عادل ميشيل يكتب: عجلة العلمانية دارت ولم يوقفها أحد

الأربعاء، 26 أغسطس 2009 11:14 ص
عادل ميشيل يكتب: عجلة العلمانية دارت ولم يوقفها أحد

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
العلمانية ليست أداة لقمع الدين ومحاربته، فالعلمانية الديمقراطية التنويرية هى أطروحة فلسفية فكرية عامة وموقف من الحياة تتجلى حول استقلالية العقل وحريته، ورفض أية فكرة شمولية تحاول احتكار الحقيقة المطلقة والكاملة أو تدّعى امتلاكها. العلمانى يطرح العلمانية كترتيب سياسى واجتماعى، أى الحياد الإيجابى للدولة وأجهزتها ومؤسساتها إزاء الأديان والمذاهب والطوائف التى تؤلف مجتمعاً ما، ترعاها دون أن تفرض عليها موقفا محسوباً أو توجهاً معيناً.

البشر دائما يفهمون نصّاً ما ضمن موروثاتهم الثقافية، ويحاولون أن يوفقوا هذا النص حسب احتياجاتهم وطبيعتهم، والتعددية فى الحركات الإسلامية تأتى من النص ذاته.
الصراع ليس بين العلمانيين والإسلاميين، وإنما بين الإسلاميين والمجتمع المدنى، فهم يسعون إلى قيادته بالرغم أنه يحتويهم كما يحتوى غيرهم، مع أن المطلوب منهم أن يقرءوا النص المقدس قراءة تستجيب لاستحقاقات الواقع وشروط العصر.

هؤلاء الذين لا يعرفون أن سبب كل مشاكل مصر على مدى الدهور هو دمج الدين فى السياسة والدولة، ولم يتعظوا من العصور المظلمة فى القرون الوسطى فى أوروبا عندما انهارت الحضارة الأوروبية عندما أصبح الدين هو المسيطر، وعندما أصبح الباباوات والكرادلة هم من يتحكمون فى مصائر الشعوب فانهارت الحضارة الأوروبية، وعادت مرة أخرى وبقوة لتشكل العالم وتصنع ما نحن فيه من إنجاز بقاعدة بسيطة وهو تنحية الدين عن العمل السياسى وجعله فى إطار الكنيسة لتهذيب الروح وليس فى ديوان الرئاسة وليس الحاكم فتقدمت أوروبا، فكم من علماء قتلوا باسم الدين، وما أن فاقت أوروبا من "صدمة الدين" حتى علمت جيدًا ما ارتكبته فى حق هؤلاء العلماء الأفاضل.

ونحن لا زلنا هنا لم ولن نفهم الدرس، لم ندرك أن سبب تخلفنا هو إقحام الدين فى كل عمل سياسى وحكومى، فلو نظرنا مثلاً فى إقرار القوانين المصرية فكم من قانون لم يوافق عليه مجلس الشعب بسبب اختلاف فى آراء الفقهاء واجتهادهم، مثل قانون نقل الأعضاء وقانون دور العبادة الموحد الذى لولا ثقافة الأغلبية المتردية لكان تم إقراره منذ اقتراحه، تلك الثقافة التى ترى أن بناء الكنائس مثل الجوامع يعد معضلة كبيرة، فمن ناحية القانون والسياسة معًا فالمواطنون سواسية، ولكن بإقحام الفكر الدينى فالمواطنون ليسو سواسية..

الصراع بين مفهومى التقدم والمحافظة هو معركة الخلاف الأساسى فيها يكمن فى قيمة العقل وتحرره، ففى الصراعات الطائفية كل طرف يحاول أن يقصى الآخر باستخدام مصطلحات التخوين والتكفير، والتكفير هنا بصفته حالة سياسية- اجتماعية ناتجة عن علاقة الدين بالسلطة، ولا أعنى هنا السلطة السياسية، وإنما السلطة بمفهومها الإجمالى الكلى (كالسلطة السياسية، والسلطة الفقهية، السلطة الأخلاقية، سلطة العقائد، التقاليد)، فالتكفير يأتى من خارج النص ويستند إلى مسوغات ترتبط بمفهوم السلطة، أى بمفهوم القوة الاجتماعية المهيمنة فى المجتمع،ولكن الفصل بين ما هو دينى وسياسى قادم وعجلة العلمانية دارت ولم يوقفها أحد فى مصر، فلو نظرنا إلى الوضع المصرى فكانت الدنيا مظلمة، أما الآن فهناك الآلاف من الكتب التى تحمل الأفكار العلمانية لكل الشباب فى مصر، وهناك الآلاف من المفكرين الذين خرجوا من صمت طويل ليحاربوا التخلف والرجعية ويحاربوا هؤلاء الذين يسيرون عكس التاريخ.






مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة