اتخذت الحكومة البحرينية العديد من الخطوات، التى تبدو الأسرع على مستوى دول الخليج العربى نحو التطبيع مع الكيان الصهيوني، ومن أبرز هذه الخطوات التى أثارت جدلاً واسعًا فى الآونة الأخيرة، ما طالب به ولى العهد الشيخ سلمان بن حمد آل خليفة فى مقال نُشر له بجريدة واشنطن بوست الأمريكية، القادة العرب بمخاطبة الإسرائيليين من خلال وسائل الإعلام الإسرائيلية، وذلك لتسهيل جهود السلام فى منطقة الشرق الأوسط، متهمًا الدول العربية بعدم بذل الجهد الكافى من أجل الاتصال المباشر مع الشعب الإسرائيلى لتسويق الرغبة العربية فى السلام وإنهاء الصراع مع الإسرائيليين.
وقد سبق ذلك، سلسلة من الخطوات التى تؤكد إقبال الحكومة البحرينية مهرولةً نحو التطبيع مع الكيان الصهيونى، منها على سبيل المثال: الموقف الذى لاقى انتقادات شعبية محلية كبيرة، عندما أغلقت الحكومة البحرينية مكتب المقاطعة الإسرائيلية بعد ما وقعت مع واشنطن اتفاقية التجارة الحرة فى أغسطس 2006م، وكذلك دعوة الشيخ خالد بن أحمد آل خليفة وزير الخارجية أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة العام الماضي، لتأسيس تجمع شرق أوسطى يضم إضافة إلى الدول العربية (إسرائيل).
علاوة على ذلك تعيين "هدى نونو" يهودية الديانة، سفيرة للمنامة فى العاصمة الأميركية واشنطن، والذى اعتبره الكثير من المحللين انتصارًا للمواطنة على اعتبارات الديانة، رغم أن الكيان الصهيونى على مر تاريخه حتى كتابة هذه السطور لم يقَم بتعيين مسلم واحد فى أى منصب حساس خارج حدود كيانه مثلما فعلت البحرين، يُضاف إلى ذلك زيارة وفد دبلوماسى رسمى لإسرائيل من أجل تسلم خمسة مواطنين بحرينيين كانت السلطات الإسرائيلية قد اعتقلتهم أثناء مشاركتهم فى قافلة إنسانية دولية لكسر الحصار المفروض على قطاع غزة.
والسؤال الذى يُثار هنا، لماذا تتجه الحكومة البحرينية مهرولةً نحو التطبيع مع الكيان
الصهيوني، رغم ما تواجهه من معارضة شعبية شديدة تجاه هذه المسألة؟ فعلى ما يبدو أن الإجابة على هذا السؤال تتلخص فى أنها محاولة إرضاء من قبل حكومة البحرين لتوجهات الإدارة الأمريكية الجديدة تجاه الشرق الأوسط، والمتمثلة فى الدعوة التى وجهتها إدارة الرئيس الأمريكى "باراك أوباما"، إلى الدول العربية بضرورة اتخاذ المزيد من الخطوات الفورية لتطبيع العلاقات مع الدولة العبرية، ومن ثم الوصول إلى السلام.
ومن الواضح أن سياسة الإرضاء وتقديم فروض الطاعة والولاء من قبل حكومة البحرين للإدارة الأمريكية وتوجهاتها، يأتى تطبيقًا لنظرية إرضاء الحليف الأقوى، وبالتالى اكتسابها دعامة قوية فى مواجهة الخطر القائم، ألا وهو إيران .. والتى سبق لها أن أعلنت على لسان مستشار بارز للمرشد الإيرانى الأعلى "آية الله على خامنئي" أن البحرين تعد تاريخيًا المحافظة رقم (14) بالنسبة لها، ورغم الرسالة التى أرسلها الرئيس "أحمدى نجاد" وكان يحملها وزير الداخلية وليس الخارجية لملك البحرين للاعتذار عما أُعلن، فإن الخطر الحقيقى الذى يؤرق السياسة الخارجية البحرينية باستمرار هو التوجه الإيرانى نحوها.
وبالتالى فإن إرضاء البحرين لتوجهات الإدارة الأمريكية الجديدة باتخاذ خطوات أسرع نحو التطبيع مع الكيان الصهيونى سوف يُحقق لها العديد من المكاسب فى مواجهة الخطر القائم، بخاصة أن السياسة الخارجية البحرينية تضع على قمة أولوياتها مواجهة الأخطار القائمة وليست المحتملة، معتبرةً أن الخطر القائم الآن هو الأولى بالاهتمام، وهذا أمر منطقي.. ولكن غير المنطقى أن تضيع قضية العرب الأساسية وسط أولويات الأجندة السياسية لكل دولة على حدة، فالأمر المحزن هنا، أن يتحول العدو الإسرائيلى فى أنظمتنا العربية إلى مجرد خطر محتمل، وبلورة تلك الفكرة فى أدمغة حكامنا، سوف يُعطى الفرصة لفتح كافة القنوات المغلقة وعلى رأسها التطبيع.
مهدى حسانين يكتب: الأسباب الخفية وراء هرولة البحرين نحو التطبيع
الإثنين، 24 أغسطس 2009 04:09 م
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة