يؤكد أن سيناريو التوريث لن يمرض

حمدين صباحى: جاهز للترشيح فى انتخابات رئاسة الجمهورية

الخميس، 20 أغسطس 2009 08:51 م
حمدين صباحى: جاهز للترشيح فى انتخابات رئاسة الجمهورية حمدين صحابى
حوار.. سعيد الشحات - تصوير: عمرو دياب

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
◄الديمقراطية التى طبقها جمال عبدالناصر لم تعد صالحة.. وأدعو لتأميم الشركات التى بيعت فى الخصخصة
◄فتحى سرور متميز فى إدارة البرلمان ويصعب تعويضه
◄صفوت الشريف أكثر الأدمغة السياسية فى النظام
◄أحمد عز متغطرس وفقير فى ملكاته السياسية

وأنا أودع حمدين صباحى النائب البرلمانى وكيل مؤسسى حزب الكرامة، سألته عن ترشيحه نقيبا للصحفيين، أجاب: «لم أحسم قرارى بعد»، وأضاف فى كلمات ذات مغزى: «حين ينتقدنى صياد من البرلس أستريح لأنه يغسل ضميرى وهذا عندى أهم من أى شىء آخر»، الحوار مع حمدين امتد إلى محطات كثيرة أبرزها إمكانية ترشيحه لانتخابات رئاسة الجمهورية المقبلة وغيرها.

ما الموقف الآن من حزب الكرامة؟
نحن مستقرون الآن على أننا حزب واقعى موجود، لدينا شرعية مستمدة من الدستور، شرعية اجتماعية، ولدينا تشكيلات فى كل المحافظات، ومؤتمرنا العام، ولدينا ثلاثة نواب فى البرلمان، وجريدة تنطق بلسان الحزب، وهذا الوضع يسمح لنا بالنمو فى الشارع، لكن ذلك يتوقف على جهدنا، ونحن تقدمنا من قبل مرتين إلى لجنة الأحزاب وتم رفضه فى المرة الأولى، وفى الثانية طلبت المحكمة توفيق أوضاعنا بحيث تتماشى مع الشرط الجديد فى تأسيس الأحزاب، برفع عدد المؤسسين من 50 إلى 1000 مؤسس، وليست لدينا مشكلة فى هذا الشرط، فعدد المؤسسين فى تجربتنا الثانية كان 750 مؤسسا، لكن عند مناقشة الأمر فى مؤتمر الحزب كان لدينا تياران، الأول يرفض التقدم للجنة الأحزاب باعتبارها لجنة شرعيتها محل سؤال بدليل تكوينها من الحزب الوطنى، والتيار الثانى رأى إمكانية أن نتقدم، وانتهينا إلى رأى بأنه يمكن التقدم من جديد لو وجدنا مؤشرات فى المناخ السياسى يمكن أن نطمئن من خلالها بالحصول على موافقة.

هل وجدتم هذه المؤشرات؟
لا.. لا.. لم نجدها، هى لم تتوفر حتى الآن.

هل هذا يستند إلى قراءة تحليلية منكم أم إلى معلومات؟
هى قراءة للوضع الراهن، وأنا قابلت السيد صفوت الشريف رئيس مجلس الشورى وقلت له فى حوار حول هذا الموضوع، نحن جاهزون للتقدم إلى لجنة الأحزاب إذا كان لدى النظام تصور فى مرحلة أن يعطى إشارات ديمقراطية بالموافقة على بعض الأحزاب من بينهم الكرامة فنحن جاهزون على الفور وبرنامجنا موجود، أما إذا كنا سنوفق أوضاعنا حسب قرار المحكمة ونؤول إلى نفس النتيجة فنحن فى غنى عن ذلك، كما أعتقد أن النظام فى غنى عن رفض حزب جديد، وعليه نحن لا نعمل الآن على فكرة التقدم رغم جاهزيتنا لها.

ماذا كان رد صفوت الشريف؟
لم يعقب، هو استمع فقط.

ألم تحدث حوارات أخرى من هذا النوع مع مسئولين آخرين؟
مؤخرا سألنى الدكتور زكريا عزمى عن الموضوع بمناسبة توفيق حزب الوسط لأوضاعه وتقدمه من جديد إلى لجنة الأحزاب، وسألنى عما إذا كنا سنفعل مثلما فعل الوسط أم لا، فقلت له مثلما قلت لصفوت الشريف.

هل شعرت بأن سؤال الدكتور زكريا عزمى يحمل دلالات ما؟
يمكن استخراج دلالات ما، لكن دعنى أقول إننى لم أستنتج بالضرورة دلالات على التشجيع لتوفيق أوضاعنا، ولم أقرأ من حوارى معه أنه يستحثنا عليه.

ما الجديد الذى يقدمه حزب الكرامة إلى حياتنا السياسية؟
حزب الكرامة يقدم جوهر التجربة والفكرة الناصرية ليس باعتبارها أيديولوجية، وإنما باعتبارها مشروعا للنهضة، نقدم استخلاصا أو صياغة للفكرة الناصرية فى إطار غير الذى درجنا عليه من قبل، الجانب الثانى أن حزب الكرامة برغم أنه ينتمى إلى تجارب النضال الوطنى المصرى والقومى العربى معا، ويضع ثورة يوليو باعتبارها درة تاج هذا النضال لكنه لا يشترط أن يكون عضو الحزب ناصريا، ثالثا، يدعو الحزب فى أدبياته إلى إقامة كتلة تاريخية قادرة على تغيير أوضاع مصر لا تستند إلى واحدة من المدارس الأربع الرئيسية فى تاريخنا الفكرى والسياسى المعاصر عربيا ومصريا، وهى الإسلامية والليبرالية واليسارية والقومية الناصرية، حزبنا يبحث عن مشترك بين هذه المدارس، ويدعو إلى وقف الاقتتال بين هذه المدارس، ووقف حروب الطوائف الفكرية والأيديولوجية، وذلك لصالح التوحد حول مشروع جامع للنهضة الوطنية والقومية، ومن هذا المنطلق استطاع حزب الكرامة أن يدمج عضويا بين أفكار جوهرية عبرت عنها التجربة الناصرية بأصالة مثل التنمية المستقلة، والتوزيع العادل للثروة، ومقاومة العدو الصهيونى، وبين فكرة الديمقراطية التى تعنى فى فهمنا الإيمان الكامل بالتعدد وحق التنظيم والرأى والحركة الجماهيرية، ودمج الديمقراطية التى ينعى على ثورة يوليو بأنها لم تستطع أن تقيمها، فى صلب الفكرة التى يتبناها حزبنا، وهذا جديد، أضف إلى ذلك أننا فى برنامجنا التفصيلى، نتبنى مجموعة من المشاريع التى يمكن أن تقدم حلولا لمصر فى شتى المجالات، وهى مأخوذة من علماء مصريين علما بأن هؤلاء العلماء ليسوا أعضاء فى حزب الكرامة، وهذا تعبير عن نهج أقرب إلى «الحكمة ضالة المؤمن»، والفكرة الصحيحة التى تخدم الوطن هى ضالة كل حزب، أينما وجدها أخذها حتى لو كانت من غير المنتمين إلى صفوفه، أضف إلى ذلك أن حزبنا ينص فى لائحته على أن من يشغلون مستوياته القيادية لا يستمرون أكثر من دورة واحدة.

فى ظل هذا الطرح هناك من يتهمونكم بالسلفية الفكرية؟
إعطاء معنى السلفى أو التجديدى على فكرة، هو أمر يجب النظر إليه على أن كل الأفكار البشرية الكبرى ليست منبتة الصلة بأفكار كبرى سابقة، وليس معنى أن فكرة القومية العربية شهدت وهجها فى الخمسينيات والستينيات من القرن الماضى فقط، أن يكون الحديث عن الوحدة العربية الآن سلفيا، وأكاد أقول إن كل الأفكار تتحمل وصفها بالسلفية أو بالجمود، وفى نفس الوقت تكون قادرة على التجديد حسب ما يطرحه القائمون على هذه الأفكار فى كل لحظة، وبهذا المعيار سنجد بين الناصريين والإسلاميين والليبراليين واليساريين، من هو سلفى ومن هو تجديدى.

لو طبقنا هذا الكلام على عناوين رئيسية مثل الديمقراطية التى هى الثغرة الكبرى فى مشروع جمال عبدالناصر، ومسألة التأميم التى قفزت عليها التحولات السياسية والاقتصادية المطروحة حاليا، فماذا تقول؟
أنا شخصيا بالإضافة إلى رؤية حزب الكرامة وأعضائه، نؤمن تماما بأنه لا إمكانية لديمقراطية على غرار ما طبقه جمال عبدالناصر، ففكرة التنظيم الواحد انتهت لصالح الاختيار عبر الانتخابات الحرة النزيهة بدءا من الجمعية الزراعية فى القرى، واتحاد الطلاب فى الجامعة وصولا إلى مجلس الشعب ورئاسة الجمهورية.

والتأميم ماذا تقول عنه؟
كنت أزور المعتصمين فى شركة طنطا للكتان منذ أيام، وأى قرار جاد يبحث عن المصلحة العامة الآن لابد أن يؤمم هذه الشركة، ولو أنا فى السلطة بالتأكيد سأفعل ذلك، وأعيد الشركة من مستثمرها السعودى إلى القطاع العام، وأمكن عمالها من إدارتها وأضمن إنتاجية أفضل مما هى عليه الآن، وقس على ذلك كل شركة مثيلة.

معنى ذلك أنك مع استعادة كل الشركات التى بيعت؟
فى رأيى أن كل شركة بيعت فى سياق الخصخصة التى قادها الحزب الوطنى، لابد من إعادة النظر فيها، لأن رائحة الفساد تطل من بيعها، كما أنها تحتوى على إهدار للمال العام، وظلم اجتماعى وقع على العمال، وكونت مراكز ثروات لمن لا يستحقون، وهذا لا يعنى أننى ضد القطاع الخاص، فأنا معه ومع تقويته، ولكن هناك فرق بين هذا وبين الخصخصة التى نرفضها لأنها تقوم على أخذ ما بناه الشعب بعرقه، وبيعه برخص التراب إلى من لا يستحق، التأميم الذى نطلبه هو استعادة كل ما ارتكب من جرائم باسم الخصخصة، فليقل لى أى عاقل، لماذا أبيع شركة قها للصناعات الغذائية؟

نحن هنا أمام وجهة نظر مردود عليها بأنها سلفية تقفز على المتغيرات الدولية المطروحة؟
إذا كنت تريد أن تقول إنها سلفية تعود إلى مرحلة جمال عبدالناصر، فليكن، وأنا مع هذه السلفية، ولكن أنا هنا لا أطرح كلاما يستند إلى أيدلوجيا بقدر استناده إلى واقع، كان جمال عبدالناصر بالغ الذكاء فى إدراك الوقائع التى تجرى من حوله، هو أجاب على أسئلته فى عصره، ونحن مطلوب منا أن نجيب على أسئلتنا فى عصرنا، فإذا وجدت قطاع خاص يسد فراغا اقتصاديا ويوفر فرص عمل فلا يمكن أن أكون ضده، يا أخى انظر مثلا إلى بيع شركة المحالج، والتى يتبعها عدد من المحالج فى كل محافظات مصر، وفى محافظتى كفر الشيخ يوجد فرع اسمه «محلج محمد على»، تم إنشاؤه أيام محمد على وبهذا المعيار مبناه أثرى، وكل ما يسعى إليه المستثمر الذى اشتراه هو تقطيع الآلات لبيعها خردة، وطرد العمال، وبيع الأرض بالمتر ليحقق فى النهاية أرباحا أضعاف ما دفعه فى الشراء، نفس الأمر فى شركة الكتان التى تقع على مساحة 74 فدانا، وكان يعمل فيها 4 آلاف عمال تم تصفية ثلاثة آلاف منهم، ويستهدف المستثمر طردهم حتى يبيع فى النهاية الـ 74 فدانا، ليحقق بذلك أرباحا أضعاف أضعاف ما دفعه، هذا كلام لا توافق عليه رأسمالية عاقلة، ولا تقبله اشتراكية، وإنما هو نظام للفساد.

دعنى أتوقف معك هنا فيما تطرحه ويطرحه معارضون آخرون، ويقوم على أساس مصلحة الجماهير، لكن الشواهد تقول إن الجماهير منصرفة؟
الخلل الذى أدى إلى ذلك موزع، فهناك خلل أول وأهم مسئول عنه السلطة، جوهره أنها نقلت انحيازها إلى أقلية المصريين بدلا من غالبيتها، والخلل الثانى يأتى فى النخب المعارضة لأنها عجزت عن أن تتصل بكفاءة مع الشارع، لإقناعه بأن ما تطرحه هو فى مصلحته، وبالتالى نحن أمام سلطة فى رأيى أن الناس سحبت ثقتها فيها، وأمام معارضة ضعيفة لم يمنحها الناس الثقة التى سحبتها من السلطة، وبين المعارضة والسلطة يوجد شارع أقرب إلى التهيئة لكنه لم يدخل بعد مرحلة الفعل، الشارع نظلمه إذا قلنا إنه غائب، لأنه محروم من الطريق الطبيعى لكل شعوب الأرض فى الديمقراطية الحديثة، والمتمثل فى احترام صوته عبر صناديق الانتخابات، ومادام هذا غائبا فالبديل يكون الانفجار الذى لن يبقى على الحكومة والمعارضة، فكلاهما مدان بالضعف، ولأن الانفجار إذا تم فستكون كلفته الاقتصادية والسياسية باهظة فنحن نرفضه، ونطرح البديل فى خط المقاومة السلمية المدنية كالعصيان المدنى، وهذا خط أكثر من طبقه ودعا إليه هو حزب الكرامة، نحن ندعو إلى أنه لو انسد طريق التغيير الديمقراطى، فليكن هناك مواطنون أحرار، وليس ضباطا أحرارا كما فعل جمال عبدالناصر، الشعب أعطى إشارات كافية لغضبه، وحين يثور لن يبحث عن قيادات ينصبها عليه، ولن يقرأ برامج أحزاب، نحن نعيش مرحلة توازن الضعف فالسلطة ضعيفة والمعارضة أضعف، والشعب لم يدخل ساحة المعركة بجدية حتى الآن.

تنتقد السلطة والمعارضة معا.. فأين حمدين صباحى من هذا؟
ربما أكون من الضحايا.. أنا شاهدت أمام مجلس الشعب ضحايا البيوت المحروقة فى قلعة الكبش، شاهدت السيدات اللى هما ناسى كما تعرفنى أنت يلطمن الأسفلت ويصرخن، والناس الموجودة داخل المجلس بالنسبة لهن بهوات، ولو طلع أحمد عز وحمدين «يغزوهم»، فمثل هؤلاء ليس لديهم وقت لفرز من معهم ومن ضدهم، فلو أنا معهم ماذا قدمت لهم، وكلامى هذا ينسحب على كل المعارضة، لكن أنا أدعى أننى أقل سوءا، فعلى الأقل أنا ذهبت إلى عمال الكتان، وعمال المحلة يعرفوننى، وثورة العطش فى البرلس ناسى، ولدى علاقة وطيدة بحركات احتجاج الفلاحين ضد عودة الإقطاع، وتم اعتقالى من قبل بسبب هؤلاء، وهذا لا يعنى أن المعارضة تسير على الخط الصحيح، فليس لدينا فى مصر ما يعرف بالمثقف العضوى، ومعظم الوجوه المعارضة، ليس لهم دائرة اجتماعية انتخابية مربوطة بهم، والأزمة تكون بشعة حين نجد الناطقين باسم الناس غير مرتبطين بهم.

فى هذا السياق ما الذى أضافته لك عضوية البرلمان عبر دورتين، خاصة أن اسمك السياسى معروف قبل أن تكون نائبا؟
الفائدة الجوهرية التى عادت على من عضويتى فى البرلمان، هى التى تتعلق باختبار قدرتى على أن أكون المثقف العضوى الذى يرتبط بناس هم مرتبطون به أيضا، فأنا قبل البرلمان كانت تجربتى آتية من الحركة الطلابية التى تعد من الروافد الأساسية للحركة الوطنية المصرية، لكن همها الدائم هو التعبير العام كضمير عن الوطن، ولا تدخل فى الهم اليومى لحياة المصريين المرهقة، كان هذا من الممكن أن يجعلنى صوتا جيدا بين المثقفين، وكنت والجيل الذى معى أقرب إلى ذلك، لكن على رأى التعبير الذى قاله كمال أبوعيطة: «إحنا عايزين الناس تدوق طعمنا..لازم ننزل انتخابات مجلس الشعب»، ومنذ خوضى للمعركة لأول مرة عام 1995، استفدت كثيرا جدا خاصة فيما يتعلق بإدراكى لحدود ومشكلات وتفاصيل واقع عينة من الشعب المصرى، ولم يكن ممكنا معرفة ذلك دون الوجود مع الناس الذين انتخبونى من زاوية ماذا يحلمون وماذا يريدون وماهى حدود قدرتهم على التغيير؟، طبعا هذه التجربة محملة ككل تجربة لأى مثقف عضوى بإنهاك شديد فى التفاصيل اليومية، وهى التفاصيل التى تكون محل الاختبار الأكبر لمن يطرح نفسه على الناس، ربما تكون أخذت منى الوقت الذى كان يمكن أن أسخره لمهارات أخرى كمثقف، لكن أنا راض جدا على ما أنفقته من وقت وجهد علمونى وأكسبونى خبرة وسط الناس، كما أفادتنى هذه التجربة على الأقل فى أن أستطيع الرد على، إذا كنتم تريدون قياسى على أننى لى جمهور أم لا، بالقول أنا واحد من الناس الذين يستطيعون الادعاء فى مصر أن لهم جماهير مرتبطة به، كان من المستحيل أن أصل إلى البرلمان بدون جمهور، باعتبارى مرشحا ليس على هوى الدولة، ولا ترغب فى وجودى فى البرلمان، فالذين استشهدوا من أجلى فى معركتى 1995 و2005 والذين قاتلوا فى معاركى الثلاث هم أصحاب الفضل فى تحويلى من مثقف نخبة إلى مثقف عضوى مغروس وسط الناس يعرف لغتهم.

نحن هنا أمام معادلة تتطلب منك لتلبية مطالب جمهورك اليومية أن تتعامل مع سلطة ترفضها، فكيف تحقق صيغة التوازن التى لا يبدو منها أنك تتنازل عن خطك المعارض؟
لم يكن البرلمان هو جولتى الأولى فى التعامل المباشر مع أجهزة الدولة، كان عمرى 22 عاما وأنا رئيس اتحاد طلاب جامعة القاهرة، ونائب رئيس اتحاد طلاب الجمهورية، وبالتالى كنت أفاوض وزراء وأمن ورئيس جامعة من أجل حقوق الطلاب، كما أنى لست من المؤمنين بأن الخلاف الجوهرى مع النظام يستدعى قطيعته، ومنذ تسع سنوات وأنا فى مجلس الشعب أستهل تعليقى على بيان الحكومة بالقول: «يشرفنى أن أرفض بيان الحكومة»، ورغم ذلك حصلت على أعظم المكاسب لدائرتى، وأنا لدى سمة لا أعرف إن كانت ميزة أم لا، وهى أننى أفرق بين السياسة والقائمين عليها، ولا أنظر مثلا إلى أى وزير أتحاور معه بشأن أى مشكلة على أنه عدو، فأنا لا أجيد إهانة الآخرين الذين أختلف معهم، وهذا حفظ لى مساحة من الود مع الوزراء، أضف إلى ذلك أننى من النواب القليلين الذين يعتمدون على قوة جمهورهم كما حدث فى أزمة مياه الشرب، وهى أزمة تاريخية فى دائرتى، وحلها كان يتطلب إقامة محطة مياه جديدة لتنقية مياه الشرب، وحصلت على قرار من رئيس الوزراء بها وبدأ الوزير المختص فى التنفيذ، وأثناء ذلك وقعت مظاهرات العطش فى بلطيم، ولم يكن لى الفضل فى تحريكها، لكن أديت واجبى فى أن أناصرها تماما، وأقف معها وأدخل فى صدام مع محافظ كفر الشيخ السابق بسببها، ولما اكتشفت الدولة أنها تتعامل مع جمهور يضغط، اضطرت أن تنهى المشروع فى سنة بعد أن كان أمامه أربع سنوات، وفى هذه السنة زار أحمد المغربى بلطيم أربع مرات لاستعجال إنهاء المشروع.

هل هناك أمثلة أخرى؟
كثيرة، فأنا دخلت حوارا ضاريا مع الدكتور محمود محيى الدين وزير الاستثمار حول بيع مصنع بنجر السكر، وهو المصنع الوحيد فى دائرتى وأكبر مصنع فى المحافظة، قلت له لن يباع إلا على جثتى، فرد، خلاص لن نبيعه على الأقل حتى الانتخابات القادمة (2005)، وإذا نجحت فيها يبقى نشوف هنعمل إيه، ونجحت ولم يتم بيع المصنع، لكن أنا فى المقابل قدمت له رؤية حول صناعة السكر فى مصر، وكيف نقوى اعتمادنا الذاتى على إنتاج سكر محلى فى وقت تتقلب فيه أوضاع الأسواق العالمية، وساعدنى فيها خبراء فى صناعة السكر واللجنة النقابية فى المصنع، وجلساتى مع العمال، وقال لى محمود محيى الدين، فلنعقد جلسة فاصلة حضرها رئيس الشركة القابضة وآخرون وتم أمامهم وضع بيانات ليست بحوزتهم، والأهم من ذلك رؤية تتمثل فى الدفاع عن عمال لا يجب لأى سلطة عاقلة أن تشردهم، وحق البلد فى أن تصنع سكرها ولا تستورده، وانتهى كل ذلك بقول محيى الدين أن ما عرضته عليه مقنع ويبقى العرض على وزير المالية لأغراض تمويلية ووافق وزير المالية، فعل محيى الدين ذلك بالرغم من أنه يعرف رأيى فى أنه «مقاول هدد» فى سياساته باعتباره الوزير المسئول عن الخصخصة.

هذا يعنى أن هناك مساحة ممكنة فى الحوار مع السلطة؟
هذا صحيح.

فى هذا السياق من تراه الأكثر فى تركيبة السلطة يمكن أن تتحاور معه؟
هناك كثيرون، الدكتور زكريا عزمى رجل عاقل ويسمع، وتجربتى مع محمود أبوزيد وزير الرى السابق جيدة، ووزير الرى الحالى أيضا، وعبد السلام المحجوب رجل متميز جدا، ومحمود محيى الدين تجربتى معه لصالحه رغم أنه أكثر المسئولين الذين أعترض على سياستهم، ويوسف بطرس غالى من الناس الذين أحمل لهم تقديرا خاصا فى تجربته مع كمال أبو عيطة فى قضية الضرائب العقارية وهى فى صالحه، وعلاقتى مع أنس الفقى شخصية وإنسانية رائعة، ويبقى أن أقول إن كل هؤلاء يقرأون ويسمعون خلافى معهم واعتراضى على سياساتهم، وهذا لا يمنع أن أشهد لهم، لكن تبقى المشكلة أنها شهادات بالقطعة وفى مواقف جزئية، ولايجب تبسيطها بالوقوف عند حدود الإعجاب، فرؤية الصورة فى إجمالها تقود بالتأكيد إلى معارضة جذرية لسياسات النظام، وفى نفس الوقت لا مانع من الإشادة بما تعطيه من مكاسب جزئية.

أين فتحى سرور فى ذلك؟
محاور ممتاز وواسع الصدر ورحب جدا ومجامل، ومتميز فى إدارة البرلمان ويصعب تعويضه.

وصفوت الشريف؟
محاور من طراز رفيع، وأعتبره أكثر الأدمغة السياسية فى النظام، وسياسى حقيقى.

وكمال الشاذلى؟
أكثر من اصطدمت به، ومع ذلك علاقتى ودودة به على المستوى النفسى فهو رجل لديه حرفة التعامل مع المعارضين، قماشته متسعة فيها السياسى المحنك، وابن البلد ويعرف كيف يذكر فى المجلس جمال عبدالناصر عشان يدغدغ مشاعر ناس مثلنا.

وأحمد عز؟
نموذج بالغ الغطرسة هو فقير فى ملكاته السياسية، ونموه السياسى ليس أصيلا ويعتمد على علاقاته مع جمال مبارك، هو لا يدرك أن السياسة خدمة للناس، وإنما يراها منة يتفضل علينا بممارستها، هو فى الاقتصاد حديد والسياسة بالونة.

هل تعتزم الترشح لرئاسة الجمهورية؟
هذه مسألة معقدة، فطبقا لتعديلات الدستور، فى الواقع تم إغلاق باب الترشح للرئاسة أمامى وأمام غيرى، إلا من سيختارهم الحزب الوطنى من المعارضة للعب على مسرح العرائس، نحن نتكلم عن انتخابات محكومة بالتزوير مسبقا إذا جرت بالشروط الحالية، وهذا يستحق النضال ضده، أما فى الجانب السياسى فأقول إنه من العيب على مصر أن تكون أمام اختيار التوريث، وأرى أن أكبر إهانة ستلحق بأى مصرى أن يمضى سيناريو التوريث إلى منتهاه، وأنا من المعتقدين بأنه لن يمر، وفى هذا الإطار أنا مع طرح أسماء، ليس من أجل لعب دور الكومبارس لاغتصاب السلطة، ولكن من أجل تغيير شروط الترشيح ونزاهة الانتخابات، وفى هذا الإطار أنا مستعد من حيث المبدأ للترشح، ربما يكون هناك من هو أفضل منى وإذا طرح أحد نفسه منهم بالتأكيد سأكون وراءه.

هل ستخوض الانتخابات البرلمانية القادمة؟
انتخابات البرلمان المقبلة محكومة بالتزوير، ولذلك أدعو إلى مقاطعة واسعة لها، وأسعى إليها الآن، ولا أعرف لماذا يرفض الإخوان الفكرة.

هل تحدثت معهم؟
نعم ورأيهم أنهم سيخوضون رغم قولى لهم إن النظام سيأتى بمجلس شعب على مقاس تصوراته، والحقيقة أنهم أول المستهدفين وأقصى ما سيسمحون به لهم ثمانية نواب أو 18، بحسب الممانعة والاحتشاد الجماهيرى، وما لم تنظم مقاطعة واسعة مؤثرة سأخوض الانتخابات.

لمعلوماتك...
مواليد بلطيم.. كفرالشيخ عام 1954
نائب رئيس اتحاد طلاب الجمهورية ورئيس اتحاد طلاب جامعة القاهرة عام 1977، ومن هذا الموقع كان صاحب أشهر حوار مع الرئيس السادات بعد انتفاضة الخبز عام 1977
تعرض للاعتقال خمس مرات بسبب مواقفه المعارضة
نائب برلمانى منذ عام 2000 عن دائرة البرلس والحامول
عضو سابق بمجلس نقابة الصحفيين
وكيل مؤسسى حزب الكرامة «تحت التأسيس»





مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة