بثينة محمود تكتب..تحديق فى مفردات الكون

الجمعة، 21 أغسطس 2009 11:04 ص
بثينة محمود تكتب..تحديق فى مفردات الكون

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
وقفت فوق بقعة صغيرة على هذه الكرة الكبيرة عندما تيسر لى ذلك.. أمامى شاطئ ممتد خاوى من البشر ومن آثار الأقدام.. أحاول التطلع لأبعد بُعد من كل الجهات لأمتلك بنظرى تلك المساحة افتراضياً.. وأرقب من فوقها حركة الكون من حولى.. ألست ابنة هذا الكون ومن حقى التأمل فى ظواهره ومعطياته؟

ثلاثون عاماً وأكثر مرت وأنا أشغل ذات المساحة.. يبتلع البحر الشمس كل ليلة ويلفظ قمراً شاحباً لا يدرأ عنى ظلمة ووحشة الوجود.. ولا توحى لى انعكاسات ضوئه الخافت على الأمواج إلا بالقصائد المرتجفة.. تمتد العتمة لنصف عمرى.. خمسة عشر عاماً وأكثر أنهكتنى.. خمسة عشر عاماً كان من المفترض أن أقضيها فى سُبات.. لكنى لم أفعل.. ظللت أرقب كيف تأتى الشمس من الأفق البعيد .. تنثر قطرات الضوء من جدائلها الذهبية فتضىء شاطئا احتل أنا منه مساحة التأمل فقط
تداعبنى الشمس لاهية.. تحرقنى كلما دنت.. وتتلذذ بمعابثة ظلى كأنها التقطت عدوى التغنج من إناث الأرض.. وعندما تقترب ثانية من فراشها اللامع ويستعد لالتهامها بنشوة العاشق.. أغفو للحظات.. وأصحو لأجد العاشق قد ألقى حولى زجاجات الوله.. تحمل رسائلاً ووروداً محنطة.. ووعوداً ذبلت من الانتظار المديد

أفقد مع الوقت معنى الوقت.. ولا أعى هل هذا الليل يخص اليوم أم تراه ليل أمس.. كل ما صرت أعرفه أنه سيأتى بعده نهار تتغنج فيه الشمس.. وتهترىء العصا التى غرستها بجوارى ليدور ظلها مع ظلى.. يأكلها ملح الأرض ونار الجدائل الذهبية.. وتتساقط حبات ساعتى الرملية فى تؤدة قاتلة.. ساكبة معها عمراً طويلاً مضى وآخر فى طريقه للفناء.. وتتقوس إبرة البوصلة.. تنتحر.. فلا معنى لها وسط ما يسطره تتالى الغروب والشروق للأنثى المغترة بجدائلها.. تلك التى احتكرت ألفاظ الزمن بحركاتها.. وباتت تمنع وتمنح من دفئها أو نارها من تشاء

على بقعتى الصغيرة فى هذا الكون أجلس محدقة.. كقارئى الكف والفنجان.. أحاول أن أجمع قطع اللغز الكبير وأعيد ترتيبها من جديد.. ثلاثون عاماً وأكثر قضيتها محدقة فى تلك المعانى التى يقرؤها علينا الكون العزيز كل يوم وليلة وغروب وشروق ومد وجذر.. وأدرك انى سأهترىء يوماً كتلك العصا أو أتحول يوماً لوردة محنطة فى زجاجة وله.. يلفظها العاشق الممتد بطول الأفق لأى عابر سبيل.






مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة