قديما كان من أحكام ألعاب الصبية فى الحوارى والأزقة والفساحات أن اللاعب الذى يصل متأخرا له مقوله مشهورة يلقى بها فى وجه موفورى الحظ الذين سبقوه وحجزوا أماكنهم فى اللعبة، ألا وهى "فيها لأخفيها" فإذا كان اللاعب من أصحاب النفوذ وكانت حفرة اللعب قريبة من بيته كان لتهديده صدى، وما يلبث البقية إلا وأن يعيدوا ترتيب أنفسهم ليفسحوا له مكانا للعب معهم على مضض أو تأخذهم العزة بالاسم ويقرروا أن ينهوا اللعبة، وكل واحد يروح على بيتهم.
أما إذا كان المخرب أقل نفوذا وكان اللاعبون على قلب رجل واحد فإنه لن يتم الالتفات إلى تهديداته وتستمر اللعبة فى مشاهدة منه والحسرة وملابس اللعيبة يشاركانه المشاهدة.. لا أعلم لماذا؟
واتتنى هذه الذكريات الطفولية الغابرة وأنا أجلس وقد عطلت شئون حياتى وأوقفت الزمن فى انتظار مشاهدة مباريات الأسبوع التانى للدورى العام وبعد أن بحثت فى جميع قنوات التلفزيون الفضائية والأرضيه المجانية والمشفرة الممنوعة والمسموحة وقنوات الأطفال وقنوات الكبار على مشهد واحد لأى مستطيل أخضر وعليه أى ألوان محلية.. تأكد لدى أنى فى دوله الحرنكش لم يعد هناك احترام لأى قواعد أو قوانين ولا حتى مشاعر شعب كروى يعشق كره القدم، وبالبحث عن المسئول الذى أغلق بيديه آخر نوافذ المتعة الشعبية ببساطه ودون أن يعى أو يهتم بكم الألم الذى سببه للجماهير الغفيرة التى تعد الساعات تلو الساعات فى انتظار الاستمتاع بمشاهدة أنديتها المفضلة تبين أن المعلم ملك الحرنكش أوكل صبيانه على شئون الرياضة وجعل من قاعدة فيها لأخفيها سيئة الذكر أساسا للتحكم فى أمزجة الناس والعبث فى مقدراتهم وكأن البلاد خرجت خلف أسوار العالم وإلى قاع الحضارات قد استقرت.. إذ إن ما حدث لم يعد موجودا فى أى بقعة مأهولة على وجه البسيطة ولا حتى فى شرائع الصبية السذج فى لعبة الشاط حاط حينما ينكب عليهم من يردم حفرتهم المتواضعة أو يكسر نبوتهم أو يغرق ساحة لعبتهم بالماء، منفذا لتهديداته الشريرة بإخفائها، حيث إن ذلك كان ينتهى دوما بتغيير ساحة اللعب إلى مكان آخر مع حرمان المفسد الشرير من الاقتراب منهم وأن ذلك قد أضحى عسيرا فلا يمكن لنا وبعد أن مضى وقت طويل ونحن نتابع ونشجع الفرق المحلية أن نغير انتباهنا إلى تشجيع ومتابعة دوريات أجنبية فى دولة الحرنكش لا أحد يحاسب أحد وفى دولة الحرنكش ننام وقد امتلأت جفوننا ألماً وحسرة بينما تمتلئ جيوب ملوك الحرنكش من أموالنا!!.
