تناول الأدب رمضان فى الكثير من كتابات مبدعينا ونجحت أعمالهم فى رصد ظواهر الشهر الكريم والتأريخ لها، فنجد رمضان حاضرا فى كتابات نجيب محفوظ كالثلاثية، خان الخليلى، وعند إحسان عبد القدوس فى "فى بيتنا رجل"، كذلك ظهر رمضان فى رواية "مد الموج" لمحمد جبريل و"الرهينة" لزيد مطيع دماج، وآخرين مثل يحيى حقى ويوسف إدريس، لكن وجود رمضان فى الأدب اختفى تقريبا من الأعمال الأدبية التى ظهرت بعد ذلك، أين رمضان فى الأدب كان السؤال الذى طرحناه على بعض المثقفين والمبدعين.
رمضان ليس قضية اجتماعية
أكد الشاعر شعبان يوسف أن رمضان ليس قضية اجتماعية، كما أنه ليس حربا أو قضية نفسية، فكيف سيتناول الأدباء رمضان فى أعمالهم؟ هل سيكتبون عن السحور والإفطار مثلا، حتى نجيب محفوظ الذى ظهر رمضان عنده بأشكال مختلفة، كان يصف أشكال "المخللات" والأكل والشرب، الوحيدة التى استطاعت أن تصنع من رمضان قضية هى الروائية الراحلة نعمات البحيرى فى قصة اسمها "ريم"، حيث تناولت توافر الأكل عند طبقة معينة، وحرمان طبقة أخرى منه، لكن لم يلتفت المبدعون إلى رمضان لأن له إجلالا خاصا، كذلك هم ليس متصلين اتصالا عميقا برمضان إلا فى السهرات وهى كلها نتف لا يمكن تناولها فى أعمال إبداعية.
ويشير شعبان يوسف إلى أن هناك قصيدة مهمة لتوفيق زياد، تناول فيها رمضان وقت الاحتلال وكذلك تناوله صلاح جاهين فى شعره، وكتب عنه عبد الحكيم قاسم فى " أيام الإنسان السبعة" بخلاف قصة نعمات البحيرى وقصة أخرى ليوسف إدريس.
رمضان أصبح ظاهرة تليفزيونية
أشار الروائى سيد الوكيل إلى أن رمضان تم اختصاره فى ظاهرة تليفزيونية وإعلامية فقط، بالإضافة إلى السهرات فى الفنادق وتقديم الأكلات الشعبية بواسطة جرسونات يلبسون الطرابيش، كل هذا محاولة لمحاكاة تراثية والناس تعرف أنها محاولة فاشلة، لذلك لم يعد رمضان يمثل سطوة روحية.
وأكد الوكيل أن جيل يوسف إدريس ويحيى حقى ونجيب محفوظ قد تأثر بمظاهر رمضان وكانت من دواعى الكتابة لديهم التى هى أصلا طاقة روحانية.
وأضاف الوكيل سببا فنيا وجماليا لعزوف الكتاب عن تصوير رمضان فى إبداعاتهم هو أن الكتابة فى ربع القرن الأخير تحولت إلى التجربة الذاتية والمؤقتة ولا تتناول المظاهر الاجتماعية إلا فيما يخص الذات، الكتابة عن موضوعات اجتماعية اختفت ومظاهر رمضان لا تأتى فى الكتابة إلا عارضة.
ويشير الوكيل إلى قصة كتبها بعنوان "جراح رمضان الأخيرة" تناول فيها قصة صديق له أصابته شظية بجوار قلبه فى حرب أكتوبر، وظلت آلام هذه الإصابة تعاوده كل عام فى رمضان حتى مات متأثرا بهذه الإصابة بعد 20 سنة.
هناك نفور من الكتابة عن رمضان
أكد الروائى أحمد أبو خنيجر أن هناك نفورا من الكتابة عن رمضان، والأعمال التى تناولته قليلة، والأسباب يعددها أبو خنيجر، حيث قال: يجوز تغيير العادات والتقاليد، وتسارع واقع الحياة، بالإضافة إلى أن واقع الحياة فى رمضان يكاد يكون متوقفا.
وأشار أبو خنيجر إلى أن الكتاب أصلا لا يمارسون الكتابة فى نهار رمضان فكيف يكتبون عنه، كما أكد أن الحمولة الدينية التى تنسب إلى الشهر هى سبب ابتعاد الكتاب عن ذكر رمضان فى أعمالهم، وهذا نوع من أنواع الرقابة الذاتية يمارسه الأدباء على أنفسهم.
وعن تناول نجيب محفوظ لرمضان فى أعماله أكد أبو خنيجر أن ذكر رمضان فى أعمال محفوظ أمر طبيعى لأنه غطى أجزاء كبيرة من الحياة، والكاتب عموما يبحث عما يفيد عمله ويقويه، وكله مرهون باختيارات الكاتب، قد يجىء كاتب ويرى فى رمضان فكرة عظيمة يمكن كتابتها.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة