أكرم القصاص - علا الشافعي

بسمه موسى

خبّروا الأغنياء بأنين الفقراء

الثلاثاء، 25 أغسطس 2009 03:40 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
إنه نداء يشمل الأفراد والجماعات بقدر ما يشمل الدول والشعوب والأمم، نداء للعمل بعد أن تم مؤخرا وضع أزمة الفقر العالمية موضعًا متقدمًا على سلم الأولويات فى الأجندة العالمية، والذى أشعل شرارة النقاش والبحوث بخصوص السبل الكفيلة باستئصال هذه الحالة المتردية من الحياة البشرية. فكلنا مقرّ بالخلل الحاصل فى الشئون الاقتصادية محلياً وإقليمياً وعالمياً، لدى الفرد والمجموعة والدول, خاصة فى السنوات الأخيرة حيث الانهيار المالى وما أعقبه من ترد اقتصادى للدول المستقرة اقتصاديا، فسادت حالة من التوتر بين متفائل ومتشائم على مستقبل الجنس البشرى.

لأنه، بينما تنهال التعهدات المتجددة للمبادرة بالعمل من قبل الحكومات، نجد فشلا ذريعا فى سبل المواجهة التقليدية فى إخماد التعصبات والصراعات، ولذا يسود شعور بفقدان التوجيه والسيطرة على مشروع استئصال الفقر العالمى؛ إلا أنه وفى نفس الوقت، ينبثق تفاؤل محسوس من الاهتمام والقوة الدافعة المُوَلدة من جراء البحث عن حلول لهذا التحدى العالمى لدى بعض الأفراد والمنظمات غير الحكومية.

فهناك القلة ممن تتحكم بالإنتاج واكتناز الأموال والثروات على حساب كثرة عظمى من سكان الأرض ترزح تحت نير الفقر تمزقها أنياب الحرمان وتطحنها أضراس الجوع.

هناك الدول الغنية بمواردها الطبيعية التى أنعم الله بها للبشر كافة وأخرى محرومة من ثمارها تصارع من أجل البقاء فغرقت فى بحر الديون وفوائدها فازدادت فقراً، إنها اللا عدالة الاقتصادية التى جرت وراءها ما جَنَتْهُ البشرية من آفات اجتماعية وسياسية وخلقية على مرّ التاريخ، وقد آن الأوان لوقفة للتأمل تتفق وما وصل إليه الإنسان من بلوغ فى تفكيره وسلوكه.

فقد عُرّفَت آليات استئصال الفقر منذ أمد بعيد بمصطلحات مادية الأساس
عن طريق تحويل الموارد المالية فقد صُرِفَ فى العقود الخمسة الماضية طبقا لاحصائيات الأمم المتحدة حوالى 2٫3 تريليون دولار كمساعدات خارجية؛ لكن المأساة أن المساعدات، بدلاً من أن تأتى باكتفاء ذاتى أكثر للمجتمعات المتلقية لها، أتت فى الغالب بأثر ضار: كزيادة الاعتماد على المساعدات الخارجية، وسوء استعمال الأموال وصرفها فى غير موضعها الصحيح، وقد سعت الأمم المتحدة، فى محاولة حازمة منها لإحداث التغيير، إلى توسيع آليات المساعدة وإلى حشد الدعم لتخفيف وطأة الفقر عن طريق "الأهداف التطوّرية للألفيّة وحل مشكلات مثل: تهميش الفتيات والنساء و النفور العرقى والدينى, الانحلال البيئى, والبطالة والتى تشكّل أعظم العقبات التى تواجه تقدم المجتمعات وتطورها، يُبرهِنُ كلّ ذلك على أزمة أعمق، أزمة تستمد جذورها من القيم والمواقف الذهنية التى تعطى شكلاً للعلاقات فى جميع مراتب المجتمع.

ومن هذا المنظور، يمكن وصف الفقر على أنه الافتقاد لتلك الموارد الأخلاقية والاجتماعية والمادية التى نحتاجها لتطوير القدرات الأخلاقية والعقلية والاجتماعية للأفراد والمجتمعات والمؤسسات.

أما استمرار زيادة الفوارق بين الأغنياء والفقراء، وهى مصدر من مصادر المعاناة الحادة بين الشعوب، فتضع العالم رهناً للاضطراب وعدم الاستقرار، وقليلة هى المجتمعات التى تمكنت من معالجة هذه الحالة معالجة فعالة، ولذلك فإن الحل يتطلب تنفيذ جملة من الاتجاهات العملية والروحية والخلقية.

والمطلوب هو أن ننظر إلى هذه المشكلة نظرة جديدة تستدعى إجراء التشاور بين مجموعة موسعة من أهل الاختصاص فى العديد من المجالات العلمية المتنوعة، على أن تتم المشاورات مجردة عن المحاولات العقائدية والاقتصادية ويشترك فيها أولئك الذين سوف يتحملون مباشرة أثر القرارات التى يجب اتخاذها بصورة ملحة.

إذًا إن القضية لا ترتبط فقط بضرورة إزالة الهوة السحيقة بين الفقر المدقع والغنى الفاحش بضخ الأموال للدول الفقيرة، وأضع تحت الجملة القادمة عشرة خطوط: فالقضية ترتبط بتلك القيم الروحية الحقة التى يمكنها، إذا تم إدراكها واستيعابها وتنفيذها، خلق اتجاه عالمى جديد يكون فى حد ذاته جزءاً رئيسياً من الحل المطلوب. إن العدل هو القوة الأوحد التى باستطاعتها أن تترجم وَعْى ضمير الفرد إلى عمل جادّ طاهر مجرد من شأنه أن يقيم الدعائم الضرورية لحياة إنسانية تنعم بالرخاء.

نستنتج من هذا أن رخاء الأمم ورقيها لن يتأتى إلا بالضمير الواعى والأخلاق والقيم فالله علمنا أنه "لم يزل كان إصلاح العالم بالأعمال الطيبة الطاهرة والأخلاق الراضية المرضية".









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة