سعيد الشحات

المسكوت عنه فى حديث استقالة عدلى حسين

الخميس، 20 أغسطس 2009 08:58 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
كيف يمكن أن نختزل عيوب وقصور السياسات العامة فى مسئول واحد يسعى جاهدا إلى علاجها، ثم يكتشف هذا المسئول أنه محمل بكل الأوزار، وعلى أثر ذلك يطالبه البعض بالاستقالة؟

أطرح هذا السؤال بمناسبة ما طالب به البعض من استقالة محافظ القليوبية المستشار عدلى حسين على خلفية قضية تيفود قرية البرادعة، والقضية فيها ما يكفى من فضائح لسياسات الحكومة من إهمال وقصور فى الخدمات، وفيها ما يكفى من دلالات على عقم قانون الإدارة المحلية الذى لا يعطى للأجهزة المحلية السلطات الكافية، ولا يعطى للمحافظ سلطة على تنفيذ المشروعات فى محافظته، والتى تقررها الوزارات ثم ترصد لها الميزانيات، وتسندها إلى الشركات بعد المناقصات، والخلاصة أننا أمام قانون إدارة محلية يقوم على المركزية الشديدة، يتحمل المسئولية الكاملة فى معظم الكوارث التى تلم بالمحافظات، ويتم العمل بهذا القانون البالى، رغم مطالبة المعارضة وأصوات حكومية عاقلة بسن قانون جديد، يقوم على اللامركزية، حتى يكون لدى المحافظات المرونة الكافية فى متابعة الإنشاءات على أرضها، والقضاء على التعقيدات البيروقراطية الخاصة بها.

وفى حدود علمى يوجد الآن مشروع قانون جديد جاهز للإدارة المحلية، أشرف على جانب منه الدكتور محمد عطية الفيومى رئيس المجلس المحلى لمحافظة القليوبية بتكليف من وزارة الإدارة المحلية، والواجب على الحكومة الآن أن تتعظ مما حدث فى البرادعة وتطرح هذا القانون الجديد على الأحزاب لمناقشته، ودفعه إلى مجلس الشعب فى دورته القادمة تمهيدا لإقراره، حتى لا نرى كوارث أخرى بسبب تأجيله.

لم يكن قانون الإدارة المحلية وحده المسئول عن كارثة تيفود البرادعة، وإنما مع تسليط الأضواء على الحدث، اكتشف الكل فجأة أنها قرية تنتمى إلى دائرة بلا نواب رغم أن الباقى من عمر مجلس الشعب عام تقريبا، وكعادتها قررت الحكومة إجراء الانتخابات على عجل، وفى ظرف أسبوع نعمت البرادعة وشقيقاتها من قرى الدائرة بوجود نائبين، لكن أحدا لم يسأل وزير الداخلية لماذا حرم الدائرة أربع سنوات كاملة من وجودها على الخريطة البرلمانية؟ مما رتب أضرارا سياسية وشعبية كانت يمكن أن توفر الكثير من المشاكل، ولم يسأله أحد: إذا كنت قادرا على إجراء الانتخابات فى أسبوع واحد، فلماذا لم تفعلها من قبل؟
الخلفية السابقة تقودنا إلى قراءة متأنية لتيفود البرادعة وتوابعه، تتمثل فى أن المسئولية عنه عامة، وأسهل طرق التعامل معه أن نحمل عدلى حسين وحده مسئوليته، كما نحملها للأجهزة المحلية فى المحافظة بلغة تدغدغ المشاعر دون النفاذ إلى أسبابها الحقيقية، والتى لا تخص محافظة بعينها وإنما كل محافظات مصر، وأقول ذلك من موقع رؤيتى المعارضة للحكومة، وأعلم أن بعضا من الاتهامات ستكون من نصيبى، لأننى معجب بعدلى حسين كمحافظ لمحافظة هى مسقط رأسى، ومحل إقامتى، ويؤدى عمله كإنسان أولا، وأراه محافظا رائعا فى حكومة ليست رائعة.

وبفرض إقالة الرجل أو استقالته على خلفية «التيفود وتوابعه»، هل سيعم القليوبية نعيم ورخاء؟ هل ستفتح الحكومة خزينتها لتضخ على المحافظة ميزانيات وخدمات تحجبها؟ وهل سيتم رصف الطرق وقطع أيادى اللصوص؟ وهل سيتم حل مشاكل مياه الشرب التى لا تعانى منها قرى القليوبية وحدها، وإنما معظم قرى مصر التى تحلم بكوب مياه نظيف؟ وتكتمل أسئلتى بسؤال يستوجب التفكير ولفت الانتباه، وهو: لماذا لم تتم المطالبة باستقالة محافظين آخرين ظهر التيفود فى محافظاتهم؟

الأسهل على الإطلاق أن نطالب باستقالة مسئول، ونحشد جمهورا لذلك، ولا نقوم برد الشىء إلى أصله، وأصل القضية لا يتحملها مسئول واحد هو المحافظ عدلى حسين، وإنما سياسات عامة للحكومة تقودنا إلى تيفود ليس فى الجسد وحسب وإنما فى كل شىء.









مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة