أن يقول أحد المسئولين بيانات مغلوطة فى ندوة أو فى حوار تليفزيونى، فهذا عادى سمعناه كثيراً بعدما احترف المسئولون عندنا التلاعب بالبيانات والأرقام، ولأن الأرقام خادعة فكثيراً ما يستعملها المسئولون للتضخيم أو التهوين كيفما شاءوا.
فعندما يقول وزير التعليم، إن ميزانية التعليم أربعة ونصف مليار جنيه، ويذكر الرقم وهو فخور بهذه المليارات ولم يقل لنا سيادته كم تساوى هذه الأرقام من قيمة الدخل القومى مثلما تعلن كل الدول، بل لم يقل لنا سيادته أن الميزانية تم تخفيضها رغم تزايد عدد الملتحقين بالتعليم الإلزامى عاماً بعد عام لتزايد عدد السكان ليصبح رقماً بلا معنى!
وعندما يتحدث عن عدد المدارس التى بنيت وعدد الفصول التى أضيفت ولم يقل لنا كثافة التلاميذ فى الفصول ويتحدث عن انتظام التلاميذ فى المدارس وانتهاء مشكلة الدروس الخصوصية، وأن أوائل الثانوية العامة من المدارس الحكومية ولا أعرف من أين يأتى بكل هذه المعلومات، فهل يعيش الوزير معنا أم فى كوكب آخر؟.
نفس الشىء يقوله وزير التعليم العالى عندما يقول، إن ميزانية الوزارة "التعليم العالى والبحث العلمى" ارتفعت إلى ثمانية وأربعين مليار جنيه، ولم يقل لنا أن المرتبات تلتهم ثلاثة أرباع هذا المبلغ، فكم يتبقى للبحث العلمى؟ كما لم يقل لنا ما هى ميزانية البحث العلمى فى دوله تتساوى معنا فى نفس عدد السكان تقريباً مثل إنجلترا التى بها أكثر من ثمانين جامعة وأكثر من ثلاثمائة معهد متخصص! ولم يقل لنا سيادته أن هذا المبلغ أقل من نصف ميزانية البحث العلمى فى شركة دواء مثل فايزر!
ومع ذلك نحن كشعب تعودنا أن نتقبل مثل هذه التقارير أو هذه الأقاويل حتى لو سألت أد شيوخنا الطيبين المتسامحين لقال لك يا سيدى دى كذبة بيضاء! فإذا كانت هذه بيضاء، فما يقوله وزير التضامن عن انتهاء مشكلة الخبز واختفاء الطوابير، وبدقة أكثر يقول لك، إن متوسط وقوف الشخص أمام فرن الخبز أصبح ستة عشر دقيقة! أى أفران التى يرصدها الوزير وفى أى بلد أو أى حى؟ قد يكون ذلك صحيحاً فى الأحياء الراقيه التى لا تستخدم هذا الخبز أصلاً.
لكن ما لا يعرفه الوزير أن الشعب المصرى اللى مش لاقى حل مع الحكومة يشترى الخبز المدعّم ويستعمله "علف للحيوانات والطيور" بعدما رفعت الدولة أسعار الأسمدة والكيماويات وخفضت أسعار المحاصيل الزراعيه لأكثر من النصف، وبرغم هذا الانخفاض فى سعر القمح لم نرَ أى تحسن فى رغيف الخبز المدعم ولا انخفاض فى سعر الدقيق أو أى من مشتقاته لأننا ببساطة لا نعرف فى مصر سوى كلمة ارتفاع، بداية من ارتفاع فى درجة الحرارة، ارتفاع نسبة التلوث، ارتفاع نسبة البطالة، إلى ارتفاع الأسعار.
فإذا كان ما مضى هو تلاعب بالأرقام أو إخفاء للحقيقة فما نقول عمّ حدث من وزيرى الإسكان والصحة فى تلوث مياه الشرب فى البرادعة وأمام رئيس الجمهورية علناً أمام شاشات التليفزيون؟ لقد استفز ما حدث الصحفيين حتى الذين يدافعون عن الحكومة فى الجرائد القومية نددوا بموقف الوزيرين وكيف أخفيا الحقيقة أمام الرئيس وتوقع الناس الطيبون أن الرد سيكون بالإقالة أو الاستقالة، كما قال محافظ القليوبية، خاصة أن رئيس الوزارة أحد شهود الواقعة، لكن شيئاً من هذا لم يحدث وكما لم نفهم سر الإقالة المفاجئة لوزير الرى أيضاً لم نفهم سر الإبقاء على وزراء لا يقولون الحقيقة وما خفى كان أعظم!
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة