المسلسل المصرى هو إحدى دعائم الأمن القومى مثله كرغيف العيش وكرة القدم، خصوصا أنه الوسيلة التى تضمن وصول وجهة النظر المصرية إلى الشعوب العربية، ولا يستطيع أحد أن ينكر الدور الذى لعبته الدراما المصرية فى نشر اللهجة والثقافة المصرية وإكسابها شعبية على المستوى العربى.
ورغم تعالى الأصوات التى تؤكد أن هناك مخططات لسحب الريادة الفنية من مصر، فإنه كان يتطلب من وزير الإعلام مواجهة تلك الحرب بتطوير الإنتاج الدرامى المصرى على المستوى الفنى والتجارى والفكرى، خاصة أن الدولة تخصص لوزارة الإعلام مليارا ونصف المليار سنويا من ميزانياتها كما حصلت هذا العام على 800 مليون جنيه إضافية من احتياطى موازنة الدولة، وكان يتعين على الجهة التى تستهلك كل هذه الأموال من الدولة وأموال دافعى الضرائب أن تقدم منتجاً درامياً جيداً يحمل الترفيه والتنوير فى نفس الوقت وقادرا على المنافسة، وهو قطعا ما فشل فيه أنس الفقى وزير الإعلام والمسئول الأول عن مستوى الدراما الذى بات يتراجع من عام إلى آخر.
أنس الفقى لا يملك أى علاقات جيدة مع مسئولى القنوات الخليجية والعربية تجعله قادرا على اتخاذ مواقف إيجابية تجاه مقاطعة المسلسل المصرى هذا العام، واكتفى فقط بمجاملته العديد من الدول العربية من خلال مهرجان الإعلام العربى فى الدورة الماضية والتى ذهبت معظم جوائزها إلى المسلسل التونسى «صيد الريم» والمسلسل السورى «أيام الولدنه»، وظهرت سياسة الوزير أشبه بمن رقص على السلم، حيث فشل فى أن يكسب صناع الدراما العربية من ناحية كما خسر نجوم الدراما المصرية الذين هددوا بمقاطعة المهرجان هذا العام بسبب مجاملة العرب على حسابهم العام الماضى.
ورغم أن وزارة الإعلام لديها ثلاث شركات للإنتاج الدرامى هى مدينة الإنتاج وصوت القاهرة وقطاع الإنتاج لكنها كلها أثبتت فشلها فى تقديم منتج درامى جيد قادر على المنافسة، والمفارقة أن متوسط ما يتم إنفاقه على المسلسل الواحد يتراوح ما بين 17 و 20 مليون جنيه، لكن الـ 35 مسلسلا التى أنتجتها الشركات العام الحالى ومنها «وكالة عطية» لحسين فهمى و«أحلام نبيلة» لهالة صدقى و«الأشرار» لمجدى كامل و«نساء لا تعرف الندم» لنرمين الفقى و«وتر مشدود» لآثار الحكيم لم يتم تسويقها لأى قناة عربية ولا حتى التليفزيون المصرى الذى رفض عرض هذه المسلسلات فى رمضان كاعتراف منه بضعف مستوى هذه الأعمال فنيا.
وأرجع سيد حلمى، رئيس الشركة المصرية لمدينة الإنتاج الاعلامى، تراجع تسويق المسلسلات المصرية إلى غزارة الإنتاج بشكل عشوائى دون وجود تنظيم مناسب لإنتاج الدراما وينصح بتقنين الإنتاج.
وبدلا من العمل على رفع مستوى الأعمل الدرامية المنتجه لجأ الفقى إلى الإنتاج المشترك مع المنتجين العرب، والذى اعتبره طوق النجاة له مثلما حدث فى مسلسلى «هدوء نسبى» و«صدق وعده» وهما إنتاج مصرى سورى خليجى، كما أن الإنتاج المشترك مع القطاع الخاص لم يتم تسويقه سوى القليل من إنتاجه مثل «حرب الجواسيس» إنتاج كينج توت وقطاع الإنتاج و«أدهم الشرقاوى» إنتاج سينارجى وقطاع الإنتاج، حيث قالت راوية بياض، رئيس قطاع الإنتاج باتحاد الإذاعة والتليفزيون لـ«اليوم السابع» إن الإنتاج المشترك مع شركة سورية لم يكن بسبب تميزهم وإنما هى شركة كبيرة ومتميزة قدمت الظاهر بيبرس من قبل وليس أكثر من كونها شركة متميزة، وذلك فى إطار سياسة القطاع فى الإنتاج المشترك فى الشركات الكبيرة، ولو كانت هناك شركة مصرية قدمت عملا تاريخيا كنا تعاملنا معها بدليل مسلسل «ظل المحارب» الذى تم تصويره العام الماضى بشكل أقرب للتاريخى وكان إنتاجا مشتركا بين القطاع وعرب سكرين.
وتعد صوت القاهرة نموذجاً للعشوائية فى إدارة العملية الإنتاجية، فهى تقدم هذا العام 11 مسلسلا لن يعرض منها هذا العام سوى مسلسلين هما «البوابة الثانية» لنبيلة عبيد وهو إنتاج مشترك مع صفوت غطاس والثانى «جنة ونار» لتيسير فهمى من إنتاج أحمد أبوبكر ومسلسل «العمدة هانم»، أما باقى المسلسلات وهى »سنوات الحب والملح» لعزت العلايلى و«الوديعة والذئاب» و«ورق التوت» و«أيام الحب والشقاوة» و«فى مهب الريح» و«حضرة الضابط أخى» و«مشاعر فى البورصة» لم يتم تسويقها. ويبدو أن وزارة الإعلام تحولت عن الفكر الخدمى فى إنتاج الدراما إلى الفكر التجارى البحت الذى يعتمد على اسم النجم الذى يفرضه الإعلان، وهذا ما أكده الكاتب الكبير أسامة أنور عكاشة الذى يقدم مع قطاع الإنتاج هذا العام مسلسل «المصراوية» ويشير إلى أن وزارة الإعلام، التى تمثل الدولة، من ضمن واجباتها تقديم منتج درامى جيد يعتمد على الموضوع وتقديم القيم دون النظر للاعتبارات التجارية التى يفرضها الإعلان لا المسلسلات، خاصة أن الدراما تنتج من أموال الشعب أى من الضرائب.
لمعلوماتك...
◄27 مسلسلا اشتراها الفقى للعرض فى رمضان