أعيش فى أوروبا كمصرى مغترب أنتظر العودة إلى وطنى وإلى عائلتى, فعندما ينظر إلىّ شخص أوروبى يعرف أنى لست من أبناء البلد أو أنى أجنبى مجنس.
عاش الغربى وتعود على أن يعامل الآخر بإنسانيته وليس بمنطق دينه, والدين بالنسبة له (أى الغربى) يعتبر بينه وبين الله. فقليلا ما أجد غربيا يسأل عربيا عن دينه, أمر لا يعنيه ولا يشغل فكره.
عندما قام ألمانى متطرف بقتل السيدة مروة الشربينى رحمها الله, قامت الأمة الإسلامية بالتظاهر فى كل البلاد. وقد تظاهر المسلمون فى ألمانيا تضامنا مع الأخت الكريمة. وقام المسلمون بسب وقصف الألمان "عنصريون, ومتطرفون, الآن تعرفون من أين يأتى الإرهاب (أى يا إرهابيين)" وأكثر من ذلك. وصل بعض المسلمون أن ينادوا بمقاطعة المنتجات الألمانية. وتحولت لقضية رأى عام فى بلادنا العربية. أما بالنسبة للألمان فهذه تعتبر قضية قتل غريبة من نوعها ولابد أن يحاكم القاتل.
الرئيس الفرنسى السابق جاك شيراك قام بإصدار قرار بمنع الحجاب فى المدارس بفرنسا. و أعرب جاك شيراك عن استيائه من اختلاف الطلبة فى زيهم حتى مع ارتداء الزى المدرسى. فهى بالنسبة للفرنسى ديمقراطية وحرية، لأنها تمحى اختلافات البشر خاصة فى هذه الأعمار الصغيرة. فهو لا يريد أن يتعلم الفرنسى الصغير أن هذا مسلم وهذا بوذى وهذا مسيحى, بل يريد أن يتعلم التلاميذ أن المسيحى والمسلم والملحد كلهم بشر لهم نفس الحقوق والواجبات. نأتى للجانب المسلم والندائات الثورية ضد فرنسا وضد العلمانية المفروضة وانتهاكات حرية العقيدة.
لكن عندما يقتل المسيحى فى مصر, لا تقوم "الأمة المسيحية" بالتظاهر تضامنا معه, ولا تقاطع المنتجات المصرية والعربية كما يفعل السعودى والباكستانى عندما يقتل مسلم.
وعندما يعطى للتلاميذ (مسيحيون ومسلميون) فى مادة اللغة العربية آيات من القرآن أو فى التاريخ المولد النبوى الشريف وهجرة الرسول. فهذه العادات هى التى تبدأ فى التفريق بين التلاميذ. ويبدأ الطفل المسلم بندائات عنصرية "هذا مسيحى يعبد الصليب"، وأيضا الطفل المسيحى بندائات أكثر عنصرية "هذا مسلم، هذا الذى احتل بلدى".
وحين يهان العربى المتنصر ويهاجم من الشيوخ وأمن الدولة, ويضطر إلى الهروب من وطنه كأى مجرم.
وعندما يقوم بعض المسلمين بهجوم عنيف بالضرب والسب على بعض المسيحيين الذين يصلون فى منازلهم الخاصة, بحجة "التصاريح". هل يحتاج المسلم لملء استمارة أو "تقديم طلب صلاة" قبل الصلاة فى بيته؟
هل عانى أحد المسلمين فى بناء جامع بأوروبا؟
هل ضبط أحد الشيوخ بتهمة "التبشير" فى دولة أوروبية؟
هنا أكلم "المتأسلمون" وليس الدين الإسلامى الذى احترمه ولا يهمنى أن أعرف عنه غير أنه دين تسامح ودين عدل. وأقول إن أفضل لكم أن تضحوا قليلا فى بلادكم حتى تصبح أكثر حرية وأكثر عدل. وألا تنسوا أن هناك أديانا أخرى فى بلادكم يجب عليها أن تعامل كدينكم. تعلموا من تركيا وألبانيا ومن أوروبا الحالية بدل استغلال حريتها, وكفاكم بحثا وفحصا فى ثغرات التاريخ الأوروبى الأسود.
فالآن انظر يا مصرى إلى مكانتك وسط الشعوب, فمازلنا نتكلم ونتكلم عن الدين, وكأن الله خلق العلم والتقدم للكافرين. وأهدى المشركين نعمة الحرية (حرية العقيدة).
فى النهاية أرجو من كل مصرى سواء أكان مسلما أو مسيحيا أن يدقق فى كلمة "الدين لله و الوطن للجميع" فهذه العبارة أصبحت حلما لكثير من المصريين.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة