديد من وقائع الاشتبكات على قناة الجزيرة، والأمر أكبر من مجرد مفردات شكلية لتشابه الشخصية، إنما نرى هذه الحالة الإعلامية بالكامل من شكل البرنامج وموضوعه، وطريقة الحوار واستقبال المكالمات وعرض التقارير كلها تتشابه مع برنامج "بلا حدود" الذى كان يقدمه أحمد منصور على شاشة قناة الجزيرة، ويتسع الأمر إلى مضمون الرسالة فيما يتعلق بقضايا الصراع العربى الإسرائيلى. ولعل لقاء الإعلامى مكرم فى المسلسل مع شخصية الإيطالى "روبرتو" وكذلك "أم داوود" السيدة اليهودية المصرية، تعكس توجهات الشخصية الإعلامية التى يقدمها نور والتى تحمل فى ثناياها مواقف مناهضة للصهيونية، ولكن كما هو العرف أن تكون الدراما صورة مجملة من الواقع، نرى أن شخصية مكرم التى قدمها المسلسل تطرح فكرة هامة، وهى ضرورة الفصل بين الصهاينة واليهود كمواطنين يتدينون بديانة سماوية معترف بها، وكانوا ينتمون إلى مصر فى يوما ما، وهكذا تعلن شخصية "أم داوود" رفضها لفكرة الهجرة إلى إسرائيل، رغم أن هذه الفكرة ليست جديدة فقد سبق و طرحها أسامة أنور عكاشة فى مسلسل امرأة من زمن الحب، إلا أن الإعلام المريض بالعنصرية الذى يخيم بظلاله على عقول المواطنين ما زال لا يستوعب الفرق بين الصهيونى والمواطن اليهودى المسالم ويبقى أن تعرف شخصية مكرم التى يجسدها نور الفرق بين المواطن الإسرائيلى المدنى الذى يطلب السلام مثل المواطن العربى والعسكرى الصهيونى المتطرف الذى يقتل بلا فهم.
ومع وجه الشبه الكبير بين أحمد منصور ونور الشريف "مكرم"، يبقى الهامش المشترك الأكثر بروزا بين المذيعين هى اجتماعهما فى شخصية الإعلامى العربى المغرض الموجه والغاضب دائما، الذى لا يعرف موضوعية ودائما ما يفكر فى الإعلام بطريقة الكمين ودائما ما يفكر فى الآخر المختلف معه فى الرأى بطريقتين، إما أن يأخذه إلى فريقه أو ينتقم منه، لذلك أخذت أحداث المسلسل المشاهدين إلى حادث اغتيال زوجته وابنته لكى تكون دوافع الانتقام مقنعة، أما فى واقع مذيعنا الكبير أحمد منصور نظل نبحث عن دوافع أنيابه الإعلامية، وأما ما يحسب للفنان نور الشريف براعته فى تجسيد شخصية الإعلامى العربى المغرض، وأن كان هذا غير مقصود بالطبع، فهو كان يريد العكس ان يجسد شخصية اعلامى عربى مناضل، فنرى الشريف اعتاد منذ سنوات فى مسلسلاته تقديم النموذج المثالى الخارق للطبيعة حتى وإن كان من طبيعته الخطأ مثل باقى البشر، وهو يعتبر معاداة الآخر نوعا من البطولة مثله كباقى الإعلاميين الذين احترفوا التلاعب بمشاعر المشاهدين.