وصلنى بريد إلكترونى يتحدث عن اقتراح طرحه أحد رجال الأقباط المخلصين يقوم على فكرة تكوين مجلس سياسى للأقباط ثم كونجرس قبطى يشكل لوبى قبطى للضغط على الحكومة المصرية لحل مشاكل الأقباط.
وقد وضع مقدم الاقتراح أسماء بعينها ليتشكل منها مجلس تأسيسى يُعد لانتخابات بعدها يشترك فيها الأقباط لاختيار المجلس الثانى.،وما أن طُرحت الفكرة حتى انهالت التعليقات على مقدم الاقتراح منها من يؤيد فكرته ومنها من يرفضها أو يتحفظ عليها، ومع وجود أسماء محددة بدأ التجريح فى بعض الأسماء والهجوم الشخصى غير الموضوعى عليهم، وكالعادة انقسم الأقباط قبل أن يبدأوا، وكما قال السيد المسيح له المجد، إن كل مملكة تنقسم على ذاتها تخرب، والانقسام يؤدى إلى تفتت الجهود وضياع الهدف.
وبعيداً عن التحزبات وحب الرئاسات والتى تقف دائماً أمام وحدة المصريين بصورة عامة، وبعيداً عن المسميات والجمعيات والمنظمات والتجمعات والشعارات، ونزولا إلى أرض الواقع، بعيداً عن الخيالات والأوهام والأحلام الزائفة، دعونا نتحدث بصراحة كما تعودنا.
أثبتت المدرسة الواقعية أنها هى الحل الأوحد للعمل الديناميكى المؤثر رغم أن تطبيقها قد يؤدى إلى إمكانية تطاير بعض الآمال والتطلعات ولكنها فى النهاية تحقق نتائج عملية أوقع وأكثر فاعلية.
فالواقع المصرى يتحدث عن أغلبية مسلمة وأقلية مسيحية، أغلبية تمثل حوالى 85% من السكان وأقلية تمثل 15% فى أقرب التقديرات،أومع حتى الافتراض الجدلى أن نسبة الأقباط 20% من سكان مصر، فكيف نصل بهم إلى تأثير سياسى ملموس فى المجتمع؟
إن مشكلة الأقباط فى مصر تحتاج إلى حلول جذرية، شعبية، تبدأ من قاعدة الهرم وليس من قمته فقط؛ فما الذى يفيد الأقباط إذا وضعت الحكومة محافظ مسيحى مثلا ووقف ضد الأقباط والكنيسة لخوفه من بطش بعض المتطرفين أو لإرضاء بعض رجال الحكومة؟ وما الذى يفيد الأقباط إذا رشح الحزب الوطنى عددا كبيرا جداً من الأقباط ولم يحصل فيهم أحد على أصوات؛ حيث إن نسبة الأقباط فى الدوائر الانتخابية حالياً أقل من نسبة المسلمين ولم يعد المسلم ينتخب شخصا مسيحيا حتى ولو كان صديقه؛
لذا فلننظر لوضع الأقباط السياسى من خلال منظور عملى، فكرة الكونجرس القبطى فرقعة لن تهز الحكومة أوتحركها قيد أنملة.
تعالوا ننظر بهدوء ونعود للوراء إلى عصر من أزهى عصور الأقباط عندما تبوأ بطرس باشا غالى منصب رئيس الوزراء، وعندما قامت ثورة 1919 ومعها حزب الوفد القوى– فى ذات الوقت– وكان كثير من الأقباط أعضاء فى الحزب وفى الحكومة، تقلد مكرم عبيد باشا وزارات قوية فى الحكومة المصرية وكانت تربطه علاقة قوية بزعيم الوفد المسلم، مصطفى النحاس وحتى عندما اختلفا معاً لم يكن للطائفية مكان بينهما بل إن مصطفى النحاس وقف أمام حسن البنا، مؤسس جماعة الإخوان المسلمين، وقال له لا يحق لك أن تخلط الدين بالسياسة فإن أردت الدين فاترك لنا السياسة، وكانت المناصب تعطى للأقباط– قبل ثورة يوليو– لا بسبب ضغط من الأقباط أو قيادتهم ولكن من أجل انخراط الأقباط فى العمل السياسى والحزبى وأيضاً جاءت ثمرة لعلاقات قوية ومؤثرة مع مسلمين إخوة معتدلين؛ الأمر الذى يتطلب معه العودة لهذا الزمن الجميل على الأقل بالعمل المشترك بين الأقلية وجزء من الأغلبية والتاريخ يشهد على ذلك، فالمسلمون الشرفاء الوطنيون الذين لا يقحمون الدين فى السياسة والذين ينظرون إلى الكفاءة لا الديانة، مازالوا موجودين ولو أنهم موجودون بنسبة أقل اليوم، والحل إذًا هو عمل وطنى مشترك والعودة إلى فكرة "الإخوان المصريون" وهى فكرة بسيطة طرحتها من قبل تقوم على بناء وطنى مبنى على صخرة الوطنية المجردة من أية انتماءات عرقية أو دينية والبحث عن إخوة لنا فى الوطن يحملون معنا همومنا وأثقالنا، فهل تتذكرون معى المرحوم الدكتور فرج فودة، وكيف كان يدافع عن الأقباط وحقوقهم ومات شهيداً لتلك الدفاعات.. والراحل الكاتب الكبير مصطفى أمين الذى كتب عدة مقالات بقلمه الرائع رافضاً تطبيق حد الردة لأنه لم يعد له مكانه بعد انتشار الإسلام ووقف بجانب الأقباط، وهناك الكثيرون من إخوتنا المعاصرين الذين يدافعون عن قضايا الأقباط، أتذكر رجل الأعمال الراحل طلعت مصطفى– والد هشام- والذى كان يقوم بتجديد العشوائيات وإدخال الكهرباء وإعادة بناء المبانى دون تفرقة بين قبطى ومسلم، لنبدأ يا أحبائى عهدا جديدا ننسى فيه ما وراء ونمتد لما هو قدام. لنبدأ بتكوين مجموعة الإخوان المصريين تبنى على الحب والإحترام المتبادل وتكون مصر أولا.
إنه مجرد رأى؛ فرأيى– فى نظرى- صواب يحتمل الخطأ، ورأى غيرى خطأ يحتمل الصواب فإن اختلفت معى لا تنقلب على ولا تفسد للود قضية.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة