أكرم القصاص - علا الشافعي

خالد صلاح

رئيس الوزراء مارس أكبر عملية خداع حكومية على الناس واعتبر أن أهم إنجازاته إنشاء صندوق وإقامة لجنة وحصول المنتخب على كأس الأمم الأفريقية

طلب عاجل.. إحالة الدكتور أحمد نظيف إلى النائب العام بتهمة الدعاية الكاذبة

الجمعة، 21 أغسطس 2009 08:11 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
◄رئيس الوزراء وافق على طباعة كتاب يقول إن إنشاء 16 جامعة خاصة هو أهم إنجازات عهده فى الحكومة.. وأظنه كان يقصد الجامعة التى أسسها بنفسه ولنفسه ليستقر فيها بعد رحيله عن السلطة

لا أعرف كم مرة حاول الدكتور أحمد نظيف أن يفكر قبل أن يوقع على قرار طباعة هذا الكتاب الفاخر الصادر عن مجلس الوزراء، والذى يتضمن سجلا احتفاليا من مشروعات الحكومة الحالية فى ذكرى مرور خمس سنوات على تولى الوزارة، كم مرة تردد رئيس الوزراء أو حاول التراجع؟! كم مرة سأل مستشاريه المقربين ما إذا كانت طباعة هذا الكتاب الاحتفالى فكرة سديدة، أو كم مرة سأل خبراء الدعاية من حوله ما إذا كان هذا الكتاب يمكن أن يصلح كخدعة ناجحة لإقناع الناس بأن هذه الحكومة أنجزت شيئا ما، أو تحاول أن تنجز شيئا ما؟
هذا الكتاب الفاخر الصادر تحت عنوان براق (60 إنجازا فى 60 شهرا) لم يكن فكرة سديدة أو قرارا سديدا أو حتى خدعة سديدة من رئيس الوزراء، بل على العكس هو كتاب يفتح الشهية لمزيد من السخرية على حال أهل السلطة فى مصر، ومزيد من فقدان الثقة فى هذه الحكومة، كما يفتح الباب أيضا لمزيد من الأسى على أحوال الرعية فى البلاد التى تعيش تحت مظلة من التزييف والتدليس تدفع ثمنه الآن، وستدفع ثمنه أيضا فى المستقبل.

هذا الكتاب الدعائى كان من المفترض أن يلزم الدكتور نظيف بإقالة صاحب فكرته، وإقالة كل من شارك فى إعداد المواد المنشورة على صفحاته، بل وكان يفرض على الدكتور نظيف بمجرد الاطلاع عليه أن يترك مكتبه مكتئبا، ويهجر الناس فى بيته بوادى النخيل لأكثر من ثلاثة أيام متواصلة، فى اعتكاف صامت عقابا لنفسه على من اختارهم من حوله لهذه المهمة، لم يكن عليه أن يوقع على قرار طباعته، بل يوقع على قرار إقالة هذا الطاقم المثير للسخرية، الذى أعد هذه الحملة الدعائية الفجة.

الدكتور نظيف لم يخجل من أن يوقع على كتاب دعائى يعتبر أن فوز مصر ببطولة كأس الأمم الأفريقية لدورتين متتاليتين أحد أهم 60 إنجازا للحكومة، ولم يشعر بأى نوع من الحياء وهو يضيف إنجازا آخر من إنجازات حكومته، وهو حصول مصر على ست ميداليات فى دورتى الألعاب الأوليمبية فى أثينا وبكين، كان الخجل أولى بالدكتور نظيف الذى نسب لحكومته إنجازا لا ناقة لها فيه ولا جمل فى المجال الرياضى، فهو لم يكن له من الأمر شىء فى هذا الإنجاز الرياضى، لم يختر المدير الفنى أو اللاعبين ولم يشرف على توفير المناخ الملائم للتدريبات، فضلا عن أنه من العيب أن تعتبر هذه الحكومة نفسها صاحبة إنجاز رياضى بهذا الحجم، ولا تتذكر أنها الحكومة المسئولة عن تردى مستوى الأبطال الأوليمبيين فى مصر وإهدار حقوقهم، وعدم مد يد العون للأندية التى تنتج هذا النوع من الأبطال، أو عن الإخفاقات التالية فى القطاعات الرياضية الأخرى.

بدأت لك هنا بهذا الإنجاز الرياضى المزعوم ليكون مقياسا على حجم الكذب والتزييف العلنى، وفاقد الحياء الذى يتضمنه هذا الكتاب الأعجوبة، فالحكومة قررت خداع الناس فى شأن يعلم كل رجل أو امرأة أو شيخ أو طفل فى مصر أنه عار من الصحة، ويمكنك هنا القياس على ما يتلو ذلك من إنجازات وهمية، انظر مثلا إلى قائمة الانتصارات الكبرى التى يسجلها هذا الكتاب الصادر تحت عين رئيس الوزراء وإشرافه المباشر، فالكتاب يعتبر أحد إنجازاته الستين أيضا (زيادة حرية التعبير بشكل غير مسبوق فى الصحف المملوكة للدولة)!! ولا أعرف هنا أى حرية تعبير يقصد الدكتور نظيف فى وقت تتراجع فيه درجات النقد للحكومة إلى أدنى مستوياتها فى الصحف الحكومية، تحت تأثير الصفحات الإعلانية الممنوحة من الوزارات من جهة، وتحت تأثير الخوف الكامن فى القلوب من الارتباط العضوى بين هذه الحكومة وأمانة السياسات من جهة أخرى، بالإضافة إلى كون الغالبية الكاسحة من رؤساء تحرير الصحف الحكومية، هم من أعضاء الحزب الوطنى وبعضهم من أعضاء أمانة السياسات الذين لا يرون إلا ما يرى أمين السياسات، ولا يؤمنون إلا بما يؤمن به!!
هذه كذبة أخرى إذن، لكن الأكاذيب لم تنته، فالكتاب المطبوع بقرار من رئيس الوزراء يقول أيضا: إن إنجازات الحكومة تتضمن (إنشاء جهاز حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية)، وأقسم لك يا أخى أن هذه واحدة من الإنجازات الستين التى يسجلها كتاب رئيس الوزراء، وأظنك الآن تضحك بأعلى صوتك على هذه الكذبة الناقعة والجامحة، فهذا الجهاز الذى أنشأه وزير التجارة والصناعة المهندس رشيد محمد رشيد جرى تقييده بالأمر المباشر لحرمانه من تحقيق الهدف الذى نشأ من أجله، فالجهاز الذى كان من المفترض أن يطارد محتكرى الحديد آنذاك تعرض لتصفية مبكرة فى الدور والتأثير، ليبقى رجال الحديد على العرش إلى الأبد.

خذ هذا الإنجاز أيضا: (إنشاء صندوق تطوير المناطق العشوائية)، يا راجل، هل يستحق دافعو الضرائب فى مصر أن يمولوا كتابا يرصد إنجازات الحكومة لمجرد أن هذه الحكومة أنشأت صندوقا للعشوائيات؟! كل ما فعله نظيف أنه أنشأ صندوقا، ولا شىء آخر، لم يبدأ فى التخطيط، أو يعيد تنظيم الشوارع، بل ولم يحرك بلدوزر للنظافة، لا شىء سوى (الصندوق)!!
خذ عندك الإنجاز التالى وهو (تشكيل لجنة الشفافية والنزاهة لوضع استراتيجية قومية لتعزيز ودعم الشفافية والمحاسبة)، يعنى مرة كان الإنجاز فى إنشاء صندوق، ومرة أخرى كان الإنجاز فى إنشاء لجنة للشفافية، كيف تشجع الدكتور نظيف على هذا العمل الساخر غير المسبوق، من أين حصل على هذه الجرأة فى طباعة هذا الكتاب ليقول للناس إنه أنشأ صندوقا وأنشأ لجنة، وشجع الحرية فى الصحف المملوكة للدولة؟ هذا الكتاب بحد ذاته يعد عنوانا على الفشل وقلة الحيلة، وكل ما تضمنه من إنجازات لا يعبر سوى عن شتات ذهنى وفكرى لدى رئيس الوزراء، ولا يقدم لنا إلا تأكيدا دامغا على هذه الحالة من الترهل التى تعانيها الحكومة فى عهد الدكتور نظيف، وحين يصل الكذب إلى مداه فإن الرجل يعتبر أن إنشاء 16 جامعة خاصة فى عهده هو واحد من إنجازاته التاريخية، إلى هذا الحد من الخداع يرى رئيس الوزراء أن إنشاء الجامعات الخاصة إنجاز شخصى له، طبعا ربما كان يقصد جامعة النيل التى يشارك هو شخصيا فى تأسيسها ويستعد لتولى رئاستها بعد رحيله من الوزارة، إن كان يقصد هذه الجامعة فهذا إنجاز بكل المقاييس، ولكنه إنجاز يخصه شخصيا، ويصب فى مصلحته مباشرة، ولا يجوز اعتباره إنجازا للحكومة، كما لا يجوز لرئيس وزراء مثل الدكتور نظيف تشهد البلاد فى عهده نموا فى مستويات البطالة لدى خريجى الجامعات من مختلف التخصصات، أن يعتبر إنشاء جامعة استثمارية بمثابة إنجاز تاريخى لحكومته، ليس هذا سوى العبث بذاته، والكذب فى صورته المثالية.

الرجل يعتبر أيضا فى هذا الكتاب المعجزة، وفى تجرؤ واضح على الوقائع وعلى التفاصيل وعلى وعى الرأى العام، أن تخصيص كوتة للمرأة فى مجلس الشعب (64 مقعدا) إنجاز لحكومته، وأن التعديلات الدستورية التى جرت خلال وجوده فى السلطة (بالصدفة الزمنية طبعا) ضمن الإنجازات التاريخية الستين إنجاز فى ستين شهرا التى يتضمنها الكتاب، هل هناك تزييف فى الحقائق وتلوين للأحداث أكثر من ذلك؟، ويعتبر أيضا أن أحد أهم إنجازات الحكومة فى عهده (إجراء استطلاعات الرأى العلمية)، تلك الاستطلاعات التى تقول دائما إن المصريين سعداء، وأنهم راضون عن الحكومة، وأن الثقة فى السلطة وصلت أعلى مستوياتها، دون إشارة إلى نوع الشعب الذى أجرت فيه الحكومة هذا الاستطلاع، وهل كانت العينة بين الناس فى مصر، أم الناس فى منتجع وادى النخيل الذى يسكنه الدكتور أحمد نظيف على الطريق الصحراوى!!

فهل هناك إصرار على خداع الناس أسوأ من هذا الذى يتضمنه كتاب إنجازات الدكتور نظيف التاريخى فى العيد الخامس لتوليه الحكومة؟! وهل هناك حكومة فى العالم تقبل بأن يكون أهم إنجازاتها على الإطلاق فى خمس سنوات هو (إجراء استطلاع للرأى) معقولة الكلام ده!!
أقل ما يستحقه هذا الكتاب هو أن يدخل ضمن بلاغ إلى النائب العام للمطالبة بالتحقيق الفورى والعاجل فى تهمتين:
التهمة الأولى:
إهدار المال العام فى طباعة كتاب فاخر بهذا المستوى، دون وجود حاجة ضرورية لهذه الحملة الدعائية التى تكلفت مبالغ طائلة من موازنة الدولة، فى الوقت الذى تواجه فيه بلادنا تداعيات الأزمة المالية العالمية.

التهمة الثانية:
استخدام دعاية كاذبة لخداع الرأى العام، بأن نسب رئيس الوزراء إلى نفسه إنجازات لم يكن له دخل فى تحقيقها، كما اعتبر أن سقف الإنجازات الحكومية هو إنشاء لجنة أو إنشاء صندوق أو رفع مستوى الحرية فى الصحف المملوكة للدولة على غير الحقيقة. هذا هو أقل ما يستحقه كتاب بهذا المستوى، ودعاية كاذبة بهذا الحجم، وتزييف بهذه الدرجة من الإسفاف، وإهدار للمال العام بهذا السفه والتفريط.

فاروق جـــويـدة يكتب حول جامعة رئيس الوزراء: مطلوب فض هذا الاشتباك








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة