◄التعليم والصحة والتوظيف ثلاث مشاكل فشلت حكومة نظيف فى حلها ونسيتها فى سجل الإخفاقات
◄تقرير جهاز المحاسبات قال إن حكومة نظيف تجاهلت الفقراء وعجزت عن تطوير الخدمات
أصدر الدكتور أحمد نظيف - قبل أيام- كتابًا فخمًا سجل فيه إنجازات حكومته خلال 60 شهرًا، أى خمس سنوات هى عمر حكومته، سجل فيها أرقامًا وإحصاءات تشير إلى أنه تم تحقيق أعلى معدلات للنمو، وتضاعفت الموازنة ودخل السياحة، وتطوير الخدمات، وقدم أرقامًا تقول من وجهة نظره إن حكومته هى الأنجح والأكثر إنجازًا، لكن الواقع يشير إلى أن المواطن لا يشعر بما يتحدث عنه كتاب الإنجازات، بل إن الرصد الطبيعى للواقع الذى يعيشه المصريون يؤكد أن الإخفاقات أوضح. رئيس الوزراء لم يعترف بأى تقصير أو سلبية، ولا نظر فى تقارير رسمية وشبه رسمية تعلن أن الإنجازات غائبة، والإخفاقات حاضرة. نحن أيضًا نقرأ أرقاما وإحصاءات، ونبحث عما نسيه الدكتور نظيف وهو يجهز لإصدار كتابه التسجيلى الدعائى، وإذا كان رئيس تحرير «اليوم السابع» خالد صلاح طالب بإحالة رئيس الوزراء إلى المحاكمة بتهمة الكذب والتزوير، فإننا نعلم أنه لا أحد يحاكم على بيانات كاذبة،
ولذا قررنا عقد محاكمة من الخبراء والسياسيين لسياسات نظيف وإنجازاته.
عندما تفكر الحكومة فى مخاطبة 80 مليون مواطن، أول ما يتبادر لذهنها هو إصدار كتاب بغلاف مصقول تلخص فيه 60 إنجازا فى ستين شهرا، ولو كانت الحكومة ناجحة لن تحتاج إلى إصدار كتاب لمواطنين اعتادوا ألا يثقوا فى بيانات وأرقام الحكومة، ثلثهم لا يقرأون ولا يكتبون، ومنهم 40مليونا تحت خط الفقر، لن يسعدهم الاطلاع على أرقام تخبرهم بأن معدل النمو يستمر بنسبة 7% طوال 3 سنوات متتالية، ولا الربط بين الحياة فى العشوائيات وارتفاع نسبة النمو أو تضاعف الاستثمار الأجنبى 6 مرات، وما يمكن أن يعود عليهم من 36 مليار دولار استثمارا أجنبيا، وتضاعف قيمة الصادرات السلعية إلى 29.4 مليار دولار.
كتاب إنجازات الحكومة تجاهل تقارير وأرقاما رسمية تنفى مايرد فى كتابها الدعائى، والمواطن العادى يريد ترجمة باللغة «المواطنية الفصحى أو العامية» للأرقام، وإذا قالت له كتب الحكومة إن حصيلة الضرائب تضاعفت إلى 167 مليار جنيه، فسوف يسأل: أين نصيبى من هذه المليارات؟ أين أثرها فى التعليم والصحة والطرق؟
المواطن الذى يرى أبناءه العاطلين، ويعجز عن تلقى علاج بدون قرار وبواسطة، ويحلم بشقة إنسانية أو يتمنى الخروج من العشوائيات أو يتصور كوب ماء نظيف خال من التيفود، أو يحلم بمدرسة محترمة تعلم أبناءه، أو مستشفى يعالج فيه دون واسطة أو قرار، أو دون أن يبيع عفش منزله.
هذا المواطن سوف يقف محتارا أمام مليارات الحكومة العاجزة عن حل أزمات التعليم والعلاج والطرق و المياه والصرف، بما يجعل المواطنين فى مصر بعيدين عن دائرة بث الإنجازات.
ربما لا يليق أن يسأل مواطن كم تكلف إصدار الكتب والسيديهات التى تم توزيعها على الصحفيين وموجهى الرأى العام والتى تقول إن حكومة نظيف هى الأعظم فى تاريخ مصر، وكأن قبلها لم توجد حكومات أخرى، حتى لو لم يكن المواطن يصدق أو يشعر فلا يهم، المهم فقط أن تكون الحكومة راضية عن نفسها وأدائها، حتى لو كانت فشلت فى إنجاز ما التزمت به فى برنامجها الأول أو بياناتها المتتالية أمام مجلس الشعب أو برنامجها المرتبط ببرنامج الرئيس الانتخابى. نص خطاب تكليف الرئيس للدكتور أحمد نظيف قبل خمس سنوات والذى حدد فيه المجالات التى يجب التركيز عليها وأهمها «تمكين الفئات محدودة الدخل من مواجهة تكاليف الحياة, وتوفير فرص العمل، والارتقاء بمستوى الدخل الفردى، واستفادة كل مصرى من ثمار التنمية والإصلاح, سواء بتوفير التعليم العصرى أو الخدمات الصحية» وهى مطالب طبيعية يفترض أنها من مهام الحكومة، ومع ذلك فإن الواقع يقول إن 46% من الأسر المصرية تعانى من عدم الحصول على الغذاء الكافى حسب تقرير المجالس القومية المتخصصة الذى يتحدث عن انخفاض دخل المصريين ومعاناتهم فى ظل الإصلاح الاقتصادى, فهل قرأ الدكتور نظيف التقرير قبل إصدار كتابه؟ وإذا جئنا لقضية التوظيف فإن معدل البطالة فى مصر يتصاعد ويتجاوز 14% حسب تقرير التنمية، وحسب جهاز الإحصاء ارتفع أكثر من 5% خلال الربع الأول من العام، عدد العاطلين فى مصر يتجاوز الملايين الخمسة، بالرغم من أن الحكومة لا تعترف، ثم إنها لم توف بالتزامها ببرنامج الرئيس الذى وعد بتوفير 5 ملايين فرصة عمل فى ست سنوات، أى 700 ألف سنويا، وحتى الآن لم تتجاوز الوظائف المائة ألف على أقصى تقدير. فهل يتصور رئيس الوزراء أن المواطن سوف يشعر بالرضا إذا قرأ أرقاما وإحصاءات تقول له إنه يعيش فى أحسن بلد بالعالم، بينما تعجز عن إيجاد حل لأزمة البطالة أو تطوير التعليم أو الخدمة الصحية. أحد مؤيدى الحكومة فى الصحافة القومية قال عند تولى نظيف إنه «جاء ليخلص الناس من غول الأسعار الرهيب.. ويوفر فرص عمل لأبنائهم العاطلين بالملايين.. ويقضى على البيروقراطية والروتين بفضل أساليب التقنية التى يجيدها ويتحمس لها».
نظيف قال بعد توليه بشهر «لا توجد مشكلة غير قابلة للحل»... وإن مشاكل مصر تحل بالاستثمار.. والاستثمار هو الذى يوجد فرص العمل، لكنه بعد سنوات نسى هذا وغرق فى البحث عن عملية دعائية تبيض وجه حكومته أمام مواطنين لا يشعرون لها بأى إنجاز.
وفى مارس الماضى فقط ألقى المستشار جودت الملط بيان جهاز المحاسبات حول أداء الحكومة، وقال إن سلبياتها تفوقت على إيجابياتها، ورصد 25 سلبية أبرزها عدم شعور الفقراء والطبقة المتوسطة بنتائج الإصلاح الاقتصادى، فى ظل ارتفاع أسعار السلع والخدمات، وقال إن الحكومة تؤجل سداد بعض الأعباء المالية لخفض عجز الموازنة، بما يلقى العبء على الموازنات التالية، وإن قيمة الدين الداخلى أعلى النسب على مستوى العالم، ومعدل التضخم ارتفع من 40.2% عام 2006 إلى 11.7% عام 2008»، وهى أرقام تكذب أرقام نظيف وإحصاءاته.
وأشار جهاز المحاسبات إلى سوء أحوال المستشفيات ونقص الأدوية، وغرق العبارة وانهيار الدويقة وحوادث الطرق، وتفاقم أزمة الثقة بين المواطنين والحكومة، وأن التسيب والفساد فى المحليات تجاوز الحدود, خاصة فى قطاع الإسكان والبناء، أين هذا كله من كتاب الإنجازات الرهيبة لحكومة الدكتور نظيف.
وفى الزراعة تراجع مستوى القطن المصرى وأصبحت مصر مستوردة للأقطان وتردى أحوال المستشفيات الحكومية، وانفلات أسعار العلاج الخاص، وعجزت حكومة نظيف عن إنجاز قانون للتأمين الصحى، ولا تزال الأمراض الخطيرة كالكبد الوبائى والفشل الكلوى تلتهم المصريين وصحتهم والعلاج يحتاج إلى قرار مرهون بالبيروقراطية والتعقيدات. ولا يوجد أفق لحل أزمة الإسكان وأسعار العقارات المرتفعة، بعد المضاربة على أسعار الأراضى، وتفرغ وزارة الإسكان للإتجار فى الأرض، وارتفاع أسعار الحديد والأسمنت بسبب العجز عن مواجهة الاحتكارات، مع وجود قانون للمنافسة ومكافحة الاحتكار، كل هذا يشير إلى خديعة الأرقام الحكومية طوال خمس سنوات.
الدكتور أحمد نظيف تولى رئاسة الحكومة صيف 2004، وفى ديسمبر من نفس العام ألقى بيانا أمام مجلس الشعب أعلن فيه عن برنامج «البرامج العشرة»: الخاصة بالاستثمار والتشغيل، والدعم والرقابة والسيطرة على التضخم، وتطوير الخدمات والأداء الاقتصادى والتعليم والبحث العلمى. والخدمات الصحية، والحفاظ على الثروات الطبيعية وتطوير المناخ السياسى والتشريعى، وبناء مجتمع المعلومات وانتهت البرامج إلى سراب. وطوال الفترة التى تولى فيها الدكتور نظيف رئاسة الحكومة انتشرت ظاهرة الأرقام المضروبة، وهى أمر متوارث بين حكومات الحزب الوطنى المتتالية، وكانت الأعلى مع حكومة الدكتور عاطف عبيد، الذى كان مولعا بالأرقام، التى تحيل الفشل إلى نجاح، وورث منه الدكتور نظيف نظرية نصف الكوب الفارغ والمملوء، بالرغم من أن الكوب نفسه ليس موجودا.
أكد خبراء الاقتصاد والاستثمار أن 90% من خططنا يتعذر تنفيذها بسبب عدم دقة المعلومات والبيانات التى تبنى عليها هذه الخطط، حيث يقوم البعض بجمعها بشكل عشوائى يميل إلى «فبركة» الأرقام والإحصائيات.
عندما يقول وزير الاستثمار إن مصر دخلت خريطة الاستثمار العالمية بقوة، ووزير المالية يبشر بانخفاض عجز الموازنة والتضخم، ورئيس الوزراء يقول إن برنامج حكومته نجح، كل هذا لأنهم لا ينظرون خارج الأوراق ليشاهدوا العاطلين يضاف إليهم 800 ألف خريج سنويا، و200 ألف متسرب من التعليم، وإذا كان البرنامج الانتخابى للرئيس وعد بتعيين 700 ألف سنويا، فقد مرت خمس سنوات على البرنامج وخمس على الحكومة، ولم تتوفر سبعون ألف فرصة عمل سنويا. فى مارس 2008 أعلن الدكتور نظيف عن نيته فى طرح مشروع إنشاء صندوق أهلى يدار من قبل المجتمع المدنى والمؤسسات الاقتصادية لتطوير الوحدات الصحية, والمدارس والحضانات, والأسر الفقيرة، ويمكن أن تشارك فيه الشركات تطوعا، أعلن ذلك فى مؤتمر المبادرة القومية للمسئولية الاجتماعية، ويومها أعلن محمود محيى الدين وزير الاستثمار عن بدء إنشاء مؤشر لقياس المسئولية الاجتماعية للشركات المسجلة فى البورصة، لكن فكرة الصندوق والمؤشر نسيت كما نسى رئيس الوزراء برنامجه العشرى الذى طرحه مختارا قبل خمس سنوات.
بل إن نظيف عندما يتحدث عن محدودى الدخل والاهتمام بهم لا يبدو مقتنعا، والدليل أنه عندما ضاق يوما بكثرة طلبات المواطنين، وقال فى حوار مع الطلاب فى معسكر أبوقير صيف 2007 «الشعب يريد أن نرضعه اللبن وأن نعلمه وأن نوظفه وأن نأتى له بالشقة وأن نعالجه»، «الحكومة لن توظف أحدا»، ولم يكن أحد يطالب نظيف بتعيين الخريجين بل إنه هو الذى تعهد فى برنامجه باقتصاد يكثر فرص العمل، وكان عليه أن يفى بوعود استثمارية يمكنها توفير فرص عمل حقيقية وليست كتلك التى تسجلها وزارة القوى العاملة فى نشراتها الدعائية.
فى نهاية عام 2007 ألقى رئيس الحكومة بيانين أمام مجلس الشعب أعلن فيهما كالعادة «أننا نسير بخطى ثابتة فى تنفيذ برنامج مبارك.. ومعدل النمو وصل 7%، وقال إن حكومته حققت معدلات إنجاز مرضية للغاية لا يمكن أن يخطئها إلا جاحد، وإن البطالة فى مصر بدأت تنحسر وأن حكومته نجحت فى عملية الإصلاح الاقتصادى، وتم توفير فرص عمل حقيقية، ومشكلة البطالة تراجعت، والنجاح وصل إلى الشارع، والأسرة المصرية دخلها زاد ومدخراتها زادت، وصادراتنا ارتفعت، ودخل المواطن زاد، وشبكة الضمان اتسعت والأحوال تتحسن.. ومع ذلك فالناس لا تثق فى الحكومة، رئيس الوزراء الدكتور نظيف اتبع نفس المنطق طوال فترة عمله، فهو يرى أن الخلاف بين الحكومة والمواطن فى منظور الرؤية، بينما المواطن يطلب أن يرى ترجمة للأرقام على حياته، وهو مطلب غير مستحيل والإنجازات لا يمكن إخفاؤها. نظيف الذى لم ينجح فى تنفيذ البرامج العشرة وجد لديه من الوقت ما يناقش فيه «الرؤية المستقبلية لمصر حتى 2030»، وبدا كمريض قلب يبحث عن عملية تجميل لأنفه. وها هو يصر على تقديم إنجازات وأرقام وهمية فى كتاب فخم لن يقرأه الفقراء الذين يتحدث عنهم.
لمعلوماتك....
◄ 2.5 مليون مواطن تحت خط الفقر كما يذكر تقرير الأمم المتحدة للتنمية الإدارية.
◄41% من المصريين فقراء طبقاً لتقرير التنمية البشرية العربية 2009.
موضوعات متعلقة :-
حكومة نظيف أصابت الشعب بالاكتئاب.. والخدمات الأساسية تدهورت خلال 60 شهرا
مأساة أن تعتبر الحكومة إنشاء كوبرى إنجازاً يستحق التسجيل
برامج فاشلة ولم تحقق أى طموحات للشارع لأنها لا تملك استراتيجية أو خططا وتتعامل مع مشكلات المواطنين يوما بيوم
القائمة الكاملة لإخفاقات الحكومة
أرقام وهمية وإحصائيات مضروبة
حكومة نظيف 60 إخفاقاً فى 60 شهراً
الخميس، 27 أغسطس 2009 10:16 م
نظيف
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة