أسماء صباح تكتب: صوت عذب وراء رنة الهاتف النقال تلك

السبت، 29 أغسطس 2009 01:14 م
أسماء صباح تكتب: صوت عذب وراء رنة الهاتف النقال تلك

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
ذات ليل فى هذه المدينة الغريبة.. وحيدا طوال الوقت إلا من صوت هاتفه النقال... يصدح بين ساعة وأخرى بصوت فيروز... "لأجلك يا مدينة الصلاة أصلى"... يطير فرحا بسماعها تشدو...

ويجلب هذا الصوت العذب من خلفه صوتا رقيقا هادئا... صوت الوطن... صوت أمه... صوت الأخوات... صوت الإخوة والجيران... صوت بائع الخضرة الذى يظل يصرخ من أجل بيع الطماطم والخيار...

صوت حبيبته هذه ليس ككل الأصوات... صوت به حنان لكل هذا... صوت يبدد غربته التى استمرت ألف عام وعام... يذكره بالذى كان... هذا الصوت العجيب يعود به طفلا فى أحضان والدته... تلميذا فى أول يوم له فى المدرسة الابتدائية حيث جلست إلى جانبه يومها...

ابتسم... قطع على فيروز حبها للمدينة المقدسة... أجاب بكل حبور وحب... تحدثا طوال ليل... ومن بعده صباح... ومازالا يتحدثان عن الذى كان والذى لم يعد كما كان..أو على الأقل لم يعد كما كانا يعرفان...

سألته عن مدينته الضبابية البعيدة...قال: تغرب شمسها متأخرة وكأن النهار يطول مائة عام...ولا يأتى الليل إلا لوقت قصير... ليست ككل المدن هذه يا حبيبتى... مدينة مختلفة لا تشبهنى...لا تعرفنى... وأنا بدورى أجهلها... لا أعرف سراديبها... تغلق فى وجهى أغلب الأحيان... لربما تشعر بكرهى الشديد لها... لا أحبها...

تنتقى هى أجمل العبارات لتخفف عنه همه, غربته ووحدته... تقول تخيل نصف نهارها ليل...تخيل أننى أقف بجانبك عند موقف القطار...احجز لى مكانا بقربك عند جلوسك... وادعونى للإفطار تارة وللغداء مرة ولمشاهدة مسرحية غنائية مرة ثالثة... وليكن كل هذا على حسابك...ضحكت... ثم أكملت...

أنت تعرف رائحة عطرى؟... أجابها بكل ثقة: نعم... قالت إذا فأنا هناك إلى جانبك... أشعر بالبرد كما تشعر به أنت... أتمشى فى الحديقة العامة وأجالسك أنت لا سواك... أحادثك أنت... افعل مثلى ولا تكن وحيدا هناك... خذنى معك... بكل أحلامنا ولا تنسا الصغار... صغار الأحلام والأفكار... صغار المشاريع... صغار الورد التى تركتها لى عند السفر... صغار كل شىء... وتذكر بأن الصغير يكبر يوما بعد آخر....

أقفل هاتفه وكأن روحا جديدة احتلت روحه... صار ينظر يسارا ويمينا عله يراها... يشعر بروحها فى الأنحاء... ما عاد وحيدا... ما عاد غريبا... ولا يعرف للهم بابا... فكل ما يتمنى معه وله... رائحة وطن وأم وحبيبة....





مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة