أدباء ونقاد: المزج بين الرواية والسيرة الذاتية من متطلبات العصر

الأحد، 23 أغسطس 2009 10:39 ص
أدباء ونقاد: المزج بين الرواية والسيرة الذاتية من متطلبات العصر الروائية أمينة زيدان
كتبت هدى زكريا

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
فى السنوات الأولى من ظهور وتطور فن الرواية بعد اتصال العرب بالغرب والاستلهام من ثقافته، دخل فى هذا النوع من الكتابة الأدبية طريقة الفصول، وعرفت بأساليب معينة فى كتابتها ما زالت تدرّس فى الكليات والجامعات الأدبية حتى الآن، وترتكز على بناء درامى محدد كالحبكة والصراع وغيرها، وقسمت الرواية إلى قسمين، الأول منبثق عن خيال الكاتب ويهدف من خلاله إيضاح فكرة معينة للقارئ كرواية "أولاد حارتنا" للأديب الراحل نجيب محفوظ، وقنديل أم هاشم ليحى حقى، وموسم الهجرة للطيب الصالح، والقسم الثانى وهو الرواية غير الخيالية أو التاريخية المعاصرة وتدور أحداثها حول وقائع حدثت بالفعل وليس من مخيلة الروائى، منها أرض السود للكاتب "عبد الرحمن منيف".


وتشابكت العلاقة مؤخرا بين فن الرواية والسيرة الذاتية، باعتباره أيضا أحد الفنون السردية الحكائية فى الساحة الإبداعية، والتى يعبر بها شخص واقعى عن وجوده الخاص ويركز على حياته الفردية وتاريخه الشخصى، هذا ما دفعنا لمعرفة نقاط الفصل بين الاثنين، ومتى يطلق على العمل المعروض رواية ومتى يصبح مجرد سيرة ذاتية؟

" فى الرواية تكون وقائع الحياة الشخصية للكاتب مصدر إبداعه، ولكن دور الخيال يكون مساحته أكبر من الوقائع الحقيقية ويتخيل موقفا ما يجعله المحور الأساسى لعمله، أما السيرة فلا تكتب إلا بعد مرور فترة طويلة من عمر المؤلف فتجبره على التوقف أمام تفاصيل بعينها لتسجيلها، وهى جنس أدبى يحذف منه الكاتب ويضيف من حكمته وخبراته الحياتية" هكذا جاء رأى الناقد محمود عبد الوهاب موضحا الفارق بين هذين النوعين من الفنون، وأشار لتداخل الأمر على كثير من الكتاب فى الفترة الحالية، وكتابة كلمة رواية على غلاف أعمالهم وهى فى حقيقة الأمر تجارب شخصية لهم ووقائع عاصروها.

وقال "يظهر التحدى الحقيقى أمام كاتب الرواية فى أن يشعر القارئ بأن شخصيته الخيالية التى هى محور عمله هى شخصية واقعية بالفعل وهذا من خلال الاستعانة ببعض التجارب الحقيقة وليس جميعها حتى لا تتحول لسيرة أو مذكرات خاصة به وحتى نمزج بين الخيال والواقعية مثل القاهرة 30 للأديب نجيب محفوظ، والذى نجح من خلالها أن يعكس التيارات السياسية المختلفة فى تلك الفترة من خلال أبطال أعماله، وكذلك رواية اللص والكلاب التى دارت حول شخصية سعيد مهران، وما زالت الناس تتذكرها حتى الآن، وهى فى الحقيقة مستوحاة من شخصية محمد على سليمان الذى عاش فى فترة الخمسينات واشتهر بالسفاح".

وقالت الكاتبة أمينة زيدان إن هذا الفارق يتوقف بشكل أساسى على التقنيات المستخدمة فى إنجاز العمل الأدبى المقدم، وكل منهم له طريقة كتابته الخاصة به، وأشارت أمينة إلى أن فكرة الذاتية والاعتماد على شخص وبطل واحد خلال العمل تظهر بشكل واضح فى المدونات التى حولها أصحابها لكتب مطبوعة.

وقالت إن فكرة اندثار فن الرواية وتحوله لمجرد تجارب ذاتية فى الفترة القادمة مستحيلة، لأن الجمهور قادر على التمييز وما زالت الرواية لها إعلامها وقراؤها فى العالم العربى.

وأشار الكاتب طارق إمام إلى أن الفصل الحاد بين الواقع والخيال ليس موجودا بالفعل، فالشخصيات تولد للمؤلف أثناء الكتابة، وتعكس جانبا من شخصيته وجانبا من الخيال.

واستشهد إمام برواية "وداعا أيتها السماء" وقال إن صاحبها قدمها لدار نشر على أنها سيرة ذاتية، ولكن الدار اقترحت عليه تقديمها كرواية، وبالفعل كتبت كلمة رواية على الغلاف، إلا أن المخرج الفنى تفهم الأمر ووضع صورة الكاتب فى صدر الغلاف ليؤكد للقارئ أن المضمون الذى بين يديه ما هو إلا تجارب ذاتية.

وقال الناقد أحمد الصغير إن الكتابة الروائية فى اللحظة الراهنة تغيرت بشكل كبير، فأصبحت مرتكزة على السير الذاتية، مثل روايات سلوى بكر، وصنع الله إبراهيم، وتجليات جمال الغيطانى، مع أنه من المفترض أن يحافظ الكاتب على خيال الرواية ويحاول أن يمزج بين الأحداث الروائية والواقعية التى مر بها فى حياته.

وأضاف: "اعتمد كثير من الكتاب على التقنيات الحديثة الموجودة الآن للتحدث عن نفسه وبث أفكاره وهمومه ومشاكله فى رواياته وأصبح يعكسها بشكل ذاتى وأصبح هذا الشكل الجديد من الكتابة الأدبية الذى يجمع بين الأسلوبين قادر على التعبير عن متطلبات العصر ومواكبة العالم كله بمختلف أحداثه".






مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة