السيد العزونى يكتب: الحركات الإسلامية.. من فقه التكوين إلى مرجعية التغيير

الأربعاء، 26 أغسطس 2009 11:31 ص
السيد العزونى  يكتب: الحركات الإسلامية.. من فقه التكوين إلى مرجعية التغيير

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
كان لظهور الجماعة الإسلامية فى مصر فى مطلع السبعينات من القرن الماضى واقع خاص فرض أبجدياته على الواقع وتباينت دلالته ووضع بصمته على المتغير السياسى والاجتماعى فى مصر، وجذبها إلى دائرة إلى العنف، حيث دفعها النظام السياسى الحاكم تحت حكم السادات إلى التكوين والظهور هادفا تحزيم التيار الناصرى خاصة والتيارات اليسارية عامة.

وحتى يحد من انتشار الفكر القومى المناهض لسياسته ويزيل عقبة عثرته أمام توجهاته الجديدة الموالية للغرب على حساب الأمن القومى المصرى فأطلق حملات التشويه لمسخ التجربة الناصرية وأطلق العنان للقوى الإسلامية المعادية لتجربة الناصرية والتى كانت مغيبة خلف جدران السجون بعد أن انفك قيدها تعبث بتوجهاتها ومعتقداتها التى اكتسبتها خلف الأسوار داخل الجامعات المصرية، حيث وجدت ساحة عمل بكر تنفذ فيه منهجها وتمارس عملها وتبث أفكارها وسط الشباب فجهزت قيادات شابة كانت الفاعل الرئيسى فى توجه الجماعات خارج أسوار الجامعة بعد أن تم تجهيزها وإعدادها فكريا وعقائديا بأفكار سلفية جهادية استوحتها من أفكار واردة من الخارج (أفكار المودودى) تلاقت مع ما حملته فى جعبتها القيادات الخارجة من السجون من أفكار قطبية (انتسب لسيد قطب)، ولكن اتسع الرق عن الراقع وانفلت الزمام وخرجت الجماعة من القبضة الأمنية يقودها توجها إلى أحداث متغير جديد فى الموقع والمكان يتواءم مع ما تحمله من فكر وما تشبعت به من معتقدات فمارست نهجها فى الواقع العملى، لتفرض رؤيتها على السلوك واللباس من تقصير الثياب وتطويل اللحى، وكيفية الوقوف فى الصف لصلاة إلى كيفية وضع كف اليد على الصدر وفى إطار سعيها إلى إعادة هيكلت المجتمع استحوذت على العمل الأهلى والاجتماعى وسعت إلى تغير بنية المجتمع وعاداته فى محاولة لصبغة بسلوكيات تتوافق مع نهجها ودعوتها وما تسعى إلى تحقيقه، فسيطرت على الزوايا التى انتشرت تحت المساكن فكونت بؤرا صغيرة لإعداد والتجهيز والدرس والعظة وبث مفاهيمها وسط جمهرة المصلين، لضبط إيقاع المجتمع بما يتواءم مع رؤاها، واختلفت فيما بينها فى النهج والأداء حول إصلاح المجتمع هل بالطرق السلمية والموعظة الحسنه أم بالعنف كأداة لتغير وساعدتها بيئة معاونة استظلت بها فأغراها ضخامة عضويتها إلى محاولة التغيير القصرى فاتخذت العنف وسيله لغايتها وترجى منه تحقيق مبتغاها فى إصلاح المجتمع لتحقق مرادها فى وجود مجتمع مسلم حسب نهجها، فكان لزاما أن تصطدم بالسلطة والنظام السياسى القائم لاختلاف التوجه وخروج النظام عن صحيح الدين وكانت زيارة السادات للقدس داعيا أكبر لرفع عقيرتها وتكفيره ودفعتها حيويتها للمحاولة وأعرها الإحساس بالقوة وامتلاكها لعناصر الازدهار والانتشار للتجربة، فكان التطش الأول قتلها لشيخ الذهبى وحادث الفنية العسكرية وزادت من حدت فعلها وجرأتها أقدمت على اغتيال السادات فى سابقه تاريخية حسبتها كخطوة إلى مرادها فى إقامة الدولة الإسلامية.

وكابدت الدولة خلال الثمانينات للحد من دور الجماعة التى وسعت من نشاطها وارتفعت نسبة عملياتها واستهدفت المواطنين والسياح وأضرت نفسها والوطن، فأراقت الدماء وأزهقت أرواح الأبرياء، لذا سعت الدولة إلى ضربات استباقية وغيبت آلاف خلف الأسوار فى غياهيب السجون، وتركتهم لعوامل التعرية العمرية والتقدم فى السن تجهز على أفكارهم بعد ما تقطعت بهم السبل، وانطفأ وهج الشباب وذبلت شعلته وترهلت الأجسام ودب فيها الوهن والمرض وراجعت النفوس ما قدمت عليه، فاكتشفت فداحة ما أقدمت عليه واستبرأت منه، لأنها اكتشفت ألوانا جديدة من الفقه كانت غائبة عنها، وأدركت أنها أعمتها أفكارها وأشعلت العنف وأضرمت نيران كثيرة طالت أجسادها دون أن تجنى ثمره وتقطف زهره وجمعت محصولها من حنظل العمر، ومرارة الأيام وفرغت جعبتها من العنف واستتابت وخرجت المرجعيات تعلن التوبة والندم على ماضيها وتتبرأ منه، وتعلن نهجا جديدا يعد بحق انقلاب على ماضيها بعد ما اكتشفت قيادات الجماعة الإسلامية بشقها الجهادى فى سلة المنسيات فقه النتائج، مما حدى بها إلى الاهتمام بالحدث فى ذاته وكيفية تنفيذه، وما يترتب عليه من مفاسد من استهداف الأشخاص والجامعات والدول والأديان دون تقدير نتائج ما أقدمت عليه وما يترتب عليه من ضرر، ومن ثم عدلت من رؤيتها وخرجت المرجعيات حاملة الرؤية الجديدة.

كان موكب خروج الآلاف من المغيبين فى غياهيب السجن بعد المصالحة الأمنية نذير بأن عصر العنف والإرهاب قد ولى، وانحسرت تلك المشاهد العنيفة وانتهت موجة الاغتيالات وإراقة الدماء واستهداف الأشخاص، ليوجهوا نمط الحياة الجديد ليجدوا أن الشمس مازالت تطلع كل يوم ولم يتغير شىء إلا هم. ووجدوا فضاء واسعا على امتداد الفكر وسعة العقل، وأن المجتمع جرت تحت جسوره أطياف كثيرة وألوان عدة وأن ما جاهدوا من أجله وأرهبوا المجتمع ليتورع زاد بله فتفاقم الفقر وغطى الفساد كل ما عداه، وأن النظام الذى أزاحوا قمته بالاغتيال لقدومه على زيارة إسرائيل أصبح أكثر مولاة لإسرائيل ولأمريكا.







مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة