فأر يطلُ من النافذة ويرجع، برص يلتهم ناموسة. قمر يختفى خلف ندف السحاب ويمضى ثم يعود ليختفى، ليل تمطى على مهل وقفز فوق روحى هازئا منى، كان كل شىء يسير ببطء رتيب.. عقل خاو إلا من ضجيج بلا معنى، عنكبوت مشغول ينسج خيوطا فى سقف الحجرة العفن ، وكتب تلتهم الكلام غير أنها مكومة فى ركن، بلا أى احتفاء سوى الصمت الغريب وعلامات لا حصر لها بين السطور تبصق فى وجهى وتلعننى ووصمات عار تنتقم لها بينى وبين الطبيعة.. تذكرت أشياء غريبة.
على أنى سوف أتزوج السمكة، لابد أن أتزوج سمكة. تقلبت على الجانب الآخر وشددت اللحاف بين فخذى كانت معدتى خاوية إلا من زغورة ورجفة فى الحشا وامرأة ناهضة فى جفونى لم تزل.
قالت لى: إن السماء هى التى تفرش الأرض، والشمس والقمر مصابيح العالم الوحيدة وأنها رغم كل شىء تُحبنى، قال لى المدير إنى لا أحترم أحدا ويجب، خاصة المواعيد التى لم أحضر فيها وكثرة الغياب والخروج بدون إذن. حاولت بفشل مُسبق أن أعتذر له، لم يكن من الممكن العودة لحالة الاعتذارات الكثيرة بلا جدوى.
خاصة عن نسيان المواعيد والأصدقاء، لم يكن منفعلا، بدا هادئا أو أنه سيقول فى النهاية شىء هام أو نصيحة غالية، اعتدلت وجلست فوق السرير، أمسكت ورقة وفى آخر السطر بدأت أتردد ولكنى اكتفيت بهذه النهاية .. مما يستدعى تقديم استقالتى نظرا للظروف المشار إليها بعالية وتقبلوا وافر ....
فأر أطل من النافذة ووقف مبحلقا، ليل تمطى على مهل كقطة وانثنى، برص التهم الناموسة وحدج فى. عنكبوت فى وسط دائرة الخيوط يتنمر ، وينظر إلى
كتب ترفع ذيلها ككلب وتعوى. عواء متواصلا ..
انسحبت تحت البطانية الصوف، أسندت يدى تحت رأسى المتسخ بأفكار قديمة وبالية، وأحلام شبه خرافية، تركت نصف النوم يتسلل عبر تعليلات اليقظة غير المرتبة، قررت أشياء وأبعدت أشياء.
ولكنى سوف أتزوج السمكة تركت نصف النوم ونصف الليل وربع اليوم الثانى يمضى وأسندت كفى تحت رأسى المتشنج وأنا أملى إليه بالبيانات، وكان الليل وصفا رائعا لامرأة، تكرمشت فى بعضى .... ومضى الليل
