علق الكاتب البريطانى روبرت فيسك فى مقاله اليوم بصحيفة الإندبندنت على إطلاق سراح الليبى عبد الباسط المقراحى المدان فى قضية تفجير طائرة بأن أمريكان فوق قرية لوكيربى الاسكتلندية.
وقال فيسك إن الترحيب الذى لاقاه عبد الباسط المقرحى فى طرابلس كان انحرافاً مثالياً عما حاولت الحكومة البريطانية تجنبه، فهو يسمى الحقيقة التى لا يعرف وزير الخارجية البريطانى ديفيد ميليابند الكثير عنها.
فقد كان قرار التخلى عن الاستئناف الذى سيكشف حقيقة قضية لوكيربى قرار المقراحى وليس محاميه. وقد فضلت بريطانيا أن يعود المقرحى إلى أرض الكتاب الأخضر الذى يتحدث عن مستقبل العالم وألفه رئيس ليبيا العقيد معمر القذافى الذى كتب أيضا الهروب إلى الجحيم وقصص أخرى بدلاً من طوفان المعلومات التى كان من الممكن أن تكشف عنها دعوى الاستئناف.
وقد تعمق محامو المقرحى فى قضيته التى اعتمدت على كلمة خياط من مالطا رأى صورة للمقرحى فى الوقت الذى لم يتم الكشف عنها فى هذا الوقت، وبذلك استطاع التعرف عليه فى المحكمة، وكشف المحامون عن بعض الأدلة الهامة من الشرطة الألمانية.
ويشير فيسك إلى أن الشرطة الألمانية كشفت عن شخص لبنانى قُتل فى تفجير لوكيربى كان قد صاحبه إلى مطار فرانكفورت مسلحين لبنانيين معروفين وكان معه حقيبة احتوت على القنبلة. ويقول الكاتب إنه أطلع على كل المقابلات التى أجرتها الشرطة الألمانية مع المشتبه بهم، والتى يصفها بالمدمرة وكانت هناك صلة لبنانية واضحة بهذه القضية، وربما تكون هناك صلة فلسطينية. فكيف ننسى المؤتمر الصحفى الذى عقده فى بيروت رئيس الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين أحمد جبريل الموالى لسوريا، والذى قال فيه باندفاع إنه ليس مسئولاً عن تفجير لوكيربى، محاولا نفى تهمة عن نفسه لم يوجهها أحد إليه.
وقال بعض الصحفيين والذين لديهم صلات فى المخابرات البريطانية والأمريكية، إن تفجير لوكيربى هو عمل انتقامى من قبل طهران بعد إطلاق النار على طائرة ركاب إيرانية من قبل قائد إحدى السفن الحربية الأمريكية قبل حادثة لوكيربى بعدة أشهر. لكن فى الوقت الذى أرسلت فيه سوريا دباباتها للدفاع عن السعودية بعد أن قام صدام حسين بغزو الكويت عام 1990، انقلبت الحقيقة كلها لتتجه أصابع الاتهام إلى العقيد القذافى. وكان القذافى فى مشكلة حقيقية. فقد كانت ليبيا بالتأكيد مسئولة عن تفجير طائرة فرنسية فوق تشاد عام 1989، فلماذا لا تكن مسئولة أيضا عن تفجير طائرة لوكيربى؟
ويمضى فيسك قائلاً: يجب ألا ننسى اللقاء الذى عقده رئيس الوزراء البريطانى السابق تونى بلير عام 2004 مع القذافى بعد أن تخلى الأخير عن طموحاته وخططه للحصول على أسلحة نووية، وهو التصرف الذى وصف وزير الخارجية البريطانى السابق جاك سترو بأنه يأتى من رجل دولة.
نفس الرجل الذى امتدحه سترو استضاف مجموعة من المسلحين الذين هاجموا سفينة سياحية يونانية، ونفس الرجل الذى قامت قواته البحرية بمهاجمة يخت واعتقلت طاقمه لمدة 8 سنوات، والرجل الذى أمدت أجهزته السرية الجيش الجمهورى الأيرلندى بالأسلحة، وهو نفس الرجل الذى قتل معارضيه فى الخارج وأطلق النار على شرطية بريطانية شابة فى لندن.
وربما يكون من المفارقات أن المقرحى عاد إلى ليبيا على طائرة من نفس طراز طائرة الركاب الإيرانيين التى أطلق الأمريكيين النار عليها والتى لم يتحدث القذافى بشأنها على الإطلاق.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة