الآن فقط ظهرت الحقيقة التى أراد البعض إخفائها.. حقيقة أن الدولة المصرية بأجهزتها قادرة على حماية أبنائها بالخارج، فقد وضعت عملية تحرير مركبى الصيد المصريتين "أحمد سمارة وممتاز 1" من بين أيدى قراصنة صوماليين سبق أن اختطفوهما قبل أربعة أشهر من أمام السواحل الصومالية، حداً للاتهامات التى طالت الأجهزة المصرية والتى تركزت على اتهامها بالإهمال فى حق 34 صياداً مصرياً وقعوا فريسة لقراصنة بدءوا فى فرض سيطرتهم على سواحل الصومال الممتدة على البحر الأحمر.
هذه الاتهامات لم تهدأ حتى بعد عملية التحرير، فقد تسابق الجميع إلى إظهار أن الأجهزة المصرية لم يكن لها دور فى هذه العملية التى تحولت خلال الأيام الماضية الى "حدوتة مصرية " تناقلتها الصحف ووكالات الأنباء العالمية التى قالت إن الصياديين المصريين لقنوا قراصنة الصومال درساً لن ينسوه، ولكن للأسف الشديد فى الوقت الذى احتفى فيه العالم بهذه العملية التى قهرت القراصنة، إلا أننا سرنا فى اتجاه آخر، وهو البحث عن تخاذل وتهاون أجهزة الدولة فى هذه العملية، حتى إن عدداً من مانشيتات الصحافة المصرية نسيت الموضوع الأساسى، وركز على أن وزارة الخارجية على سبيل المثال لم يكن لها دور فى عملية تحرير الصيادين، إلى أن خرج علينا جميعاً حسن خليل صاحب المركب "ممتاز 1" والذى وصل إلى القاهرة ظهر أمس الثلاثاء بعد غياب استمر 39 يوماً قضاها فى عملية التموية التى وضعتها جهة سيادية مصرية وبالتنسيق مع وزارة الخارجية كما قال خليل، لكشف الحقيقة عن الدور قامت به الدولة المصرية، وهو الدور الذى يأبى البعض أن يكون له وجود.
خليل عندما قال إن أجهزة الأمن المصرية لم تتركه لحظة واحدة أثناء وجوده فى الصومال، وكانت أعينهم تراقب جميع تحركاته، وأن عملية التحرير تمت بتوجيهات من الرئيس مبارك وبمعاونة أجهزة سيادية أخرى منها وزارة الخارجية، لم يكن كاذباً، فمن يعرف طبيعة عمل هذه الأجهزة التى لا يحب رجالها الحديث عن أنفسهم، يعلم أن تحركاتها دائماً تكون بعيدة عن الرصد خاصة الإعلامى، ولا مانع لديها فى تقبل الهجوم المتكرر عليها من جانب الكثيرين بتهم عديدة، لكنها فى المقابل تسير فى تنفيذ خطتها المحكمة إلى أن تصل لمرادها، والمراد هنا قبل تحرير الصيادين المصريين، هو تلقين القراصنة درساً لن ينسوه بالفعل، فكرامة مصر ليست مستباحة، ولن تكون خاضعة أبداً للتفاوض مع مجموعة من القراصنة استغلوا تفكك الدولة الصومالية، وتشتت أجهزتها لفرض سطوتهم على البر والبحر فى منطقة هى الأكثر استراتيجية على امتداد البحر الأحمر باعتبارها ممراً ملاحياً هاماً.
ما قام به رجال مصر يجدد الحديث مرة أخرى عن أهمية وضع استراتيجية دولية للتعامل مع ظاهرة القرصنة الخطيرة التى تحولت إلى مصدر رزق وحياة للقائمين بها، والاستراتيجية الدولية التى أقصدها هنا ليس بإرسال قواعد عسكرية ومدمرات عسكرية إلى منطقة خليج عدن وأمام سواحل الصومال، لأن هذه المدمرات رغم وجودها منذ أكثر من عام لم تنه الظاهرة، بل إنها مع مرور الوقت تحولت إلى حمل ثقيل على دول المنطقة وعلى حركة التجارة الدولية، فهذه القوات من الممكن مع مرور الوقت أن تطلب تفتيش السفن المارة بخليج عدن بزعم البحث عن قراصنة، وهو ما سيؤثر على حركة الملاحة.
الاستراتيجية التى أعنيها هنا سبق وأن أكدتها مصر عندما زارها شيخ شريف شيخ أحمد قبل عدة أشهر، وهى متمثلة فى دعم التنمية بالصومال، والحديث بشكل وطنى مع القبائل والعشائر الصومالية عن مستقبل البلد العربى الشقيق المرتبط تاريخياً وعاطفياً بمصر، والاهتمام بدعم الحكومة الصومالية سياسياً وعسكرياً وشرطياً بما يمكنها من السيطرة على أراضى الدولة الصومالية المترامية، والضغط على دول الجوار، لكى تخفف من تدخلاتها القاتلة فى الصومال. عندئذ نضمن أن يعود الصومال إلى الحظيرة العربية كدولة قوية لها دورها ومكانتها القوية.
موضوعات متعلقة..
صاحب مركب "ممتاز 1" : تنكرت فى زى امرأة واستخدمت المخدرات لتحرير الصيادين من قبضة القراصنة الصوماليين
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة