لا بد أن يُضيفَ الأدبُ إلى أهلهِ شيئاً قد يكون مفيدًا أو ضارًا، وعبر سنوات من الكتابة يكون لدينا منجزٌ ضخم من الأدبِ الموجه للطفل، فالأدب وعاء يحوى بداخله كل أشكال الممارسات الفكرية، فهل ما يُكتب للطفل هو إبداعٌ أم وصايا؟ وهل هناك تربية إبداعية؟ وهل تخلو التربية من أفكار التطرف؟ وهل ننتظر من الطفل أن يكتب أو يعبر عن أهم مرحلة فى حياته؟
أسئلةٌ توجهنا بها إلى الدكتور "محمود الضبع" أستاذ النقد الأدبى ومؤلف كتاب "أدب الأطفال بين التراث والمعلوماتية" والذى قال: بدأت الكتابة الأدبية للطفل تتشكل مع عصور النهضة وما تلاها، وكانت البدايات بتبسيط كتب الكبار فى لغة تتناسب وإفهام الصغار، ثم تطور الأمر فبدأ يتشكل فرع أدبى قائم بذاته خاص بالطفل، منه مثلاً ما حدث فى تراثنا الشعرى العربى مع محمد عثمان جلال، والسنهوتى، ثم الريادة على يد أحمد شوقى، ومن بعده محمد الهراوى، وفى النثر وبخاصة القصصى مع الرائد كامل كيلانى بدايًة بقصة السندباد البحرى عام 1927م، ثم عبد التواب يوسف ويعقوب الشارونى، واستمرت المسيرة مع الأجيال المعاصرة. وأضاف أن الطفل قابل لأن يكتسب أية مفاهيم من خلال وسيط الأدب، وأننا لو أدركنا هذا الدور للأدب فما علينا سوى عرضه أمام الأطفال بوسائله المتعددة ، مكتوبًا، ومسموعًا، ومرئيًا، وأكد فى حديثه علينا بأن نتيح الفرصة لأطفالنا لإطلاق عنانهم، حيث يسمح لهم ذلك باكتساب مهارات حياتية عديدة منها مثلا القدرة على التخيل، واختيار الموضوعات التى تنمى المفاهيم والقيم والاتجاهات والعادات والتقاليد والمفاهيم العلمية، وغيرها من موضوعات التربية التى تنمى الطفل وتعطيه القدرة على الإبداع لمن لديه موهبة الإبداع، لأنها نعمة من الله، كما أكد على دور الرقابة سواء عبر أجهزة الإعلام أم من خلال الأبوين، أم المؤسسة التعليمية، بمعنى مراقبة ما يقرأهُ أو يشاهده الأطفال، والتأكد من أنه لا يدعو إلى ممارسات من العنف والتطرف.
وأشارت الكاتبة والناقدة "أميمة منير جادو" الخبير التربوى بالمركز القومى للبحوث التربوية، إلى وجود ما يسمى بالتربية الإبداعية مجازًا، وهو المناخ الذى يوفره الآباء للأطفال، ومؤكدةً على أن أدب الطفل هو أدب تربوى، يكتبهُ الكبار للصغار، يحمل فى طياتهِ القيم الأخلاقية السلوكية، وأشارت إلى تأثير ثقافة الوالدين على تربية الطفل، وخاصة الأميين، وأكدت على الدور الإعلامى الهام فى الترشيد الأخلاقى والتهذيبى، وهذا ما فعلهُ الفنان "محمد صبحى" فلقد أخذ على عاتقهِ تقديم التوجيه الأسرى بدرجة تربوية هادفة، وأوضحت أن هناك أزمة حقيقة هى أن الطفل يقرأ كل منتج الثقافة العالمية على الإنترنت من توجهات، فالمشكلة أن توجهات التكنولوجية هى جهاز إعلامى يسيطر عليه الغرب، فهو لا يقرأ ما يكتب إليه خصيصًى، ولكنه يقرأ عبر الإنترنت بكل التوجهات، فلقد أصبح الإنترنت هو الأب الثالث للطفل والذى يلعب دورًا فيه من الخطورة أكثر بكثير من توقعات الآباء، وهو ما يحمل فى طياتهِ أفكارًا تطرفية، ومن هنا يأتى دور الإعلام فى الترشيد الأسرى.
وأكدت الدكتورة "حنان محمد إسماعيل" أستاذة الإعلام التربوى- كلية التربية النوعية- جامعة القاهرة قائلة: علينا أن نراقب الطفل ونعرف ما المجالات التى ينجذب إليها باختلافها سواء أكانت الرسم أو الألعاب المكعبة وغيرها، ونخاطب الطفل فى المرحلة الأولى عن طريق الأب والأم، بالبرامج الإعلامية الترشيدية، والتى تخاطب مختلف الثقافات الأسرية، لأن ثقافة الوالدين تؤثر بالضرورة على نشأة الطفل، وفى بعض الأحيان تحتوى تلك الثقافات على أفكارٍ تطرفية وأن يتعاون علماء النفس فى تقديم البرامج الإعلامية للأطفال، والتى يجب أن تكون مناسبة لكل مرحلة عمرية.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة