اهتمت صحيفة واشنطن بوست فى عددها الصادر اليوم الثلاثاء بالتعليق على استقالة مدير جهاز المخابرات العراقية، اللواء محمد الشهوانى إثر خلاف حاد مع رئيس الوزراء العراقى، نورى المالكى، وهو ما يعتبره ديفيد إجناتيوس، كاتب المقال، خسارة فادحة للعراق الذى سيفقد زعيم بارز فى معركته الضارية ضد الإرهاب الطائفى فى وقت تشهد فيه الأوضاع الأمنية فى البلاد تدهوراً كبيراً.
يقول الكاتب إن اللواء الشهوانى، الذى تولى مقاليد منصب مدير المخابرات العراقية منذ عام 2004، قدم استقالته هذا الشهر بسبب ما وصفه بمحاولات المالكى لتقويض سلطته والسماح للجواسيس الإيرانيين بالعمل بحرية فى البلاد. وعلى ما يبدو فاجأ رحيل الشهوانى وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية الـ"CIA"، التى عملت جنباً إلى جنب معه عندما نفى فى تسعينيات القرن الماضى، والتى أنفقت كذلك مئات الملايين من الدولارات لتدريب عملاء المخابرات العراقية الوطنية.
ويرى الكاتب أن الظروف الفوضوية فى العراق والتى دفعت مدير المخابرات إلى تقديم استقالته كان سببها عدد من الأحداث المتتالية، جميعها يوضح أنه بدون الدعم الأمريكى، ستصبح السلطات العراقية عرضة للضغوط بشكل كبير خاصة من جارتها إيران.
كان أول هذه الأحداث قيام أفراد من قوات الأمن العراقية بسرقة مصرف الرافدين الذى تديره الدولة فى وسط بغداد فى 28 يوليو الماضى، حيث اقتحم مسلحون البنك وسرقوا ما يقرب من 5.6 مليارات دينار عراقى (ما يقرب من خمسة ملايين دولار)، ثم فروا مخلفين وراءهم مقتل ثمانية أشخاص، وطالت هذه السرقة عادل عبد المهدى، أحد نواب الرئيس العراقى، الذى نفى تورطه ولكنه اعترف بانتماء أحد اللصوص إلى قوات الأمن الخاصة به، وعلى الرغم من استرداد جزء من الأموال، إلا أنه يعتقد أن بعض اللصوص ذهبوا بباقى الأموال إلى إيران.
وتلا ذلك، حملة التهديدات التى شنتها حكومة المالكى ضد عملاء المخابرات الذين تبلغ أعدادهم 6 آلاف عميل، وأصدرت الحكومة العراقية مذكرات اعتقال ضد 180 ضابط مخابرات بزعم ارتكابهم عددا من الجرائم، وهو ما يراه الشهوانى انتقاماً سياسياً لقيامهم بواجبهم.
ويشير الكاتب إلى أنه منذ تأسيس المخابرات العراقية عام 2004، لاقى أكثر من 290 ضابط مخابرات مصرعه، الكثير منهم على أيدى عملاء المخابرات الإيرانية.
يقول إجناتيوس إنه على الرغم من استلام اللواء زهير فضل، طيار سابق فى سلاح صدام حسين للطيران الجوى، لمهام رئاسة المخابرات العراقية بعد استقالة الشهوانى، إلا أن ذلك لم يمنع عددا من أبرز ضباطه من الفرار إلى الأردن ومصر وسوريا خوفاً أن يصبحوا أهدافا لفرق الاغتيال الإيرانية إذا ما بقوا فى العراق.
ويرى الكاتب أن انهيار النظام فى العراق وصل إلى ذروته عندما استهدف عددا من الشاحنات المفخخة فى 19 أغسطس الماضى وزير الشئون الخارجية وبعض الوكالات الأخرى، مما أسفر عن مقتل 100 شخص، وإصابة 500 آخرين، وهو ما يدل على تورط القوات الأمنية التابعة للحكومة فى مساعدة الإرهابيين.
وأكد مصدر استخباراتى قريب من الشهوانى أن الأدلة الجنائية قد كشفت النقاب عن إمكانية تورط إيران فى هذه العملية، وقال إن بقايا مادة C-4 المتفجرة التى عثر عليها فى موقع الانفجار تشابهت مع تلك المتفجرات إيرانية الصنع التى حصل عليها فى مدينة الكوت والناصرية والبصرة وغيرها من المدن العراقية منذ عام 2006.
وأضاف أن المالكى وإيران تربطهما صلة وثيقة لدرجة أن رئيس الوزراء العراقى يستخدم طائرة إيرانية يعمل عليها طاقم إيرانى للقيام بزيارته الرسمية، ويقال إن الإيرانيين عرضوا على المالكى مساعدة حزب الدعوة على الفوز بـ49 مقعدا على الأقل فى انتخابات يناير البرلمانية المقبلة إذا قام الأخير بالتغيرات الحكومية التى تريدها إيران.
ويمضى إجناتيوس بالقول إنه فى ظل تدهور الأوضاع الأمنية، تبقى القوات الأمريكية فى العراق مهمشة، ففى المناطق التى لا يزال يتمتع فيها عملاء القاعدة ببعض النفوذ، مثل الموصل، يفتقر الأمريكيون إلى السيطرة، كما يتمكن العراقيون من إطلاق سراح الإرهابيين السنة بشكل سريع مقابل رشاوى تصل قيمتها إلى 100 ألف دولار أمريكى، حسبما ذكر المصدر العراقى.
وأجاب المصدر، الذى لم يكشف عن هويته، عندما سئل عما سيكون عليه العراق فى غضون خمسة أعوام مع غياب الوجود الأمريكى، قائلاً "العراق سيصبح مستعمرة لإيران".
فى غضون خمسة أعوام
واشنطن بوست: 'العراق سيصبح مستعمرة إيرانية
الثلاثاء، 25 أغسطس 2009 03:55 م
المالكى وإيران تربطهما صلة وثيقة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة