بصراحة، وبدون لف ودوران، بدأت أشعر بأن بعض الكتاب فى داخل مصر وفى المهجر وكأن لابسهم عفريت الإخوان، ما من مصيبة تحدث إلا والإخوان وراءها، حتى كدت أشك فى أن حوادث القطارات وانهيار صخرة الدويقة وحريق مجلس الشورى وانتشار التيفويد فى البرادعة (قليوبية) وانهيار البورصة والاختناق السياسى فى مصر والعالم العربى سببه الإخوان المسلمين!!!
"مش معقولة كده" يا جماعة المثقفين، هل هذا معقول!!!
هل الإخوان هم السبب فى تخلف مصر وتراجعها على عدة مستويات، وبشهادة عدة منظمات حتى إنها أدرجت على قائمة الدول الفاشلة ومن قبل ذلك على قائمة الدول (عديمة الشفافية).
هل الإخوان هم السبب فى أزمة مياه النيل وفشل مصر فى تأمين مصالحها فى أفريقيا؟
هل الإخوان هم السبب فى بقاء الحزب الحاكم فى السلطة كل هذه المدة وبدون منافس؟
هل الإخوان هم السبب فى تخلف دور الأحزاب (العشرين) وسيطرة العواجيز فيها على مقاليد تلك الأحزاب حتى باتت أقرب للأحزاب العائلية؟
هل للإخوان وزراء فى الحكومة يسيطرون على الوزارات المهمة مثل التعليم والأوقاف أو الداخلية والخارجية؟
هل الإخوان المسلمون هم السبب فى تمرير هذا الكم من القوانين والتشريعات المقيدة للحرية والمؤهلة للتوريث؟
هل الإخوان هم الذين يضطهدون الأقباط كما يرى إخواننا الأقباط فى المهجر؟
طيب بأمارة إيه؟ هل هم من يصدر القوانين؟ وسن التشريعات؟
الإخوان- أيها السادة- فى السجون، ومنذ وعت عينى على الدنيا وحتى تاريخه لا يمر يوم إلا ونسمع عن اعتقالات ومحاكمات لهم؟
فهل الإخوان وهم فى السجون وهم تحت الحصار السياسى والأمنى هم السبب فى كل أزمات مصر؟
وهل لو تم نفى الإخوان ومحبيهم ومقربيهم أو حرقهم (بالغاز الذى نصدره لإسرائيل) ومعهم من يطالب بإعطائهم حقوقهم السياسية، هل لو فعلنا كل هذا سنصلح حال مصر؟
لو كان فى ذلك الحل فأنا أول المنادين بذلك، ولكن القضية أكبر من ذلك وأبعد بكثير من أن تكون كذلك؟
تختلف أو تتفق مع الإخوان المسلمين؛ لكنك فى النهاية أمام فصيل مصرى له توجهاته وأفكاره التى ينادى بها ليل نهار والتى يعرفها القاصى والدانى، وفصيل يبحث عن ممارسة دور سياسى مثله مثل أى تجمع أو تكتل، يسرى عليه ما يسرى على الآخرين دون ميزة تفاضلية له أو عليه، فلماذا لا نمنحهم الفرصة للمشاركة وفق قواعد للعمل السياسى لا تجعل منهم شبحا مخيفا يخيفنا به من يحكمنا منذ عقود، ويخيف العالم من حولنا كلما نادى منادى التغيير والإصلاح.
لو كان نواب الإخوان المصريون مسيحيين أو يهودا أو من أى طائفة، وتعرضوا لما يتعرض له الإخوان لكانت المحاكم الدولية نصبت للنظام، ويكفى أن نعلم أن بعض إخوتنا الأقباط يعدون العدة للتظاهر ضد الرئيس أثناء زيارته لأمريكا رغم أنهم لا يعانون نصف ما يعانى منه الإخوان! أليس كذلك؟!
ترى ماذا لو تظاهر الإخوان فى أمريكا ولندن وباريس؟ أو حملوا ملفاتهم إلى المنظمات الدولية؟ ماذا سيقول الناس عنهم؟.. خونة.. أليس كذلك؟
آخر السطر
وهل الإخوان بلا خطايا؟ أم أنهم فوق البشر؟ كلا وألف كلا، ولكن العدل والإنصاف يتطلب ألا نرجم أصحاب الخطايا؛ بل نعفو ونغفر ونعاقب بالعدل والقانون وليس حسب المزاج!