عزيزى القارئ لن أطيل عليك فترة التساؤل، وسأخبرك سر هذا العنوان، فهو عنوان رحلتى الشهر الماضى التى بدأت من الدوحة ومروراً بألمانيا ثم العودة إلى قرة عينى مصر، وليس هذا المقال من قبيل وصف البلدان أو أدب الرحلات ولكنه مجرد وجهات نظر انطبعت داخلى خلال رحلتى وسأبدأ من الدوحة التى أقيم فيها، وأتنعّم بخيراتها.
بداية أود أن تصل رسالتى كما هى ولا يتم تحميلها ما لا تحتمل من اتهامات بالنفاق أو الرياء أو غيره من الكلمات السهلة التى نرميها يمنة ويساراً، فأنا متواجد الآن على أرض مصر الطاهرة فلا أحتاج إلى تدليس أو غيره، المهم ما الذى أريد توصيله عن الدوحة؟
هناك الكثير والكثير، ولكن سأركز هنا على جانبين فقط، الجانب الأول هو الشعب القطرى الطيب حقاً، والذى يتعامل معنا – نحن غير القطريين – بموضوعية وأعنى بها هنا أنك شخص إذا كنت جيداً فى تعاملك فسيعاملك بأحسن منها دون النظر إلى اختلاف الجنسيات والألوان والمواقع الوظيفية، وأنت هناك بكل سهولة تستطيع مقابلة أكبر مسئول فى الوزارة أو الهيئة أو المؤسسة، وتعرض ما تريده وتجد من يجيبك ويهتم بك وبموضوعك، وهذا الشعب مسالم ومتسامح لأبعد الحدود يحب العيش فى سلام ـ ولكل قاعدة شواذ -، ولكن هذا الغالب الأعم واسألوا أى فرد زار هذا البلد الطيب أو أقام فيه.
الجانب الثانى هو انتشار مفهوم التطوير المهنى نظرياً وتطبيقياً بشكل يدعو للفخر، وجعل التطوير والحاجة إلى التغيير واقع يعيشه كل فرد يريد أن يستمر فى قطر فلا مكان لكسول أو خامل أو سلبى، فكل يوم تريد أن تضيف لنفسك شيئاً جديداً حتى تتميز، ومن هنا كانت النوعية والتفرد والإبداع هى أساس المفاضلة وليس الواسطة أو المحسوبية أو حتى السن، فشكراً لهذه الدولة الفتية ما اكتسبناه منها فقد أعطتنا بقدر ما أعطيناها وزيادة، المحطة الثانية كانت رحلة تدريبية إلى برلين لمدة أربعة أيام، ولكن ما انطبع فى مخيلتى لا تمحوه أربعة قرون، ففى هذه الرحلة حضرنا دورة تدريبية مع عدد كبير من الجنسيات الأوروبية والأمريكية، وقد دخلت معهم فى نقاشات فكرية حول نظرتهم للعرب، ووجدت أنهم فعلاً يجهلون من نحن ولا يعرفون عنا إلا الجمود الفكرى والبداوة والبدائية، ولا يعرفون من الوطن العربى إلا دبى ولبنان ومصر والسعودية وفلسطين، وقالوا ما قالوه عنا وعن بلداننا وليس هذا خطأهم إنما قالوه عن جهل لأننا لا نسعى للتسويق عن أنفسنا وعن بلداننا وأوجه التقدم والتكنولوجيا والنماذج المشرفة، ونترك لأعدائنا استغلال النماذج السيئة فى عالمنا العربى والتسويق لها، وكأن الوطن العربى كله على هذه الشاكلة وأود أن أتساءل من المسئول عن هذه الصورة المطبوعة فى عقل نخب مثقفة ومؤثرة فى بلدانها؟ وكيف نغيرها؟ ومن الأشياء التى كشفت غيرتى وحبى لوطنى جمال برلين ونظافتها والتزام شعبها بالحفاظ على وطنهم، ومن الأشياء التى جعلتنى أكره اليوم الذى سافرت فيه إلى ألمانيا المعاملة السيئة فى المطار لأن اسمى محمد وكأننى إرهابى أو مشتبه به، وعدت إلى عشقى الكبير وأجمل مكان فى العالم إلى حبيبتى مصر وفعلاً شعرت بأننى فى وطنى عندما نزلت إلى التحفة المعمارية والنقلة الحضارية الكبرى المسماة بمطار القاهرة حيث الجمال والنظافة وسرعة الإجراءات ويسرها، والتى لم ألمسها فى أعتق مطارات العالم ولم أصدق أننى كنت عائداً من ألمانيا إلى مصر وليس العكس، وللكلام بقية طالما القلب ينبض بحب الله ثم بحب الوطن الذى فيه الكثير من الموضوعات التى أود التطرق إليها رغماً عنى فرضتها على ظروف الاطلاع على تجارب دول أخرى، ولاسيما فى مجالات التربية والتعليم والتدريب التربوى وتنمية الموارد البشرية.
*عضو مؤسس للجمعيّة العربيّة للإصلاح التربوى
مدرب محترف معتمد من المركز العالمى الكندى