على درويش

الأخوة

الخميس، 20 أغسطس 2009 08:43 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
إن نظرة واحدة إلى التعاملات فى الشارع المصرى كفيلة بخلق نوع فريد من الجزع والفزع فى الصدر والدماغ. هذه ليست جملة بلاغية أو إنشائية بل هى تقرير واقع مرير مثير للحزن.

هذا المشهد يتكرر كل دقيقة فى الشارع: رجل أو امرأة شاب أو شابة كهل أو عجوز يلوح لتاكسى فيقف التاكسى فيخبره الزبون بالمكان الذى يقصده وقبل أن يركب الزبون يسأله السائق عن التعريفة فيخبره بما يظن أنه تعريفة مناسبة ولكن السائق يقول إن هذا مبلغ غير مناسب ويطلب ثلاثة أضعاف المبلغ الذى قال به الزبون. وإذا حاول الزبون مناقشته تحرك بعيدا عنه ليقف الزبون حائرا لا يدرى ماذا يفعل. ومن المناظر العادية فى شارع الأزهر سير عشرات من عربات التاكسى بدون زبائن لأن الأماكن التى يريدها الزبائن لا توافق السائق أو التعريفة غير مناسبة أو أن السائق لا يريد سوى الزبون الأجنبى الذى سيقوم بسحله ماديا. قال رجل لسائق يريد أن يذهب إلى الزيتون من الأزهر أن التعريفة التى يطلبها السائق هى نفس التعريفة التى يدفعها ليذهب إلى الإسكندرية. فقال السائق إذن عد إلى منزلك سيرا على الأقدام. هذا هو السلوك العادى اليومى وهناك تفاصيل أخرى.

السؤال الذى ينفجر فى رأسى هو من الذى يحدد تسعيرة التاكسى إن التسعيره سواء للتاكسى الذى يسير بالعداد أو غيره هى تسعيرة مزاجية. فى كل الأحوال فهى تفوق قدرة المستهلك.

فى السؤال الهام هو من الذى يسعر أى شىء فى البلد باستثناء رغيف العيش الضعيف الفقير. لو استيقظ جزار فى يوم وقرر أن يجعل كيلو اللحم بمائة جنيه هل يستطيع أحد أن يمنعه؟ لا أحد. وألف لا.

إن صاحب العمارة الذى يقرر أن يبيع الشقة بعدة مئات من الألوف من الجنيهات رغم أن التكلفة الفعلية للشقة لا تصل إلى ربع هذا المبلغ. هل يستطيع أحد أن يراجعه. لا أحد. وينطبق هذا على الفكهانى. النماذج كثيرة ومتنوعة وتصيب الرجل الفقير والطبقة المتوسطة فى مقتل وتضاعف آلامهم ومعاناتهم.

إن الوطن يقوم على الأخوة وعلى المواطنة فإن ألقى الواحد الأخوة فى البحر أو فى القمامة لكى يحصل على المزيد من الأموال والمزيد من المتعة فهذه بداية الفوضى والضغائن والسلب والنهب لأن القانون الذى يسود الآن هو «أنا ومن بعدى الطوفان». لقد طلبت من جندى أن يصلح وضعا خاطئا فقال لى «تحمينى». صعقنى الرد. هذا الجندى هو الذى يجب أن يقوم بحمايتى ولكنه يشعر بأنه بدون سلطة وبدون أى نوع من أنواع القوة إنه يريد الحماية, فى هذه اللحظات يدور فى ذهنى الجمال المحمدى عندما قال صلى الله عليه وسلم: «لا يؤمن أحدكم إذا نام شبعان وجاره جائع». لكن الآن إنهم يشبعون ويتركون جيرانهم جوعى. آه يا قلبى وخوفى من الفوضى.






مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة