رمضان كريم

كل عام وأنتم بخير بمناسبة شهر رمضان المبارك أعاده الله على الجميع باليمن والخير والبركات، اليوم مساء هو موعد رؤية هلال الشهر الكريم، وهذا يعنى أن رمضان قد يأتى الجمعة، أو السبت، لكن فى غالب الأمر سيكون الجمعة المتمم لشهر شعبان حسب الحسابات الفلكية التى تعتمد عليها مصر، وبعض البلدان الإسلامية منذ سنوات. وتثير جدلا كبيرا كل عام ليس فى مصر وحدها وإنما فى العالم الإسلامى كله.. بين العلم والدين.

ويأخذ الفقهاء فى تحديد بداية شهر رمضان ونهايته بالحديث الشريف "صوموا لرؤيته، وأفطروا لرؤيته، فإن غم عليكم الهلال فأكملوا عدة شعبان ثلاثين يوما"، لكنهم يختلفون فيما بينهم حول هل الرؤية هى تقع بالعين المجردة، أم بالحسابات الفلكية؟

وأعتقد أن هذا الجدل الذى لم يحسم حتى الآن سيظل أبد الآبدين بين من يأخذون بالنصوص كما هى، ومن يحاولون الاجتهاد والأخذ بأدوات العصر، والاستفادة من العلم الذى سخره الله عز وجل للناس.

ورغم أن الموضوع يبدو للوهلة الأولى بسيطا، لكنه فى الحقيقة أعمق بكثير مما يبدو لأنه ينقلنا مباشرة إلى دائرة الجدل التى يحاول بعض الفقهاء إدخالنا فيها بمناسبة أو حتى بدون مناسبة بين العلم والدين، رغم أنه لا يفترض وجود هذا الجدل من الأساس، لأن الأصل فى العلم هو الارتقاء بالحياة البشرية، وهو هدف كل الأديان التى كرمت جميعها الإنسان.

وبمناسبة بداية الشهر الكريم يا ليتنا نبعد عن القضايا الخلافية أو التى تثير الفرقة والفتنة، ولنجعله شهرا للصفاء النفسى، والبحث عن المشتركات، وإعادة بناء ثقافة الحوار، واحترام الآراء المخالفة، عملا بمقولة الإمام الشافعى رحمه الله: "قولى صواب يحتمل الخطأ، وقول غيرى خطأ يحتمل الصواب".

هذا العام أيضا يأتى رمضان بعد انتهاء صيام الأخوة الأقباط المعروف باسم صيام العذراء والذى استمر 21 يوما وينتهى غدا الجمعة، وكثيرا ما يصوم المسلمون والأقباط فى توقيت واحد، وهو أمر لا يحدث كثيرا فى معظم بلدان العالم، ولكن يحرص عليه المسيحيون الشرقيون فقط.

وإذا كنا نهنأ الأقباط المصريين بانتهاء صوم العذراء، وحلول عيد العذراء يوم السبت، فإن المسلمين المصريين الذين سيبدأون الصوم فى شهر الطاعات فى نفس التوقيت لا يزال أمامهم شهرا صعبا ندعو الله أن يعيننا على تحمل مشقته، ويتم عيلنا نعمته.. فى هذا الشهر العظيم الذى حوله المسئولون فى التليفزيون والفضائيات من شهر للعبادة والصوم عن الشهوات، إلى مهرجان للدراما والمسلسلات، والبرامج التافهة والمكررة!