محمد على خير

إحالة الحكومة إلى القضاء

الإثنين، 17 أغسطس 2009 03:13 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لو كنت رئيسا للجمهورية لأمرت فورا بإحالة كل أعضاء حكومة نظيف وكل الحكومات السابقة إلى القضاء بتهمة الخيانة العظمى.. وهل هناك خيانة عظمى أكبر من تسميم الشعب المصرى بغذاء فاسد روته مياه المجارى.. ولو كنت رئيسا للجمهورية لطلبت من النائب العام توجيه نفس الاتهام إلى كل من تثبت فى حقه المشاركة فى تلك الجريمة الشنعاء.. وإلى كل من عرف بتلك الجريمة ولم يبلغ عنها.

(1) لا أبالغ فى رد الفعل تجاه ما تنشره الصحف حول تلك الجريمة النكراء.. فنحن أمام جريمة منظمة يشيب لها ولدان الشياطين أنفسهم.. جريمة أكبر من كل الجرائم التى تم ارتكابها فى حق المصريين.. خاصة وقد تمت على أيادى من هم الأحق برعايتنا والحفاظ على أرواحنا وصحتنا.. أعنى أعضاء دولاب العمل اليومى الحكومى.. الذين خانوا الأمانة بعد أن سولت لهم أنفسهم ارتكابها فى حقنا دون وازع من ضمير.
ما حدث فى حق الشعب المصرى لا يقل بحال عما ارتكبته إسرائيل فى حق المصريين عام 67.. وإذا كان ما فعلته إسرائيل له ما يبرره بحكم العداء التاريخى معها.. فما هو العذر والتبرير الذى يمكن أن تنطق به حكوماتنا بعد تسميم كل أفراد الشعب؟!

التقارير التى تنشرها الصحف بشكل يومى مفزعة.. فلم تنج سوق واحدة من أسواق الجملة الكبرى بالقاهرة أو بالمحافظات من توزيع منتجات زراعية من الخضروات والفاكهة دون أن تكون مروية بمياه الصرف الصحى.. فحدث ولا حرج عن أسواق أكتوبر والعبور والعاشر من رمضان.. وكلها أسواق مركزية تغطى احتياجات سكان القاهرة الكبرى التى يزيد عدد سكانها عن 20مليون نسمة.

الأخطر أن الجهاز المركزى للمحاسبات أرسل تقاريره السرية أكثر من مرة للحكومة الحالية وكل الحكومات السابقة؛ لكن لم يهتم مسئول واحد بخطورة ما تحمله سطور تلك التقارير التى لم تقتصر على خطورة ما نأكله فقط؛ بل امتدت المخاطر إلى ثروة مصر الحيوانية التى تأكل البرسيم المزروع بمياه المجارى أيضا؛ ومن ثم أصبح ما تنتجه تلك المواشى من ألبان مسمما أيضا، ولك أن تتخيل حجم الصناعات الغذائية التى تعتمد كلية فى صناعتها على الألبان، إضافة إلى كميات الألبان التى يتناولها أطفالنا يوميا.

(2) هل يمكن أن نلوم فلاحا قام برى أرضه الزراعية بمياه الصرف الصحى؟.. هذا السؤال جال بخاطرى أثناء متابعة تلك القضية الخطيرة؛ لكن قبل التسرع فى الإجابة؛ علينا أن نسأل: هل وفرت الحكومة مصادر طبيعية لرى الأرض الزراعية بمياه صالحة؟.. الإجابة: لا توجد مياه نظيفة لرى أراضينا الزراعية بل هناك عشرات الآلاف من الأرض الزراعية لا تجد أو لم تصلها مياه الرى.. إذن ما الذى ننتظره من أصحاب تلك الأرض من الفلاحين.. الطبيعى أن يبحثوا عن أى مياه حتى لو كانت من الصرف الصحى، ولا نملك لوما أو تثريبا عليهم.
بعد أن تنتهى من هذه المحاورة بينك وبين نفسك.. سؤال ويعقبه جواب.. ستجد نفسك وقد انتهيت إلى السؤال اللغز وهو:عملية الرى بمياه المجارى لا يمكن أن تتم بشكل سرى؛ لأن الأراضى الزراعية المحرومة من مياه الرى الصالحة معروفة للمحافظين ووحدات الحكم المحلى؛ بل ولوزارات الرى والزراعة والإسكان أيضا.. فلماذا لم يسألوا أنفسهم من أين جاء هؤلاء الفلاحون بالمياه؟.. ثم كيف تحركت سيارات النقل الثقيل وهى محملة بآلاف الأطنان من المنتجات الزراعية إلى الأسواق الكبرى دون أن يهتز مسئول واحد فى هذا البلد ليعرف كيف ومتى وأين جرت تلك الجريمة والتى تحدث منذ سنوات طويلة؟..ثم أين كانت فرق الأمن السرية والعلنية التى تعرف دبة النملة والتى ترفع تقاريرها إلى رئيس الدولة عما يحدث.. أم أن (التنظيمات الزراعية) ليس لها فرع أمنى مسئول عنها؟
هل أفزعك مثلى حالة اللا مبالاة والصمت المخزى من كافة قيادات الدولة على كافة مستوياتها تجاه ما تنشره الصحف حول كارثة الرى بمياه الصرف الصحى.. وقد ظننت- بعض الظن خيبة- أن القيامة ستقوم فى هذه البلد، وأنه لن يبيت مسئول ليلته فى فراشه الوثير قبل أن يمثل أمام القضاء بعد تحويل جميع المسئولين الذين شاركوا فى هذه الجريمة إلى المحاكمة العاجلة.

(3) ليس للحكومة الحالية- والحكومات السابقة- أية أعذار بعد أن وصلتهم تقارير من جهات رسمية تفيد بالحصر مدى انتشار استخدام مياه المجارى فى أعمال الرى على مستوى الجمهورية؛ حتى امتلأت الأسواق الكبرى فى القاهرة الكبرى بكافة المنتجات السامة من الغذاء، ولم نعد نعرف ما الذى يمكن أن نأكله أو نشربه أو نتنفسه بعد أن أفسدوا علينا الماء والهواء والطعام.
لا أميل عادة إلى إطلاق الاتهامات المرسلة؛ لكن كل من يطالع صفحات الصحف سواء كانت مستقلة أو قومية أو معارضة سيجد تحقيقات موثقة بالصور والأرقام عن تلك الجريمة، وحتى نعرف حجم خطورتها بالأرقام فإن أكثر من نصف مليون فدان تم ريها بمياه المجارى طوال سنوات عديدة مضت.

على الناحية الأخرى.. لم أجد تفسيرا واضحا لحالة الاستنفار الكبير الذى قامت به الحكومة تجاه فيروس أنفلونزا الخنازير، وما تبعه من قرارات كان آخرها ما صدر الأربعاء الماضى بإيقاف رحلات العمرة؛ خوفا على صحة المواطنين من انتقال الفيروس إليهم فى الأراضى المقدسة، وما سبق ذلك من قرارات حكومية حول إلغاء الموالد الشعبية لهذا العام.
وعندما تطالع تلك الهمة الحكومية تجاه مرض أنفلونزا الخنازير؛ فإن الحيرة ستصيبك عندما تجد التراخى وعدم المبالاة والإهمال هو رد فعل الحكومة تجاه الرى بمياه المجارى، وإذا كان فيروس أنفلونزا الخنازير- رغم خطورته- مرضا محتملا؛ لكن إطعام المواطنين بمياه المجارى هو المرض الواقعى فعلا.. أضف إلى ذلك ما حدث فى قرى الدقهلية والقليوبية من تداخل واختلاط بين مياه الشرب ومياه الصرف الصحى وانتشار أمراض التيفويد بين المواطنين.. حتى أن المنظمة الدولية لحقوق الإنسان جعلت مدينة قها بمحافظة القليوبية الأولى عالميا فى عدد الوفيات الناتجة عن أمراض الفشل الكلوى والكبد؛ نتيجة اختلاط مياه الشرب بمياه الصرف الصحى.

(4) لا يمكن بحال من الأحوال التماس أى أعذار للحكومة الحالية وسابقاتها، وتحججها بوجود عجز فى الإمكانيات قد حال بينها وإقامة مشروعات الترع والمصارف، وتوصيل مياه الشرب النظيفة للمواطنين ومياه الرى النظيفة أيضا للزراعات، خاصة وأن تصرفات حكومية حالية- وسابقة- قد شابها الكثير من الإسراف والبذخ بل والفشخرة أيضا؛ فعندما تنفق الأموال المخصصة لتلك المشروعات على تجديد مكاتب المحافظين والوزراء وعلى شراء أفخم السيارات فلا بد من حساب عسير لكل هؤلاء دون استثناء، وبدلا من خداع المواطنين بمشروعات وهمية تستنزف المال العام مثل مشروعات توشكى وفوسفات أبو طرطور وما تكبدته من أموال بالمليارات دون عائد؛ كان يجب توجيه هذا الإنفاق لإقامة شبكات الرى والشرب.

أين نواب الشعب فى البرلمان وفى المجالس الشعبية المحلية من تلك الجريمة النكراء التى ترتكب فى حق شعب مصر؟.. ولماذا لم نسمع لهم صوتا رغم زعيقهم وحنجوريتهم ورطرطتهم فى الفضائيات للحديث فى كل ما هو فارغ؟.
كلنا متهمون.





مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة